ستتحوّل مدينة سوسة (شرق تونس) إلى قبلة القادة الأفارقة والدوليين في مجال الذكاء الاصطناعي في الفترة الممتدة بين الـ17 والـ19 من نوفمبر الجاري، وذلك عبر مؤتمر “الذكاء الاصطناعي العالمي-إفريقيا (جايكا 2025)” لبحث سبل بناء ذكاء اصطناعي شامل وطموح ومتوجّه نحو العالم.
فخلال هذه الأيام الثلاثة، ستصبح سوسة المركز الإفريقي الأبرز للذكاء الاصطناعي، إذ سيحوّل المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في إفريقيا (جايكا 2025) مجمّع “نوفيشن سيتي” إلى منصّة قارية للابتكار والتجارب والشراكات الاستراتيجية.
أهم الأخبار الآن:
وسيجتمع الباحثون وروّاد الأعمال وصنّاع القرار لبناء منظومة ذكاء اصطناعي إفريقية سيادية ومنفتحة، قادرة على تلبية أولويات القارة والتفاعل مع العالم.
ومع أكثر من 6 آلاف مشارك، و200 شركة ناشئة، و130 خبيرا دوليا، و134 متحدثا، يرسّخ (جايكا 2025) موقعه كأكبر ملتقى إفريقي مخصّص للذكاء الاصطناعي، من البحث العلمي إلى الاستثمار، ومن البرمجة إلى التأثير.
ويُنظَّم المؤتمر من قبل “نوفيشن سيتي”، بالشراكة مع “تي بي أم إيفانتس”، وبدعم من صندوق الودائع والأمانات التونسي والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ).
ويجسّد هذا الحدث قناعة راسخة مفادها أنّ إفريقيا لم تعد تتلقّى الثورة التكنولوجية، بل تُسهم في قيادتها.
برنامج في صميم التحديات الإفريقية
وسيقدّم (جايكا 2025) تجربة شاملة في الذكاء الاصطناعي الموجّه لاحتياجات القارّة، في مجالات الصحة، الزراعة، المالية، الصناعة، الحوكمة والتعليم.
وسيقود أكثر من 130 خبيرا دوليا كلمات رئيسية، وحلقات نقاش، ودروسًا متقدّمة (ماستر كلاس)، لربط البحث العلمي بالمؤسّسة الاقتصادية والسياسة العامة.
وستتوزّع الفعاليات على ثلاثة أجنحة رئيسية، وهي: معرض كبار الفاعلين في التكنولوجيا وأحدث الابتكارات العالمية، وفضاء مخصّص للشركات الناشئة الإفريقية الأكثر وعدًا، ومنصة للّقاءات المهنية وبناء الشراكات وربط رواد الأعمال بالمستثمرين.
كما سيُتيح نظام مبتكر لـ”التوفيق المهني” ربطًا مباشرًا بين الشركات الناشئة الإفريقية والمستثمرين العالميين، بما يخلق فرصًا ملموسة للتمويل والتعاون.
وبالتوازي، ستُقام ورشات عمل، وهاكاثونات، ودورات تدريبية تسهم في إعداد الجيل المقبل من المهندسين والمبتكرين وعلماء البيانات في إفريقيا، أي بناة منظومة الذكاء الاصطناعي المستقبلية للقارّة.
الشركات الناشئة.. محرّك التحوّل الرقمي
ويُشدّد القائمون على المؤتمر في ورقتهم التقديمية على أنّ الشركات الناشئة شتكون في صلب رؤية (جايكا)، إذ تجسّد ديناميكية إفريقيا الجديدة التي تصمّم حلولها الذاتية وتفرض حضورها كفاعل تكنولوجي عالمي.
ومن الصحة الرقمية إلى الزراعة الذكية، ومن التكنولوجيا المالية إلى المدن المستدامة، ستأتي هذه الشركات لنسج شراكات مع المستثمرين والخبراء وصنّاع القرار، وتسريع انتقالها إلى مراحل نمو أعلى.
أصوات تلهم وتربط إفريقيا بالعالم
ولأنّ الذكاء الاصطناعي، رغم طابعه التقني، يظلّ مشروعا إنسانيّا، سيمنح (جايكا 2025) الكلمة لشخصيات إفريقية ودولية تسهم اليوم في صياغة مستقبل التكنولوجيا، من بينها: الدكتورة التونسية-البريطانية إسلام رقيق عبر مداخلتها “بناء ذكاء اصطناعي شامل.. من تونس إلى العالم”، ومواطنتها سامية شلبي عبر مداخلتها: “ما بعد الشاشة: كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل العوالم ثلاثية الأبعاد وألعاب الفيديو والخيال الرقمي”، ومن تونس أيضا تُقدّم الدكتورة شيماء الغريبي مختاري المقيمة في فرنسا مداخلاتها حول: “الذكاء الاصطناعي المسؤول و6 جي: من ربط البشر إلى حلّ التحديات العالمية”.
ومن سويسرا يحضر سام خليل عبر مداخلته حول “وكلاء الذكاء الاصطناعي.. هل يصبحون المساوي الأكبر لإفريقيا؟”.
كما يحضر الدكتور آرسين عبد العالي (الكاميرون- بريطانيا)، مستعرضا محاضرته حول “الذكاء الاصطناعي المتجسّد: ربط النية الإنسانية بالفعل المادي”، والدكتور النيجيري أوباداري بيتر أدي عبر مداخلته: “ذكاء اصطناعي جدير بالثقة: بين الحوكمة والمعايير والثقة الرقمية”.
أصوات من إفريقيا وخارجها، تجتمع حول رؤية واحدة: جعل الذكاء الاصطناعي رافعة للتحوّل والعدالة والإشعاع في القارّة السمراء”.
لمحة عن المستقبل.. تحدّي كاميرا الذكاء الاصطناعي
ولأنّ الابتكار في (جايكا) يُعاش كما يُناقش، ستنطلق الأنشطة منذ 15 و16 نوفمبر مع “هاكاثون” تحدّي كاميرا الذكاء الاصطناعي 2025، بتنظيم مشترك بين “أنافيد” و”نوفيشن سيتي”.
وعلى امتداد 24 ساعة، سيخوض 100 طالب في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والهندسة تحديات مستوحاة من الواقع (القطاع البنكي، الخدمات، السياحة)، مع جوائز بقيمة 10 آلاف دينار تونسي (نحو 3.3 آلاف دولار أمريكي).
وسيتمّ الإعلان عن المشاريع الفائزة خلال حفل اختتام (جايكا 2025)، في خطوة تجسّد الانتقال من التكوين إلى الابتكار التطبيقي.
وبذلك يكون (جايكا 2025) -وفق القائمين عليه- أكثر من مجرد منصة، بل بوابة إفريقيا نحو المستقبل، مشدّدين أن المؤتمر “ليس معرضًا للابتكار فحسب، إنما منصّة انطلاق لقارة تمتلك اليوم النضج والمهارات والرؤية لبناء تقنياتها الخاصة والتأثير في التوجهات العالمية الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي”.
ووفقا لموقع “تالنتانديكس”، تحتلّ تونس المرتبة الثانية خلف جنوب إفريقيا، ضمن أفضل عشرة دول إفريقية من حيث الجاهزية والأفضل استعدادا في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتحصّلت تونس -وفق الموقع في ماي الماضي- على درجة إجمالية بلغت 51.8 نقطة من أصل 100، مع أداء عالي ومؤشرات قوية للجاهزية في جميع المجالات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ممّا أهلها إلى المركز الثاني على مستوى القارة.


أضف تعليقا