صابر بن عامر
الموسيقى التونسية ليست مجرد تراث فني، بل ذاكرة جماعية تختزن طبقاتٍ من التاريخ، الجغرافيا، والسياسة.
من الشمال الساحلي حيث تمتزج نسمات البحر برنين العود، إلى الجنوب الصحراوي حيث يعلو صوت الطبول في ليالي دوز وتطاوين، تمتدّ تونس كآلة وتريّة كبرى، كل منطقة فيها تُشكّل وترًا من أوتار هذا الكيان الموسيقي المتنوّع.
أهم الأخبار الآن:
لذلك حين نقول “الموسيقى التونسية”، لا نعني جنسًا موسيقيًا واحدًا، بل شبكة أصوات تُعبّر عن هوية بلدٍ عرف الهجرة والاندماج والاختلاف، وجعل من تنوّعه لحنًا وطنيًا متعدّد الطبقات.
شمالا.. موسيقى “حضرية” مؤسّسة
في الشمال، تتجلى الموسيقى في صورتها الأكثر “حضرية” و”مؤسّسة”، ممثلة في المالوف الذي استقر في أحياء تونس العتيقة، من حلق الوادي إلى المدينة العتيقة.
المالوف (تصغيرا) أو المألوف (اصطلاحا وتضخيما)، الذي ورث عن الأندلسيين أصوله المقامية، هو موسيقى الذاكرة الأنيقة؛ تصدح بها جوقات الرشيدية، ويقودها العود والقانون والكمان والدفّ بإيقاعات دقيقة، كأنها خيط حريري بين الماضي والأناقة الحضرية.
في هذه الموسيقى، يُختزل حضور الطبقة المثقفة، وذوق المدن الساحلية التي كانت منفتحة على المتوسط وعلى أوروبا.
والمالوف بقسميه الدنيوي والديني المتصل بمدائح الطرق الصوفية، لا يتقيّد في الصياغة بالأوزان والقوافي، ممّا سرّع استقراره في الجزائر، وتونس، وليبيا.
إنّ المألوف رمز الانسجام بين الهوية المحلية والتأثيرات العابرة للبحر، ودليل على أنّ التونسي في الشمال عاش دائمًا عند تقاطع العوالم: عربي وأندلسي، شرقي وغربي، محافظ ومُتجدّد.
ألحان الوسط التونسي أكثر مباشرة وأقلّ تزيينا
لكن كلّما ابتعدنا عن البحر، تبدأ الإيقاعات تتبدّل.. ففي الوسط التونسي، حيث الحقول والقرى، يُصبح اللحن أكثر مباشرة، أقلّ تزيينًا، وأكثر قربًا من الجسد.
هنا يُسمع صوت المِزْوَد، آلة نفخية شعبية تُصنع من جلد الماعز، ترافقها الطبول والدربوكة، ويعلو صوت المغني ليحكي عن الحب والفقر والفرح والحنين.
المزود موسيقى العرق اليومي، موسيقى الأعراس والمواسم، موسيقى الطبقات الشعبية التي لا تملك مسارح ولكنها تملك الساحات والبيوت.
اللحن فيها لا يتقيّد بالمقام الكلاسيكي، بل ينطلق كما ينطلق الفرح من زقاقٍ ضيقٍ في قرية صغيرة.
في هذا النمط الموسيقي، تختفي المسافة بين العازف والمستمع، فالجميع يشارك في الغناء والرقص.
رمزيًا، المزود هو موسيقى الرفض بقدر ما هو موسيقى الفرح: رفض التهميش، رفض الصمت، وإصرار على أن تكون الهوية الشعبية حاضرة في المجال العام.
إنه تمردٌ موسيقي ناعم على احتكار “النخبة” للموسيقى الرسمية.
ومن الوسط التونسي اكتسح المزود الشمال والحاضرة، معبّرا عن أوجاع المهمشين والمرفوضين، عبر نوع من الغناء يُصطلح على تسميته بـ”الزندالي”، والذي يُمكن اعتباره ترنيمات السجون التونسية.
وهكاذا انطلق الزندالي من الغرف المغلقة والأسوار محكمة الإقفال ليصبح من أناشيد العامة في أفراحهم وجلساتهم الحميمية، وهم أحرار خارج قضبان السجون؟
الزندالي.. مآثر سجنية مُغناة
وعن الزندالي يقول الصحفي التونسي المختصّ في الشأن الثقافي عبدالجليل السمراني لبوابة تونس: “الزندالي هو المآثر السجنية التي تصبح مُغناة، وأطلقت حصرا على الفن الشعبي متجسّدة في المزود، ويعود أصل التسمية إلى المصطلح التركي “الزندال” وهو الحبس الانفرادي، أي” الزنزانة”.
ولعلّ أشهر السجون التونسية التي التصق بها هذا اللون الغنائي هو سجن الكراكة بحلق الوادي الذي كان يضمّ أخطر النزلاء.
ولا تقتصر أغاني الزندال على الفن الشعبي بل تعدّته إلى الوتري مثل أغنية “يا فاطمة بعد النكد والغصة” التي عرف بها الشيخ العفريت.
ويسترسل السمراني: “أما عن الأشهر شعبيا فهي أغنية “ميقودة” التي أدّاها كل من الهادي حبوبة وصالح الفرزيط واشتهر بها هذا الأخير.
ويختلف المختصّون في الفن بشأن نسبها من حيث النظم، لكنها حُصرت أساسا في كل من قويدر النيغاوي والعربي الوشتاتي.
لكن ما هو مُتعارف عليه أنّ نزلاء السجون يتداولون في ما بينهم أبياتا مختلفة قد تكون على الوزن ذاته، فهذه الأغنية الشهيرة تتكوّن من 176 بيتا وفق عدة مختصين”.
جنوبا.. أغان صحراوية متجذّرة في العمق الإفريقي
وفي أقصى الجنوب، حيث تبدأ الرمال وتذوب الطرق في الأفق، تتغيّر الصورة تمامًا. هنا تُولد موسيقى السطامبلي والأغاني الصحراوية الأمازيغية، حيث الطقوس الروحية تمتزج بالإيقاع الإفريقي والبدوي.
السطامبلي، الذي جاء من الذاكرة الإفريقية للعبيد المحرَّرين، ليس مجرد موسيقى، بل طقس للشفاء وللتطهير الروحي. أصوات الطبول المعدنية (الشقاشق)، وترديد الأذكار الصوفية الممزوجة بالنغم الإفريقي، تخلق حالة من الغيبوبة الجماعية، كأنّ الصوت هنا يعبر حدود الجسد ليلامس الغيب.
والرمز في السطامبلي مزدوج: من جهة هو استعادة لكرامة الهامش الإفريقي المنسيّ، ومن جهة أخرى هو تذكير بأنّ تونس ليست فقط عربية أو متوسطية، بل إفريقية الجذر والإيقاع.
أما الأغاني الصحراوية، فهي أكثر ارتباطًا بالفضاء الطبيعي -الصحراء ليست صامتة كما يظنّ البعض، بل تعزف لحنها عبر الريح والرمل والخطوات- القصبة (الناي الطويل المصنوع من القصب) تصدح بميلانٍ بسيطٍ بين نغمة وأخرى، في حين تضرب الطبول بإيقاع بطيء يتبع نبض الرحيل والعودة. هذه الموسيقى لا تُؤدّى داخل جدران، بل في الهواء الطلق، في المواسم، في ليالي البدو حول النار.
رمزيًا، موسيقى الجنوب هي موسيقى الحرية والانتماء إلى الفضاء، موسيقى اللاحدود، وهي تذكّر بأنّ الإنسان ابن الأرض قبل أن يكون ابن المدينة.
“طوايف غبنتن”.. غناء بنكهة إفريقية وصل مداه العالمية
وهنا يحضر على سبيل الذكر لا الحصر أهازيج “طوايف غبنتن”، وهو غناء تونسي بنكهة إفريقية وصل مداه العالمية بعد إدراجه رسميا في 2024 في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية لليونسكو.
فنون العرض لدى “طوايف غبنتن” من سيدي مخلوف بولاية مدنين (جنوب شرق تونس)، لها أكثر من رمزية وتاريخ، حيث يعود أصل التسمية “الطوايف” إلى الفرق الفنية “الطوافة” بطبولها حول مدن المنطقة والقرى التي يحرص أبناؤها على دعوتها إلى إحياء حفلات الأعراس والمناسبات الرسمية.
وجاء لفظ “غبنتن” من اسم القبيلة التي تحمل الاسم ذاته، وتقيم تاريخيا في منطقتَي القصبة ومقر بولاية مدنين الحدودية مع ليبيا.
وتعتبر الفرق مؤشرا على التنوّع الإثني في تونس، فأصولها ترجع إلى دول إفريقيا جنوب الصحراء.
ووفق موقع أصوات مغاربية توجد سبع “طوايف” تنشط بشكل فعلي في تونس حاليا، أبرزها: “طايفة مبارك التومي”، و”طايفة محمد تليش”، و”طايفة الحبيب التومي” وغيرها.
ووفقا لوثيقة أصدرها المعهد الوطني للتراث، تضمّ كل طائفة من 7 إلى 11 شخصا يتقدّمهم رئيس الطائفة ويسمّى “الرايس” يأتي بعده “البرّاح” ثم بقية العناصر.
ويستحوذ “الرايس” على مهمة نظم الأشعار التي يتمّ تأديتها، فضلا عن تنظيم أدوار مجموعته، من ذلك إقامة التدريبات على حفظ الأغاني الجديدة، وهي عملية تنطلق غالبا في فصل الربيع استعدادا لموسم الأعراس خلال الصيف.
ويُقسّم قائد “الطايفة” مجموعته إلى صفين، يسمّى الأول “الجرّادة”، وتسند إليه مهمة ترديد الأغاني التي نظمها “الرايس”، فيما يكتفي أفراد الصف الثاني، ويطلق عليهم اسم “الردّادة” بترديد مطالع القصيدة فحسب.
ويحرص أبناء ولاية مدنين، أيضا، على دعوة “الطوايف” إلى إحياء مناسباتهم الدينية تمسّكا بعادات الأجداد.
ويُعدّ لباس “الطوايف” أحد أبرز الخصائص التي تميّزهم عن بقية فرق الفنون الشعبية، إذ يضمّ القميص والجبة والسروال والعمامة والجوارب والشاش، وكلها بيضاء اللون، باستثناء الشاشية ومنديل الرقبة، بلونهما الأحمر.
ولا تحتاج الطوايف في عروضها الفنية إلى عدد كبير من الآلات الموسيقية، فاعتمادها الأساسي يكون على “أصوات جهورية” و”الطبل وعصا النقر”.
وتُسمي فرق الطوايف الطبل بـ”الشنة”، وعادة ما يكون مصنوعا من جلد الإبل القادر على تحمل ضربات العصا التي تصنع من شجرة “السدر”.
وللطوايف طقوس خاصة في إحياء حفلات الزفاف، إذ يسبق العنصر المكلف بضرب الطبل إلى ساحة العرس موجّها الدعوة إلى الحاضرين بضربات معلومة معانيها عند أبناء المنطقة.
وعادة ما تُفتتح الحفلات التي تحييها “الطوايف” بـ”رميان” والد العريس الذي يسمّى محليا بـ”السلطان”، وهو إعلان رسمي عن بدء مراسم الحفل يتمّ فيه الترحيب بالحضور.
ثم تنطلق الطائفة بإلقاء أناشيدها وأشعارها الجديدة وسط تفاعلات واسعة من الحضور، وتتخلّل هذه الفقرات الإنشادية وقفات لـ”التبريح”.
ويتكفّل “البراح” بهذه الفقرات، إذ يعمد إلى الإشادة بأسماء من يغدقون على الفرقة بالعطايا المادية والإكراميات، وتسمّى هذه الفقرة بـ”السفران” في بعض المناطق و”التبريح” في جهات أخرى.
وتتنوّع القضايا التي تضعها “الطوايف” ضمن محاور اهتماماتها الغنائية، فتكون منطلقا للأشعار والأغاني الجديدة، لكن أغلبها يتعلّق بمشاغل يومية للمجتمعات المحلية، أبرزها: الهجرة غير النظامية، في ظل مغادرة الآلاف من شبان المحافظات الجنوبية للبلاد نحو أوروبا عبر “قوارب الموت”. كما تندّد بعض أغانيهم بغلاء المعيشة، وارتفاع معدلات الفقر، وتفشّي الفساد، سيما غداة ثروة 2011.
من الشمال إلى الجنوب.. تنوّع جُغرافي موسيقي غنيّ
الطريف أنّ هذا التنوّع الجغرافي الموسيقي بين شمال تونس ووسطها وجنوبها لا يمنع التفاعل بين الأنماط، بل يُغنيها.
فنجد مثلًا فنانين شبابًا من العاصمة يمزجون المالوف بالمزود، أو يستلهمون إيقاعات السطامبلي في موسيقى إلكترونية حديثة، وكأنهم يُعيدون تركيب الجسد الموسيقي للبلد بلغة معاصرة.
فالموسيقى التونسية الحديثة -من الهادي الجويني إلى آية دغنوج، ومن الهادي حبوبة إلى بلطي- تحمل دائمًا في خلفيتها صدى هذا التاريخ.
حتى في الموسيقى البديلة، التي أتى بها الهادي قلة أو “نوردو” أو أميمة طالب أو لبنى نعمان، نسمع أثر الموروث الشعبي، لا كماضٍ جامد، بل كنبضٍ حيّ يُعيد إنتاج نفسه في المدينة الرقمية.
من منظور رمزي، يمكن القول إنّ الموسيقى التونسية تمثل “لغة الهوية المتعدّدة”: كل لحن فيها يُعيد رسم خريطة الذات، وكلّ كلمة منطوقة منها تُشكّل وطنا جديدا مشتهى.
فالمألوف يرمز إلى الذاكرة والهيبة، المزود إلى الفطرة والصدق، السطامبلي إلى الروح والجذور، والموسيقى الصحراوية إلى الحرية والاتساع، والراب إلى التمرّد والتفرّد.
هي موسيقى تتحدّث عن تونس التي تتأرجح بين البحر والرمل، بين التراث والحداثة، بين الحنين إلى الأصل والرغبة في الانطلاق.
يُمكن للمرء أن يسمع في كل نغمةٍ من نغمات البلاد حكايةً كاملة: من العود الهادئ في مقهى المدينة العتيقة، إلى الطبل العالي في عرسٍ بجهة القيروان أو قرقنة، إلى نفخ القصبة في صحراء دوز.
كل صوت منها يكوّن فسيفساء سمعية تعكس ما لا يُمكن للخطاب السياسي أو الديني أو الاجتماعي أن يبلّغه وحده. فالموسيقى، بقدرتها على اختراق الحواس، تقول الحقيقة التي تعجز عنها الكلمات: أنّ تونس ليست فقط بلدًا، بل إيقاعًا يعيش بين البحر والرمل، بين الروح والجسد، بين الماضي والمستقبل.
وإذا كانت اللغات البشرية تنقسم إلى لهجات، فإنّ الموسيقى التونسية لهجتها هي هذا التنوّع نفسه. فهي لا تخضع لمركز واحد، بل تتعدّد بتعدّد جغرافيتها وعوالمها.
كل منطقة تؤدّي نشيدها الخاص، ومع ذلك، حين تُعزف الأوتار معًا، يبدو اللحن متماسكًا بشكلٍ عجيب، كأنّ الأرض كلّها تُغني بلغة واحدة خفية.
