أيام قرطاج السينمائية تسلّط الضوء على “السينما الأرمينية من الإبادة إلى الإقلاع”

"ماستر كلاس" للمخرجة الأرمينية تامارا ستيبانيان بأيام قرطاج السينمائية

على هامش فعاليات الدورة الـ36 من أيام قرطاج السينمائية، وضمن قسم “السينما الأرمينية تحت المجهر”، احتضنت مدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة تونس، وتحديدا المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، أول أمس الأربعاء 17 ديسمبر، “ماستر كلاس” للمخرجة الأرمينية تامارا ستيبانيان بحضور عدد من السينمائيين والنقاد والجمهور.

واستهل اللقاء بالتذكير بخيارات برنامج “السينما الأرمينية تحت المجهر”، الذي يشمل 10 أفلام طويلة أرمينية وفيلما قصيرا، في مسعى لإتاحة الفرصة أمام الجمهور التونسي لاكتشاف سينما شاعرية، نابعة من تاريخ إنساني وثقافي غنيّ بالتجارب والتحوّلات.

سينما الذاكرة والتاريخ والهوية

واستعرضت تامارا ستيبانيان في حديثها للحضور مسيرة النهضة الحديثة للسينما الأرمينية، مؤكدةً أنّ هذا التحوّل هو ثمرة سنوات طويلة من العمل والمثابرة، خاصة من جيل ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ومن المخرجات اللواتي تمكنّ من فرض أصواتهنّ داخل مشهد سينمائي كان يهيمن عليه الرجال.

وأشارت في السياق إلى أنه بعد الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1915 في بلدها تحت حكم الإمبراطورية العثمانية وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، استقرّ السوفييت في أرمينيا وجلبوا معهم الخير والشر.

وكان من الجيد ظهور السينما، مع المحاولات الأولى للسينما الصامتة عام 1924. ومع بداية عمل عدد قليل من المخرجين، تبلورت السينما الأرمينية تدريجيا، خاصة بعد الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي، وفي منتصف العقد الأول من القرن الـ21، بدأت الأفلام المستقلة في الظهور، واحدا تلو الآخر.

وتناول اللقاء علاقة السينما الأرمينية بالذاكرة والتاريخ والهوية، ودور التراجيديا والمنفى في صياغة خطاب بصري يحوّل الألم إلى فعل فني، ويقيم جسورا بين الماضي والحاضر، ليجسّد تجربة شعب يواصل كتابة تاريخه عبر السينما.

تمارا ستيبانيان مبدعة الأفلام الوثائقية الخيالية

وتمارا ستيبانيان ولدت في يريفان، قبل أن تُغادر أرمينيا مع والديها في أوائل تسعينيات القرن الماضي لتستقر في لبنان، ثم تابعت دراستها في مدرسة السينما الوطنية بالدنمارك.

وهي واحدة من الأسماء البارزة في الموجة الجديدة من السينما الأرمينية التي ولدت على أنقاض الاتحاد السوفييتي.

تنسج أفلامها -الوثائقية والخيالية- ملامح أرمينيا اليوم: الشعب، المنفى، الطبيعة، الأشباح، الجروح، الأمل وقضايا هذه الأمة.

حظيت أفلامها بإشادة نقدية على أوسع نطاق مع تتويجات دولية في أهم المهرجانات.

فاز فيلمها الطويل الأول “جمر” (2012) بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان بوسان السينمائي الدولي.

وحصل فيلمها “أولئك القادمون من الشاطئ” (2016) على جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان آميان السينمائي الدولي في فرنسا، كما توّج فيلمها “قرية النساء” (2019) بأكثر من جائزة دولية.

وفي هذه السنة عرضت فيلمين للمرّة الأولى، وهما: “أشباحي الأرمينية” الذي قُدّم في قسم “فوروم” بمهرجان برلين السينمائي في عرض عالمي أول، فيما بُرمج “في بلاد آرتو” أول روائي طويل في رصيدها في افتتاح مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي 2025.

طبعا أرمينيا”.. 100 عام من السينما المتفرّدة

والاحتفاء التونسي بالسينما الأرمينية الذي أتى ضمن فعاليات قسم “سينما تحت المجهر” ضمّ إلى جانب عروض الأفلام ضمن برمجة الدورة الـ36 لأيام قرطاج السينمائية و”ماستر كلاس” المخرجة تمارا ستيبانيان عن السينما الأرمينية وتساؤلات الهوية، معرضا بعنوان “طبعا أرمينيا” يوثّق مسار أكثر من 100 سنة من سينما متفرّدة عبر مجموعة غنية من معلقات الأفلام من ثلاثينيات القرن العشرين إلى اليوم.

و”طبعا أرمينيا” (من 14 إلى 19 ديسمبر 2025 بالمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر) عبارة عن رحلة بصرية تستعرض في تصميم إبداعي للفنان البصري أمان الله عكجة سينما شاعرية فلسفية عميقة عن الهوية، المنفى والثقافة الأرمينية من خلال معلقات مرمّمة بعناية فائقة وفيديو عن أهم الأعمال السينمائية الأرمينية الخالدة في الذاكرة.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *