اقتصاد تونس

رويترز تشير إلى انزلاق الاقتصاد التونسي


تعاني تونس من ارتفاع الأسعار والتضخم وتدهور مستوى معيشة المواطنين بسبب الأزمة الاقتصادية المتزامنة مع أزمة سياسية حادة وذلك في وقت يشترط فيه صندوق النقد الدولي تنفيذ إصلاحات هيكلية يرى فيها المعارضون وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل أنّها قد تقود إلى “انفجار اجتماعي”.

وفي تقرير لـ”رويترز” بعنوان: “مؤشرات على انزلاق الاقتصاد التونسي إلى أزمة”، أشارت الوكالة إلى أنّ المالية العمومية (العامة) تتعرض لضغوط كبيرة كما تعرف الأسعار ارتفاعا حادا بما يشكل تحديا اقتصاديا ضخما للرئيس قيس سعيد الذي يعتزم تغيير النظام السياسي عبر استفتاء في الدستور يجرى يوم الإثنين 25 جويلية/يوليو.    

استنزاف المالية العمومية

أوضح التقرير، أنّ الضغوط التي تتعرض لها المالية العامة في تونس أدت إلى التأخر في صرف رواتب الموظفين الحكوميين ومشكلات في دفع ثمن واردات القمح، مشيرا إلى أن محافظ البنك المركزي مروان العباسي قال في وقت سابق إنه من المتوقع اتساع عجز الموازنة إلى 9.7 % من الناتج الإجمالي المحلي هذا العام مقابل توقعات سابقة بأن تبلغ النسبة 6.7 %.

وحسب العباسي فإنّ العجز يرجع إلى تزايد قوة الدولار والارتفاع الحاد في أسعار الحبوب والطاقة وتبعات الحرب الأوكرانية التي أوجدت احتياجات تمويلية إضافية حجمها 1.6 مليار دولار.

وتعاني تونس من تأثيرات تعطل إمدادات الحبوب بسبب الحرب الأوكرانية، إذ تستورد البلاد 60% من القمح اللين و66 % من الشعير من روسيا وأوكرانيا، حسب البنك الدولي.

وتعيش المالية العمومية في تونس أزمة عميقة وهي مستنزفة جراء ارتفاع كتلة أجور القطاع العام (من بين الأعلى في العالم) مقارنة بالوضع الاقتصادي وبسبب الإنفاق الكبير على واردات الطاقة ودعم الغذاء.

وأكّدت الوكالة أنّ الضغوطات زادت في الآونة الأخيرة بسبب تراجع قيمة الدينار التونسي الذي وصل إلى حدود 3.18 دولارا في انخفاض نسبته 13.2% حتى 14 جويلية/يوليو عن مستواه قبل عام.

وفي سياق متصل، أوضح التقرير أنّ الحكومة التونسية تراهن على تجاوز الأزمة من خلال تحصيل قرض من صندوق النقد الدولي قيمته أربعة مليارات دولار مقابل تجميد رواتب القطاع العام وتوظيف عاملين جدد فيه وخفض دعم الغذاء والطاقة، لكن هذه الخطوة تصطدم برفض اتحاد الشغل التونسي لتلك الإجراءات.

مخاطر الديون

وترتفع المخاوف، حسب الوكالة، من أن يصبح الدين العام في تونس غير مستدام في حال عدم تفعيل الإصلاحات الهيكلية القادرة على معالجة مكامن الأزمة. ووفقا لميزانية الدولة لعام 2022، فمن المتوقع أن يبلغ الدين العام ما يقرب من 114.14 مليار دينار (40 مليار دولار)، بما يشكل 82.6% من الناتج الإجمالي المحلي بزيادة نسبتها 81% عن 2021.

وأشار التقرير إلى قلق المستثمرين من ارتفاع فوارق عائدات السندات التونسية ومن احتلال البلاد أحد المراكز الثلاثة الأولى في قائمة “مورغان ستانلي” للدول التي من المرجح أن تتخلف عن سداد ديونها إلى جانب أوكرانيا والسلفادور.

ومن المقرر أن يحل أجل استحقاق ما قيمته ثلاثة مليارات دولار تقريبا من الدين بالعملات الأجنبية بين عامي 2024 و2027، في وقت تأمل فيه الحكومة التي لا يمكنها الوصول إلى الأسواق العالمية، أن يفتح اتفاق مع صندوق النقد الدولي الباب أمام دعم مالي أوسع نطاقا.

التضخم والفقر

تقرير “رويترز” أورد أيضا أنّ معدل التضخم السنوي في تونس وصل إلى سلسلة من المستويات القياسية هذا العام ولامس 8.2% في جوان/يونيو، ما دفع الحكومة إلى رفع أسعار البنزين ثلاث مرات، فيما احتج الفلاحون في عدة مناطق على ارتفاع تكلفة علف الحيوانات، وذلك بعد أن أعلنت الحكومة أنها سترفع أسعار أغذية منها الحليب والبيض والدواجن.

وكشفت الوكالة أنّ الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد أثرت بشكل مباشر على المواطنين بسبب بطء النمو وارتفاع معدلات البطالة التي وصلت حسب البنك الدولي إلى 18.4%.

 وأورد التقرير، تصريحات لوزير الشؤون الاجتماعية أكّد فيها أنّ عدد الأسر الفقيرة زاد من 310 آلاف في 2010 التي بدأت فيها الانتفاضة المطالبة بالديمقراطية إلى أكثر من 960 ألفا اليوم، مضيفا أن ما يقرب من ستة ملايين تونسي، أو نصف سكان البلاد، تحت خط الفقر.