“غزة عاصمة حماس”.. سقطة مهنية مدوية لموقع الشرق الأوسط 

عنوان صحيفة الشرق الأوسط يثير الجدل

لم يعد الحديث عن فضيحة مهنية أو وصلة أكاذيب وتشويه تتداعى إليها وسائل الإعلام السعودية مجديا، كلما تعلق الحدث بالمقاومة، والحديث عن حرب الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة.

سجل “السوابق الصحفية” للإعلام السعودي، يحفل بخطاب وخط تحريري يكرس احتفاء ضمنيا بانجازات الاحتلال، وجرائمه التي يقترفها بحق المدنيين الفلسطينيين، وتدميره الممنهج  للقطاع، منذ الـ 7 من أكتوبر 2023.

لا تكاد وسائل الإعلام السعودية تكتم عدائها المطلق وكراهيتها المسعورة لفصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، فلا يحول بينها إلا بعض الحياء الذي تفرضه الشكليات المهنية والبروتوكولات الدبلوماسية والسياسية.

على سنة العربية و”الإم بي سي”

“زلات” صحفية متواترة، توالي مضامينها النيل من المقاومة، وضربها، وترويج المعلومات المظللة والإشاعات عنها، ما يؤكد نزعتها القصدية بعيدا عن التبريرات الواهية السخيفة، والحديث عن “الأخطاء غير المقصودة والاجتهادات الفردية”.

على النهج الإعلامي ذاته الذي استنته كل من “الآم بي سي” وربيبتها قناة “العربية”، ولغت صحيفة “الشرق الأوسط”، في التشفي والنكاية تجاه مأساة العصر التي يشهدها القطاع، وإبداء الاحتفاء بمشهد توغل دبابات الميركافا وسط مدينة غزة، جاعلة منه عنوانها الرئيسي على صفحتها الأولى على موقعها الإلكتروني.

العنوان الذي اختارته الصحيفة المملوكة لجهات مقربة من الأسرة السعودية الحاكمة، والتي تصدر بالعاصمة البريطانية لندن، يترجم بوضوح لا يقبل التأويل، مسعى خبيثا لتوثيق الاجتياح “الإسرائيلي” لما تبقى من قطاع غزة، وإخراجه في صورة الإعلان عن تصفية حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ووأدها نهائيا.

دعاية مستفزة

اتشحت صفحة “المقال الفضيحة” على الموقع، بصورة كبيرة الحجم لرتل من دبابات الميركافا داخل قطاع غزة، يحيط بها جنود الاحتلال، في مشهد يحاول خلق انطباع بالظفر والنصر المؤزر الذي حققه “الجيش الذي لا يقهر”، وفق الدعاية التي طالما روجها الكيان.

العنوان لم يقل استفزازا ودعاية رخيصة للكيان، وتشويها متعمدا مكذوبا للمقاومة ومدينة غزة التي حولها المقال إلى عاصمة لحماس.

عنوان المقال الذي جاء كالتالي: “إسرائيل تبدأ اجتياح عاصمة حماس وتساوم على الرهائن وتسليم السلاح”، لم يك ببساطة سوى ترجمة لموقف النظام السعودي من المقاومة الفلسطينية، والدور الذي يضطلع به إقليميا في تجسيد أجندات الاحتلال على المستوى السياسي.

لم يمر العنوان المستفز، بما يكرسه من ترويج مقنع لرواية الاحتلال وانزياح عن أبسط  المعايير الصحفية، دونما جدل وردود فعل. ما دفع إدارة الصحيفة السعودية، إلى محاولة امتصاصها والتخفيف من وطأتها بتغييره على الموقع الإلكتروني إلى صيغة أكثر اعتدالا.

يكشف المقال عن أكثر من مجرد سقطة مهنية وأخلاقية، من جريدة خلعت على نفسها صفة “صحيفة العرب الأولى”، حيث يعكس أسلوبه ومضمونه حماسا منقطع النظير تجاه اجتياح الاحتلال لما تبقى من القطاع، حتى لتكاد تطالعك الأسطر وهي تدندن طربا من فرط مشاعر “الاستمناء التحريري”.

مثل هذه المواقف المقرفة ليست جديدة عن الإعلام السعودي، والذي يكتفي في كل مرة بمحاولة مداراة عوراته تجاه فلسطين أمام الرأي العام العربي، بعد أن تناله موجة من الهجمات والانتقاد نتيجة تعريضه بالمقاومة، ومحاولة تشويهها والإساءة إلى رموزها وشهدائها ووصمهم بالإرهاب.

مستوى الصفاقة التي جسدها عنوان “الشرق الأوسط”، ليست الأولى من نوعها وقطعا لن تكون الأخيرة، ومن يدري فقد يأتي علينا زمن يخرج فيه محررو الصحيفة بعنوان “إسرئيل عندنا..أهلا وسهلا”.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *