يمثل، اليوم الاثنين 7 أوت، الشاعر والأستاذ الجامعي سامي الذيبي، أمام المحكمة الابتدائيّة بتونس، الذي أوقف الأسبوع الماضي على خلفية تدوينة نشرها على صفحته الخاصة بمنصّة التواصل فيسبوك .
وأصدرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بطاقة إيداع بالسجن في حق الذيبي إثر شكاية جزائية تقدّمت بها وزارة الثقافة ضده، على خلفية التدوينة، وبعد سماعه من طرف الفرقة الأولى بالإدارة الفرعية لمكافحة الإجرام للحرس الوطني ببن عروس تقرّر الاحتفاظ به بإذن من النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس.
أهم الأخبار الآن:
وبعد انتهاء مدّة الاحتفاظ أحيل الذيبي على أنظار النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 31 جويلية الماضي حيث تقرّر إصدار بطاقة إيداع بالسجن ضده وإحالته على المجلس الجناحي الصيفي لمحاكمته من أجل الإساءة إلى الغير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأثارت عملية إيقاف الشاعر والأستاذ الجامعي سامي الذيبي جدلا واسعا في الساحة الثقافية حيث عبّر عدد من أهل القطاع وغيرهم عن استنكارهم واستيائهم من مثل هذه الممارسات، معتبرين أنّ هناك استهدافا للإبداع والمبدعين، وأنّ وزارة الثقافة عوض أن تشجّع المبدعين أصبحت تلاحقهم قضائيّا.
ودعت عديد الشخصيّات إلى ضرورة مساندة الذيبي وغيره كي لا تستسهل السلطة التضييق على المبدعين، فقد دعا الناشط الفاهم بوكدّوس التونسيّين للحضور أمام المحكمة الابتدائية بتونس، معتبرا أنّ تلك الخطوة ستشكّل “حلقة أخرى متقدّمة من حركة التضامن مع ضحايا سياسات وزارة الثقافة التنكيلية والترهيبية، ورفضا لاستعمال آليات زجرية للتضييق على حرية التعبير”، منتقدا لجوء عدد من وزراء قيس سعيد “للتشكّي بموظفين ومبدعين وصحفيين ونشطاء ومدونين”،و مبيّنا أنّ ذلك “يعبّر صراحة على أنّ استهداف حرية التعبير ممنهج ومبرمج وينطلق من إرادة سياسية واضحة، وليست ظواهر عرضية وشاذّة، للاستقواء على الناقدين والرافضين لعدد من السياسات العمومية في أكثر من وزارة، وتعميما لسياسات التخويف والترهيب وفرض صمت القبور كمنوال لإدارة الشأن العام”، وفق ما جاء في تدوينة على حسابه الشخصي في فيسبوك عنونها بـ “لا تتركوهم يستفردون بمبدعي تونس”.
يذكر أن الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري انتقد في تدوينة له وزيرة الثقافة قائلا: “إنّ وزيرة شؤون ثقافة السجون والقضايا الكيدية ومجالس التأديب التي أنهت المسألة الثقافية في المحاكم والتي في عصرها انحدرت الثقافة إلى الأسفل الشاهق. تقدّم شكاية ضد الدكتور والشاعر والنقابي سامي الذيبي أحد إطارات وزارتها من أجل تدوينة فيسبوكية فيعرض أمام المحكمة في حالة تقديم ثم يتم إيداعه السجن”، مضيفا: “هذه واحدة من الوزراء الذين لا شغل لهم ولا مشغل إلا فبركة القضايا ضد منظوريهم وخاصة إذا كانوا نقابيين” حسب تعبيره.
في المقابل أفادت وزارة الشؤون الثقافية، أمس الأحد 6 أوت، أنّ الإجراءات التأديبيّة المُتّخذة ضد 9 من موظفي الوزارة كانت بسبب خرقهم للواجبات المحمولة عليهم كأعوان عموميّين، لافتة إلى أنّ العقوبات لم تكن أبدا على خلفيّة صفاتهم الإبداعية أو النقابية، أو للحدّ من حريّة الرأي أو الفكر أو التعبير لديهم، أو للتغطية على ملفّات الفساد كما يدّعون.
وأوضحت الوزارة في بلاغ نشرته بصفحتها الرسمية بفيسبوك، أنّه تمّت إحالة هؤلاء الأعوان إلى مجلس التأديب، طبقا لأحكام القانون الأساسي العامّ لأعوان الوظيفة العمومية عدد 112 لسنة 1983، والأمر عدد 4030 لسنة 2014 والمتعلق بالمصادقة على مُدوّنة سلوك وأخلاقيات العون العمومي، لمساءلتهم من أجل ما نُسب إليهم من أفعال، استنادا إلى تقارير التفقّد والمعاينات القانونية المجراة من طرف الوزارة.
وأضافت أنّ تقارير التفقّد أثبتت ارتكابهم أخطاء مهنيّة وأفعالا مُجرّمة قانونا، كالتشهير بالوزارة وهياكلها وأعوانها والادّعاء بوجود شبهات فساد، دون الإدلاء عبر المسالك القانونية بما يؤكّد ذلك، وتنزيل تدوينات تضمّنت ثلبا وشتما وإساءة وتشويها لسمعة الوزارة وإطاراتها باستعمال عبارات خادشة للحياء.
وأشارت إلى أنّ مجالس التأديب تتوفّر فيها كلّ الضمانات القانونيّة التي تَكْفُل حقّ المُحالين إليها في الدّفاع عن أنفسهم، كما هو معمول به وفق التراتيب الجاري بها العمل، مؤكدة حرصها على ضمان حقّ الجميع في الثقافة وحريّة الإبداع والتعبير، ودعم الثقافة الوطنية في تأصّلها وتجدّدها، بما يُكرّس قيم نبذ العنف والانفتاح على مختلف الثقافات والحوار البنّاء، وبما يُسهم في الارتقاء بالذوق العام وبناء الفكر المستنير، دون السقوط في الابتذال والثلب والشتم وهتك الأعراض.
أضف تعليقا