رأي

يوميات مصاب بكورونا

خليل العماري

كانت استفاقتي صبيحة الخميس غرة أكتوبر أمراً عسيراً على غير العادة، أنا النشط صباحاً، بالكاد استطعت النهوض من سريري في ذلك اليوم، كانت الآلام مبرحة وجسدي وهن على نحو مفاجئ. وحين رفعت رأسي لأغادر السرير كان صداعٌ رهيب يشل قدرتي على التحرك. تطورت الآلام بشكل متسارع وأصبحت لا تطاق. مع قدوم المساء بلغت حرارتي 40 درجة، حينذاك كان لا بد من التحرك، اتصلت بالمدير الجهوي للصحة بولاية تونس طارق بن ناصر وأكد لي أن حالتي تتطابق مع أعراض المصابين بفيروس كورونا.

الليلة الفاصلة بين يومي الخميس والجمعة 2 أكتوبر كانت من أصعب الليالي، صحيح أن الآلام لا تختلف كثيراً عن المصابين بنزلة برد، لكن الخوف من فيروس مجهول قد يكون داخل جسدك ضاعف من وهني وزاد توتري. لم أستطع النوم من شدة الآلام ودرجة حرارتي لم تنخفض رغم استعمال الكمادات.

في اليوم التالي، نزلت درجة الحرارة نسبياً لكن الآلام لم تغادرني لدرجة أني عجزت عن الجلوس بل فكرة الاستلقاء بحد ذاتها كانت فاشلة. الوجع كان كما لو أن جسدي تعرض لحروق وما عاد قادراً على ملامسة الفراش. إعياء شديد تملكني، وتواصلت الأعراض إلى اليوم الموالي (السبت) .

ابتداءً من يوم الأحد 3 أكتوبر، بدأت أشعر بتحسن طفيف ولم يبق من الأعراض سوى الإعياء وبعض الآلام مع ارتفاع نسبي في درجة الحرارة ليلاً، أصبحت أغنم شيئًا من النوم في النهار.

يوم الاثنين على الساعة الرابعة مساءً تنقلت إلى وحدة الطب الاستعجالي بتونس العاصمة لإجراء تحليل للتقصي عن كورونا، أخذوا عينة من أنفي، ثم أخبروني يوم الأربعاء بأن نتيجة التحليل موجبة يعني أني أحمل فيروس كورونا.

في اليوم نفسه (الأربعاء) ظهرت الأعراض ذاتها على زوجتي، مازاد الأمر صعوبة، حينذاك اتصلت ببعض الأطباء الأصدقاء وأكدوا لي أنها مصابةٌ أيضاً بفيروس كورونا، ونصحوني بضرورة المحافظة على التباعد بيننا لضمان عدم مواصلة تنقل الفيروس.

تحسنت حالتي الصحية وتعكرت حالة زوجتي، ومع صعوبة تطبيق التباعد بيننا، بات الأمر معقداً وزاد توتري، لكن شيئًا فشيئًا أحسسنا بتحسن خاصة بعد تناول بعض الأدوية المنصوح بها لتقوية المناعة بالإضافة إلى شرب الكثير من الماء وتناول منقوع الأعشاب واستنشاق بخار أوراق شجرة “الأكاسيا” وتناول العسل.

 اليوم الأربعاء 14 أكتوبر 2020 أشعر بأني استعدت نسبة هامة من الطاقة التي كنت أفتقدها في جسدي خلال الأيام الفارطة وتغلبتُ على الفيروس، لدي شعور بأني أستعيد نسق حياتي الطبيعية. قررت أن أكتب لكم عن تجربتي مع هذا الفيروس الذي كان قبل أشهر مادة صحفية مهمة أكتب عنها بشكل يومي تقريباً مثلما يفعل كل صحافي منذ فيفيري الماضي، حتى زارني الفيروس وما كنت أكتب عنه نظرياً صرت أعلم أعراضه كوني جربته. ها هنا أقاوم.