ذلك هو سرّ الموسيقى التونسية: أنّها لا تُعزف فقط، بل تُعاش.. هي المزيج بين البحر والقصبة، بين النوبة الأندلسية والصرخة الشعبية، بين الرقص الصوفي، والاحتفال القبلي، والراب الثوري.
فيها يتجلّى الإنسان التونسي مسافرًا بين اللحن والرمز، بين الأرض والصوت، وفي كل مرة، يكتشف نفسه من جديد.
الراب.. صوت المهمّشين في الألفية الثالثة
ومن هناك وقبل ثورة 14 جانفي 2011 وغداتها ظهر الراب التونسي الذي تفوّق لحنًا وكلمةً على جميع التجارب العربية المماثلة، بل يوصل به الحدّ أحيانا إلى إنزال الأغنية الوترية والشعبية التونسية من عليائهما.
بلطي، أرمستا، كلاي بي.بي.جي، كافون، جي.جي.أ، سانفارا، جنجون، علاء، سمارا، كادو ريم، ولد الكانز، والقائمة تطول.. كلها أسماء لمغنّي راب تونسيين استفادوا بشكل مباشر من مناخ الحرية الذي منحته ثورة الـ14 جانفي 2011 للمواطن التونسي ومن ثمة لإعلامه وفنانيه، فاقتنص شباب الراب الفرصة وهم الأقدر على اقتناصها مقارنة بنظرائهم المخضرمين والمكّرسين للغناء الوتري، حيث استوعبوا التطوّرات التقنية الحاصلة في التكنولوجيات الحديثة، وتعاملوا معها بالشكل الأمثل، مُستفيدين منها ومُؤثّرين من خلالها على حد السواء.
وتقول أرقام نسب المشاهدات على يوتيوب إن أغاني الراب التونسية، بغثّها وسمينها، تفوّقت بأشواط على نظيرتها الوترية التي ارتدّت إلى مراتب دونية إثر الثورة التونسية، بل كادت تنسحب من المشهد السمعي البصري أصلا لولا بعض الاجتهادات الخاصة لشباب الأغنية الوترية والشعبية على السواء الذين ركبوا بدورهم “موجة الراب” من خلال أدائهم في شكل “دويتو” لأغانٍ جمعت بين الصنفين.
فلماذا نجح الراب التونسي فيما فشلت الأغنية الوترية الطربية، مثلا؟
الإجابة عن هذا السؤال تبدو بسيطة في ظاهرها لكنها عميقة في خلفياتها، فأغنية الراب استطاعت استقطاب قاعدة جماهيرية شبابية واسعة، خصوصا من أبناء الأحياء الشعبية والأوساط الاجتماعية المهمّشة والفقيرة، وهي التي تُخاطبهم وفق آليات سلسة بعيدة عن التعقيد أساسها بساطة اللحن وقوة الكلمة.
كلمات قريبة من المتلقي وتعكس همومه ومشاغله وتُحاكي واقعه من دون مبالغة، كما في انتقادها للأوضاع الاجتماعية، كالبطالة والتهميش والهجرة غير الشرعية.
والأمر ذاته ينسحب على الأغاني المنتقدة للوضعين الاقتصادي والسياسي المتردّيين في بلد نصف سكانه من الشباب واليافعين. فمن لهم غير الراب الثوري ملاذا ومعبّرا عنهم؟
لتستمرّ الأغنية التونسية رغم ركود بعض أنماطها، سيما الوترية منها في الآونة الأخيرة، في التطوّر مواكبة لنسق العصر ومتطلباته الإيقاعية واللحنية، فتغدو متفرّدة بإيقاعها الصاخب دائمًا كأمواج بحرها المتلاطمة في مدّها وزجرها، والهادئ أحيانًا ككثبان رمالها في الصحراء ليلًا، والساحر أبدا كنسمات صيف لطيفة تأتينا من جبال الكاف العالية و”نواقيسها” التي تتكلمّ نغمًا وحلمًا.


أضف تعليقا