ما علاقة الناقلة الغارقة بشبكات تهريب النفط الليبي؟


وجدي بن مسعود

بعد ساعات من غرق الناقلة التجارية النفطية “إكسيلو” في خليج قابس جنوب تونس، تناقل ناشطون بيئيون وسياسييون تونسيون معلومات ومعطيات تتعلق بالشبهات التي تحيط بهذه السفينة وحقيقة نشاطها، فضلا عن المعلومات الخاصة عن مسارها البحري، ما قد يكشف عن ارتباطها بإحدى شبكات تهريب النفط الليبي في المتوسط.

المعلومات التي نشرها الناشطون تتعلق بوضعية الناقلة القانونية ورقم تسجيلها والجهات المالكة لها، والتي تثير تساؤلات عن حقيقة مشغليها، إلى جانب التضارب بين خط سيرها المعلن عنه ومسارها الفعلي الذي لم ينطلق من ميناء مدينة دمياط المصرية حسب ما نقلته السلطات التونسية.

شبكات دولية في المتوسط    

وتعتبر شبكات تهريب النفط الليبي التي انتشر نشاطها على نطاق واسع طوال السنوات الماضية، من الملفات المعقدة والشائكة على المستوى السياسي والأمني، وسط ترجيحات ومعلومات تطرقت إليها بعض التقارير الصحفية عن تورط جهات من دول الجوار الليبي في هذه الشبكات، من خلال توفير تسهيلات للسفن والناقلات للعبور عبر المياه الإقليمية ودخول موانئها.

ويشير بعض المراقبين في سياق متصل، إلى أن التحقيق الاستقصائي الذي أنجزته الصحفية المالطية “دافني كاروانا غاليزيا” عن نشاطات هذه الشبكات في حوض المتوسط، قد يكون من بين الأسباب الكامنة وراء مقتلها عبر تفجير  سيارتها سنة 2017.

شبهات ومعطيات متضاربة

وكان النائب مجدي الكرباعي قد نشر على صفحته على فيسبوك معلومات تتعلق بخط سير السفينة اعتمادا على الأقمار الاصطناعية، مبينا أنها قدمت من مالطا ثم صفاقس قبل دخولها خليج قابس جنوب تونس، عكس ما وقع تداوله بشأن خروجها من ميناء دمياط المصري.

كما تطرق الكرباعي إلى وضعية السفينة القانونية المثيرة للشبهات التي كانت تحمل علم غينيا الاستوائية تحت رقم تسجيل “IMO 7618272” الذي تبين أنه يخص سفينة كاميرونية تدعى “MELO” وتتبع شركة تركية.  

وفي تصريح لبوابة تونس طالب الكرباعي السلطات التونسية بإجراء تحقيق للوقوف على حقيقة هذه الناقلة والجهات المشغلة لها، مشيرا إلى أن الفرضية الأقرب هي أن تكون تابعة لإحدى المجموعات التي تقوم بتهريب النفط من ليبيا.

وأوضح عضو مجلس نواب الشعب أن هناك تساؤلات ترتبط بكيفية السماح للناقلة بالدخول إلى ميناء صفاقس، وحصولها على الصيانة والتموين وكذلك تغيير طاقمها دون مراقبة معطياتها والتثبت من وضعيتها، لافتا إلى أن السلطات اليونانية قامت بإيقافها وتفتيشها قبل 15 يوما للاشتباه بوضعيتها.  

وأضاف مجدي الكرباعي: “لا أستبعد الكشف عن جهات تونسية متورطة في التعامل مع هذه الشبكات وتقوم بتوفير التسهيلات لها”.

خط تهريب بحري

 النائب مبروك كورشيد أثار كذلك الشبهات المرتبطة بهذه الناقلة، مشيرا في تصريح لبوابة تونس إلى أن التناقض المتعلق بخط سيرها والذي يفترض أن يكون بعيدا عن السواحل التونسية ووضعيتها القانونية، يجعل من إمكانية تشغيلها ضمن عمليات التهريب البحرية فرضية قائمة.

وقال كورشيد إن الخط البحري الذي تسلكه الناقلة من ليبيا إلى مالطا وصولا إلى جنوة الإيطالية يعتبر خطا تستغله شبكات التهريب منذ سنة 2012، مبينا أن عدة دول تشرف على هذه العملية.

وأضاف كورشيد: “هذه السفينة مشبوهة، فالمالك تركي وكانت ترفع علم غينيا الاستوائية في الوقت نفسه الذي تحمل فيه أوراق ثبوتية خاصة بسفينة كاميرونية، وخط سيرها منحصر في البحر المتوسط وتنقلاتها المعروفة محصورة بين ليبيا ومالطا”.

وأكد مبروك كورشيد أن الرواية المتناقلة عن انطلاقها من دمياط غير صحيحة، وتهدف إلى التمويه عن حقيقة خط سيرها الفعلي الذي انطلق على الأرجح من منطقتي زوارة أو الزاوية في ليبيا.

تونس دولة عبور

كما يتفق الناشط المتخصص في الشأن البيئي حمدي حشاد مع هذه التحليلات، مبينا في تصريح لبوابة تونس أن الشبهات المتعلقة بتورط السفينة “إكسيلو” في عمليات تهريب غير قانونية تقترب من التأكيد.

وقال حمدي حشاد: “هذه السفينة قد تكون جزءا من شبكة كبرى لتهريب النفط، والتي تستغل تونس كدولة عبور بالتعاون بين أمراء الحرب في ليبيا و بعض الجهات في تونس إلى جانب جماعات دولية أخرى”. 

وأشار حمدي إلى تقارير نشرت في وقت سابق عن نشاط هذه الشبكات، إذ قدرت قيمة النفط الذي نهبته من ليبيا وهربته عبر المتوسط بأكثر من مليار دولار.

وأضاف حشاد: “من الممكن أن تكون عملية إغراق السفينة وفق هذه القراءة  مخططا لها، بالنظر إلى الشبهات التي باتت تحيط بها خاصة بعد تفتيشها من جانب السلطات اليونانية، ما يجعل الأمر متعمدا لطمس أية أثار تكشف تزوير معطياتها ورقم تسجيلها، وحقيقة الجهات المشغلة لها”. 

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *