ثقافة

لأنه سخر من استغلال الأطفال جنسيا… المغرب يسجن كوميديا فرنسيا

تعليق ساخر وثقيل وفي غير محله نتيجته السجن 8 أشهر. القصة جدت أطوارها في المغرب قبل أشهر قليلة، حين سخر الممثل الكوميدي الفرنسي من أصول جزائرية 

إبراهيم بوهلال، من استغلال الأطفال جنسيا في تعليق ثقيل اعتبر “مسيئا للأطفال” فضلا عن نيله من سمعة النساء المغربيات. 

القصة تحولت إلى قضية رأي عام في فرنسا والمغرب، وما تزال تثير السجال الإعلامي والحقوقي، ترجع تفاصيلها إلى شهر أفريل/أبريل الماضي حين انتشر تسجيل فيديو التقطه الممثل الفرنسي الذي عرف بمشاركته في المسلسل الكوميدي الناجح “فاليداي” أثناء وجوده بأحد المطاعم بمدينة مراكش المغربية، صحبةالممثل الجزائري هادي بوشنافة وصانع المحتوى الرقمي سامي طامي.  

الفيديو من تصوير إبراهيم بوهلال يتحدث فيه إلى مرافقيه، تضمن تعليقات وايحاءات وصفت بالمهينة للنساء، فضلا عن تصوير طفلين قاصرين كانا حاضرين وتوجيه نعوت مبتذلة وسوقية إليهما، تلته وصلة من “المزاح السمج والثقيل” التي استغرق فيها رفاقه. 

عاصفة إعلامية وقانونية 

أثار نشر الفيديو على منصة “سناب شات” عاصفة إعلامية غاضبة في المغرب وفرنسا، ما دفع بالممثل الفرنسي للاعتذار ومحاولة الدفاع عن موقفه بالقول إن مضمون التسجيل هو فكاهي ساخر ولا يعكس أي نية في الإساءة، مضيفا “كنت أحاول أن أكون مضحكا، لكنني أعترف أنني أفسدت الأمر تمامًا، أنا أحب هذا البلد وشعبه بشدة”.

احتُجز بوهلال ومرافقه صانع المحتوى سامي تامي في اليوم الموالي من نشر الفيديو من قبل السلطات المغربية على ذمة التحقيقات، حيث أدين بتهمة نشر صور قاصرين دون إذن الوالدين وبث تسجيل مصور لشخص دون موافقتهما، وهي تهم تصل عقوبتها إلى خمس سنوات سجنا بحسب القانون المغربي.  

 يوم 11 أفريل/أبريل الماضي، حكم على الممثل المغربي بالسجن ثمانية أشهر. 

من جانبه استنكر فريق الدفاع عن إبراهيم بوهلال ظروف الاعتقال المؤسفة التي واجهها في زنزانة لا تتجاوز مساحتها 30 مترا مربعا مع عشرات الموقوفين الجنائيين، فضلا عن “الحكم الجائر الذي لم يأخذ في الاعتبار الحق في حرية التعبير” على حد تعبيره.

ووصف أندرا ماتي محامي الممثل الكوميدي الفرنسي الحكم بأنه “تهديد مخيف للغاية لحرية التعبير”، مشيرا أن موكله كان يقصد بالعبارات التي أطلقها في الفيديو “نقد ظاهرة السياحة الجنسية في البلاد بأسلوب ساخر وكوميدي”.

السياحة الجنسية 

 وبينما يخطط المحامي ماتي للتقدم بطلب عفو ملكي لصالح بوهلال في شهر أكتوبر المقبل، ما تزال تداعيات الفيديو تثير غضبا واسعا في الأوساط الحقوقية المغربية وخاصة هيئة المحامين المغاربة التي بادرت بتقديم الشكوى القضائية، إلى جانب جمعيات تعنى بحقوق المرأة والطفل وصفت محتوى التسجيل بأنه تضمن “تصريحات مهينة وغير محترمة للمرأة إلى جانب تعمد الاساءة لشخص ضعيف”. 

وتخوض هذه الجمعيات الحقوقية المغربية منذ سنة 2004 حربا بلا هوادة على ظاهرة السياحة الجنسية، التي أضحت منتشرة في عدد من المدن مثل مراكش وطنجة وأغادير. 

وفي حديث لصحيفة لوموند، كشفت نجاة أنور مسؤولة إحدى الجمعيات المدافعة عن الأطفال، عن استفحال استغلال القاصرين جنسيا من آلاف السياح الذين يزورون المغرب سنويا. 

وتضيف نجاة “يدفع هؤلاء السياح مبالغ مالية هامة للسماسرة الذين يتولون توفير القاصرين لهم مستغلين حاجة العائلات الفقيرة للمال، وهم يعتقدون أن وجودهم في المغرب يتيح لهم الاعتداء على الأطفال والافلات من العقاب، لكن الأوضاع تغيرت في السنوات الماضية”. 

ففي صائفة 2013 أثار العفو الملكي الذي صدر لفائدة متهم اسباني أدين باستغلال عشرات الأطفال جنسيا مظاهرات حاشدة في مدينة الدار البيضاء، ما دفع بالقصر الملكي إلى التراجع عن القرار، ليتفجر الغضب مجددا بعد ذلك بسنوات قليلة على إثر إلقاء القبض على شخص فرنسي بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصرتين مغربيتين، ما أعاد قضية السياحة الجنسية واستغلال الأطفال إفلات من العقاب إلى واجهة النقاش في البلاد.