رياضة

وهن الجريء وسلطة دقيش…هل يذهب المنتخب التونسي حطب معركة الرجلين؟

من خلال تصريحات وزير الشباب  والرياضة كمال دقيش بشأن الجامعة التونسية لكرة القدم ورئيسها وديع الجريء، ظهر الخلاف بين الجانبين إلى العلن بعد أن ظل لسنوات مخفيا مغلّفا بالتصريحات الدبلوماسية. اتهامات الوزير للجريء وتوعّده له بوضع حد لتجاوزاته هو إعلان صريح للحرب على جامعة كرة القدم، لكن ما رأي الاتحاد الدولي لكرة القدم؟ وما مصير المنتخب التونسي؟

معركة قانونية 

تخضع الجامعة التونسية لكرة القدم للإشراف المزدوج، على غرار بقية الجامعات، وتعمل تحت إشراف الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، فيما يتعلق بالجانب الرياضي وإدارة شؤون اللعبة في البلاد، وتشرف عليها وزارة الرياضة من حيث المسائل المادية والتسييرية.

سلطة الفيفا من جهة وإشراف وزارة الرياضة من جهة ثانية يتيحان لكل جهة منهما التدخل في حدود مضبوطة.

حسب وزير الرياضة الأسبق والمختص في القانون الرياضي صابر بوعطي، فإن وزارة الرياضة لديها الصلاحيات للتدخل في عمل جامعة كرة القدم ومحاسبتها ومعاقبتها عكس ما يروّج له البعض وما فصل السياسي عن الرياضي “إلا فزاعة”، حسب تعبيره.
بوعطي أوضح، في تصريح لبوابة تونس، أن مجالات تدخل وزارة الرياضة تتمثل في كل ما يتعلّق بحسن سير المرفق العام وشفافية التسيير داخل الجامعة على المستويين الإداري والمادي.

الوزير الأسبق أفاد بأن الوزير الحالي كمال دقيش من حقه حلّ المكتب الجامعي لكرة القدم في حال ثبت تورّطه في ملفات فساد وسوء تسيير وإهدار للمال العام، مؤكدا أن الاتحاد الدولي لللعبة لا يعارض الدور الرقابي لسلطة الإشراف السياسية في أية دولة.

أما عن الخطوط الحمراء لوزارة الرياضة، فليس من حق الوزير التدخل في التسيير الرياضي في علاقة بالجمعيات الرياضية أو تنظيم المسابقات أو تعيين مدربي المنتخب، لتبقى هذه المسائل من مشمولات فيفا دون غيرها.

وأفاد صابر بوعطي بأن عمليات التدقيق التي تجريها فيفا بصفة دورية على حسابات جامعة كرة القدم تخص فقط المنح التي تقدمها إلى الجامعة. كما تعمل فيفا على مراقبة مدى استغلالها في مشاريع تخص تطوير اللعبة في تونس.

 أما عن الخطوات القادمة التي تترجم تصريحات كمال دقيش، فمن المرجّح أن تقوم الوزارة بعملية تدقيق واسعة لحسابات الجامعة على أمل إيجاد ثغرة لقضية فساد تكون حجة ضد الجريء، حسب الوزير الأسبق.

بوعطي أشار إلى موضوع التحكيم واعتبره منفذا مهما قد يستغله وزير الرياضة للإطاحة بالمكتب الجامعي، من منطلق حديثه عن تلقيه تشكيات من حكّام تورّط الجريء وإدارته.

التضحية بالمنتخب التونسي

في مقابل الموقف القانوني لصابر بوعطي الذي يبيح تدخل الوزارة في عمل جامعة كرة القدم، يعتبر الصحفي الرياضي عربي الوسلاتي أن وزير الرياضة كمال دقيش بصدد تنفيذ أوامر الرئيس القيس سعيّد وسياساته . وأشار إلى أن دقيش ليس الوزير الأول الذي عبّر عن رغبته في إقصاء وديع الجريء، فقد جهر الوزير الأسبق طارق ذياب بذلك سنة 2012 لكنه لم يجد السند السياسي القوي لتنفيذ سياسته.

