تونس

بعد اتهامه قاضية بالزنا… الرأي العام يطالب بمساءلة قيس سعيد


لم يتوقف قرار الرئيس قيس سعيّد مساء يوم 1 جوان/ يوينو الجاري عند إقالة 57 قاضيا كإجراء قانوني، بل أصبح الأمر محور جدل وقضية رأي عام بعد أن اتهم الرئيس قاضية بالزنا وأقالها بموجب تهمة وجهها إليها أثناء الحديث عن “مخالفات” القضاة المشمولين بالإقالة مساء الثلاثاء 1 جوان/ يونيو.

تنديد واسع

التشهير بالقاضية أمر لم يرق لمختلف الشخصيات الوطنية والمنظمات المدنية في تونس، فأصدرت عشرات المنظمات بيانًا الإثنين 6 جوان/ يونيو، نددت فيه بتصريحات الرئيس ضد القاضية خيرة بن خليفة واعتبرته اعتداءً خطيرا على الحياة الخاصة للنساء وانتهاكًا صارخا لكرامة المرأة، وفق نص البيان.

وأضاف البيان أن صدور خطاب الوصم الاجتماعي والأخلاقي عن أعلى مؤسسة في الدولة يعد مؤشرا خطيرا يدل على تعفن الحياة السياسية في البلاد، ومن شأنه أن يعزز عزوف النساء عن النشاط السياسي.

وقالت المنظمات الممضية على البيان إن “تداول وثائق رسمية على صفحات فيسبوك مؤشر سلبي يعكس ضعف أجهزة الدولة واختراقها وانتهاك حقوق المتقاضين وسرية المعطيات الشخصية”.

كما طالبت المنظمات الوطنية الرئيس قيس سعيّد بتقديم اعتذار رسمي إلى القاضية المتضررة وإلى كافة النساء التونسيات اللاتي تكررت الاعتداءات في حقهن.

ومن بين المنظمات التي عبرت عن صدمتها من تصريح الرئيس، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ونقابة الصحفيين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الأورومتوسطية للحقوق.

الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية دعت في بيان لها اليوم الرئيس قيس سعيد إلى عدم استعمال الحياة الخاصة لتصفية الخصوم وقالت إن مثل هذه الأساليب تذكر المجتمع التونسي بممارسات نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وفق نص البيان.

رئيس حزب العمال حمة الهمامي علق على الموضوع وقال إن ما جاء على لسان الرئيس في ما يخص القاضية غير مقبول ومؤلم ووصفه بخطاب تأليب ضد فئة رئيسية في المجتمع.

القاضية ترد على الرئيس

بعد إقحام اسمها في قضية أخلاقية واتهامها بالزنا من قبل الرئيس وتداول وثائق على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن إجرائها اختبارات طبية لإثبات عذريتها، ظهرت القاضية خيرة بن خليفة للإعلام لترد على الاتهامات وتوضح تفاصيل القصة.

وقالت القاضية إنها ذهبت ضحية حملة تشويه وهرسلة انطلقت على مواقع التواصل منذ 25 جويلية/يوليو عام 2021، بمؤامرة من عاتقة شبيل شقيقة زوجة رئيس الدولة قيس سعيد، بسبب مخالفتها القانون في إحدى القضايا .

وأوضحت القاضية أن شقيقة زوجة الرئيس عملت على عزلها وقد حصل ذلك بقرار من الرئيس ولم تتوقف عند ذلك الحد بل واصلت تشويه سمعتها بنشر معطيات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفق قولها.

وقالت القاضية خيرة بن خليفة إنها تعرضت لمؤامرة دُبرت لها من أجل الإيقاع بها، حين داهمت وحدات الأمن منزلها عندما كانت رفقة شخص مريض في وضع عادي وليس هناك أي دليل على تجاوز أخلاقي.

وأضافت أنها تعرضت لضغوطات من أجل إجراء اختبار طبي لإثبات براءتها من جريمة الزنا الموجهة إليها. واعتبرت القاضية أن ما حصل لها من هرسلة دمّر عائلتها وهي مستعدة للدفاع عن نفسها حتى الرمق الأخير من أجل الرد على كل من طعن في شخصها.

مساءلة الرئيس

وتعليقا على صدور هذا التصريح عن الرئيس قيس سعيّد قالت الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة روضة القرافي، في تصريح لبوابة تونس إن الرئيس استعمل ملف القاضية لاستضعافها. 

وأضافت القرافي متسائلة: “من يعيد الاعتبار لهذه السيدة إذا كانت قد لحقتها الإهانة من أعلى سلطة في الدولة؟”.

وأشارت إلى أن ما أقدم عليه الرئيس سعيّد موجب لمساءلته حتى تستعيد القاضية المعنية بالأمر حقوقها، وفق قولها.

الأستاذة في القانون هناء بن عبادة، علقت على الموضوع أيضا وقالت إن عرض الملفات والوثائق والتقارير الطبية الخاصة بالقاضية فيه مساس بكرامتها ومعطياتها الشخصية، مشيرة إلى مسألة اعتبرتها في غاية الخطورة وهي أن يصبح المجتمع يتغذى على خصوصيات الأفراد، لاسيما النساء منهم.