كشفت المخرجة التونسية كوثر بن هنية كواليس فيلمها الأخير “صوت هند رجب”، مؤكّدة أنّ الشعور بالعجز أمام مأساة الطفلة الفلسطينية هند رجب خلال العدوان على غزة كان الشرارة الأولى وراء إنجاز العمل.
وخلال جلسة نقاش حول الفيلم بتونس، قالت بن هنية: “عندما سمعت نداء هند وهي تصرخ: أنقذوني، أنقذوني، شعرت أنّ النداء موجّه إلي، إلينا جميعا.. لم يستطع أحد إنقاذها، فقرّرت أن أستخدم السينما أداة مقاومة، حتى يصل صوتها إلى العالم”.
أهم الأخبار الآن:
وأضافت المخرجة التونسية: “لم يكن هذا المشروع مخطّطا له، ولو كان بيدي لاخترت أن تبقى هند حيّة. لكن بما أنّ المأساة وقعت، كان واجبي الإنساني والفني أن أروي قصتها”.
مأساة حقيقية بعين تونسية
ويُعيد الفيلم، المستوحى من قصة حقيقية، رسم اللحظات الأخيرة في حياة هند رجب (5 سنوات)، التي فقدت حياتها تحت القصف “الإسرائيلي” بعد أن ناشدت العالم عبر الهاتف لساعات دون مجيب.
وعُرض الفيلم ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية السينمائي الدولي، حيث حظي بتفاعل استثنائي وتصفيق متواصل لأكثر من عشرين دقيقة، تُوّج بعدها بجائزة لجنة التحكيم الكبرى إلى جانب جوائز موازية أخرى.
وتعليقا على هذا التتويج، قالت بن هنية: “ما حدث فاق كل توقّعاتي.. التصفيق، تفاعل النقاد، الصحافة.. منحني إحساسا بأنّ صوت هند وصل فعلا. كان هذا هدفي الأول”.
واعتبرت كوثر بن هنية أنّ هذا العمل شكّل نقطة تحوّل في مسيرتها: “كل فيلم هو رحلة اكتشاف جديدة، لكن “صوت هند رجب” أعاد إليّ الإيمان بالسينما وسيلة للمقاومة والتأثير.. شعرت بأنّ الفن ما زال قادرا على تحريك الضمائر”.
من فلسطين مرورا بتونس وصولا إلى الأوسكار
وفي أواخر أوت الماضي، قرّرت اللجنة المجتمعة تحت إشراف المركز الوطني للسينما والصورة ترشيح فيلم “صوت هند رجب” لتمثيل تونس في فئة أفضل فيلم عالمي ضمن الدورة الـ98 لحفل توزيع جوائز الأوسكار، الذي سينتظم يوم 15 مارس 2026 في مدينة لوس أنجلس الأمريكية.
وكوثر بن هنية، وُلدت في سيدي بوزيد ودرست الإخراج السينمائي في معهد الفنون والسينما في تونس العاصمة وفي جامعة “لا فيميس” في باريس التي درست فيها أيضا كتابة السيناريو منذ 2005.
أخرجت في 2006 أول فيلم قصير لها بعنوان “أنا وأختي والشيء”، وفي 2010 الفيلم الوثائقي “الأئمة يذهبون إلى المدرسة”.
وشارك شريطها القصير “يد اللوح” في العديد من المهرجانات السينمائية وفاز بأكثر من عشر جوائز.
كما أخرجت شريطا طويلا بعنوان “شلّاط تونس”، وعُرض فيلمها “على كف عفريت” في قسم جائزة “نظرة ما” في مهرجان كان السينمائي سنة 2017.
ونالت عن فيلمها الروائي الوثائقي “زينب تكره الثلج” التانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية في 2016.
وتنتمي بن هنية إلى جيل السينمائيين التونسيين الشبّان الذين نقلوا إلى الشاشة الكبيرة قضايا مجتمعية وسياسية كانت تخضع للرقابة المشدّدة قبل ثورة 2011، وقدّمت طرحا جريئا، مُساهمةً في ظهور “سينما جديدة”.
وضعت بن هنية اسمها ضمن قائمة من المخرجات العرب اللائي نجحن في إثبات أنفسهنّ بالمحافل السينمائية الدولية، ما دعا موقع “إي أم دي بي” المتخصّص في السينما إلى وصفها بالمخرجة الاستثنائية البارعة التي يحظى عملها الرائد بإشادة دولية.
وتُعدّ كوثر بن هنية أول مخرجة عربية تصل 3 مرات إلى جوائز الأوسكار، بـ“الرجل الذي باع ظهره” 2021، و”بنات ألفة” 2024، وأخيرا “صوت هند رجب” 2026.
وهو الرقم ذاته الذي سبق أن وصل إليه المخرج الجزائري رشيد بوشارب بـ3 ترشيحات عن أفلامه “غبار الحياة، “أنديجان” (بلديون)، و”خارجون عن القانون”.
وكانت السينما التونسية بلغت للمرّة الأولى في تاريخها القائمة النهائية لجوائز الأوسكار خلال دورتها الـ92 عام 2020، من خلال الفيلم الروائي القصير “إخوان” للمخرجة مريم جوبار.


أضف تعليقا