الوسلاتي صرّح لبوابة تونس بأن السلطة تعتبر أن الوقت قد حان للاهتمام بملف جامعة كرة القدم واعتبر أن رئيس الجمهورية لا يهتم كثيرا بسلطة الهياكل الرياضية الدولية وغايته فقط التغيير من الداخل. وقدّم الوسلاتي مثالا على تجاهل رئيس الدولة الهيئات الدولية عبر الاستنجاد بموقف قيس سعيّد من مؤسسات التصنيف السيادي الخارجية ومن صندوق النقد الدولي في الآونة الأخيرة.

الصحفي التونسي اعتبر أن رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم في موقف حرج بعد تصريحات الوزير وعزم السلطة إزاحته عن المشهد وقال: “سقوط قيس سعيّد وحده الكفيل بإنقاذ وديع الجريء من المأزق”.

وأمام مضي السلطة السياسية في تدخلها في الشأن الرياضي، لا يستبعد عربي الوسلاتي التضحية بالمنتخب الوطني التونسي ومصالحه في سبيل إسقاط إدارة الجريء، وقد تنتظر عثرة المنتخب الوطني لكرة القدم وعدم التأهل للمونديال لتتخذ إجراءات استثنائية خارجة عن صلاحياتها وتعرّض الكرة التونسية للعقوبة.


وحسب قوانين فيفا، فإن تدخّل وزارة الرياضة باعتبارها جهة سياسية في مسائل تشمل الاتحاد الدولي لكرة القدم يعرّض تونس لعقوبات شديدة أبرزها حرمان المنتخب التونسي من النشاط مدة أربع سنوات.

كما ستعمل الوزارة على البحث عما يدين الجريء في إطار القانون، خاصة وأن وزير الرياضة يدرك حجم الخطر الذي يهدد الكرة التونسية في حال تدخل في صلاحيات الاتحاد الدولي لكرة القدم.

وعن نية وزارة الرياضة إصلاح كرة القدم في تونس انطلاقا من إسقاط المكتب الجامعي، قال الوسلاتي إن الوزارة لا يجب أن تتدخل بصفة عشوائية وتباشر عملية الإصلاح بنفسها، لأن العواقب قد تكون كارثية على الكرة التونسية.

الصلح المستحيل 

في قراءة مخالفة ، لم يستبعد عربي الوسلاتي إمكانية تدخل الحكماء ومصالحة وديع الجريء وكمال دقيش، لكن في الوضع الراهن يبدو الصلح أمرا صعبا جدا باعتبار أن إرادة التغيير لم تصدر عن وزير الرياضة فقط بل صدرت عن رئاسة الجمهورية.

وفي هذا السياق، قال الوسلاتي إن الجريء توجّه إلى رئيس الجمهورية لنجدته بعد تصريحات دقيش، لكن يبدو أنه أخطأ الطريق لأن رئيس الجمهورية أول المنادين برحيله، حسب تعبيره. 

وأضاف أن وديع الجريء لا يبدو قويا في خطابه اليوم لأنه يدرك أنه ليس في موضع قوة وأن التطورات السياسية في البلاد قلبت المعطيات، فاكتفى بالتوجه بالنداء إلى رئيس الجمهورية في محاولة لكسب التعاطف الشعبي.

في المقابل، عاد الوزير الأسبق صابر بوعطي إلى توجيه النقد  إلى الإعلام الرياضي في تونس واعتبره في خدمة رئيس جامعة كرة القدم، عبر الدفاع عنه والتقصير في كشف الملفات الخطيرة في الكرة التونسية.

وقال بوعطي “إن 80% من الإعلاميين الرياضيين في تونس في خدمة وديع الجريء”.

وأضاف أن تسلّح رئيس الجامعة بالوثائق والمستندات القانونية في كل مرة، لن ينفع وأنه لا يمتلك الأدلة التي تبرؤه.

وكان وزير الرياضة كمال دقيش، قد صرّح الأحد 21 نوفمبر/تشرين الثاني بأن وديع الجريء تطاول على الدولة ولا مكان له في المشهد الرياضي، بسبب إصراره على إجراء مباراة المنتخب التونسي الأخيرة دون حضور الجمهور.

ويعد خلاف وديع الجريء مع وزراء الرياضة المتعاقبين منذ 10 سنوات أمرا متوارثا، فقد اندلع الصراع مع طارق ذياب، ثم مع ماهر بن ضياء وماجدولين الشارني، مرورا بسنية بالشيخ وصولا إلى كمال دقيش.