أُعلن رسميا عن الإغلاق النهائي لقاعة “سيني جميل” بالمنزه السادس، إحدى أبرز القاعات السينمائية التي شكّلت جزءا من الذاكرة الثقافية التونسية لعقود.
وجاء في التدوينة الوداعية التي تمّ نشرها على الصفحة الرسمية لقاعة السينما على فيسبوك: “تُغلق سينما جميل بالمنزه 6 أبوابها نهائيّا. صفحة تطوى، محمّلة بالمشاعر والذكريات.. أفلام، ضحكات، نقاشات ولقاءات، وقبل كل شيء لحظات لا تُنسى عشناها معكم. شكرًا لجمهورنا الوفي، ولأصدقائنا من عشّاق السينما والثقافة. سينما جميل لم تعد موجودة ماديًا، لكن روحها ستظل تلمع في قلوب من أحبوها”.
أهم الأخبار الآن:
ورغم توقف نشاطها بشكل دائم، فإنّ سينما “جميل” ستبقى راسخة في الذاكرة التونسية كفضاء لعب دورا رائدا في نشر الثقافة السينمائية ودعم الإنتاجات المحلية والعروض البديلة، وكانت منصة للقاء الفنانين والجمهور ومحبي الفن السابع.
عد تنازلي مفزع
وبإغلاق قاعة “سيني جميل” بالمنزه السادس، انحصر نشاط قاعات السينما في تونس، حاليا، على 12 دار عرض سينمائية فقط، بعد أن كانت 114 قاعة عام 1970، لتتقلّص إلى 48 قاعة عام 1999، فـ18 قاعة عام 2010، فـ13 قاعة عام 2024، وفق المعهد الوطني للإحصاء.
أكثر من مئة قاعة سينما أغلقت أبوابها منذ الثمانينات، سواء بالعاصمة أو ببعض الولايات كقاعات صفاقس (وسط) أبرزها: “الروايال” التي شيّدت مع بداية عشرينات القرن الماضي، فـ”المونديال”، و”الكوليزي”، وسينما “راكس”، و”الهلال”، و”النور”، و”الماجستيك”، وقاعتَي “بغداد” و”الكوكب”، وسينما “الأطلس”، وآخرها المسرح البلدي، وكلّها اندثرت اليوم.
كما أغلقت قاعتَي “فوكس” و”النجمة” بسوسة (شرق)، و”الصحراء” بتوزر (جنوب غرب)، و”الكازينو” بجندوبة (شمال غرب)، وقاعات “الشونزيليزي”، و”أفريكار”، و”القدس”، و”ستوديو 38″، و”الأفراح” بالعاصمة تونس.
فيما تحوّلت قاعات أخرى إلى فضاءات تجارية على غرار قاعة سينما “البلماريوم” التي تحوّلت إلى مركز تجاري، وقاعة “الكابتول” التي تحوّلت إلى متجر للملابس العالمية، “زارا”.
وتحوّلت قاعة “سيني سوار” إلى محل للملابس المستعملة وقاعة “سيني فوكس” في باردو (أحواز العاصمة) إلى قاعة أفراح.
إضافة إلى قاعة “الماجستيك” بالكاف (شمال غرب) التي أصبحت قاعة ألعاب، وكل من قاعتَي “الكازينو” و”باريس” ببنزرت (شمال شرق) اللتين تحوّلتا إلى محل تجاري ومطعم على الترتيب.
للعزوف أسباب اقتصادية
ولهذا التراجع أسباب اقتصادية وأخرى سياسية، عجّلت بإغلاق قاعات السينما، فالخواص اضطرّوا إلى الانسحاب من المشهد بسبب ارتفاع الضرائب وتراجع سعر الدينار، وهو ما جعل أسعار الأفلام المستوردة تتضاعف مقابل تراجع الإقبال الجماهيري على قاعات السينما، باستثناء مهرجان أيام قرطاج السينمائية، المهرجان العربي والإفريقي الأعرق في المنطقة (تأسّس عام 1966)، والذي ظلّ إلى اليوم موعدا لا محيد عنه لدى عموم التونسيين وعشاق الفن السابع.
كما ساهم انتشار الفيديو في بداية الثمانينات، ثم أجهزة “الدي في دي” (الأقراص الليزرية)، والكمبيوتر، فالإنترت، وأخيرا المنصات عل غرار “نتفليكس” و”شاهد” في عزوف الجماهير عن قاعات السينما بعد أن أصبح بالإمكان الحصول على أحدث الأفلام بأقلّ الأثمان ودون عناء.


أضف تعليقا