في الذّكرى العاشرة لسقوط بعض الأنظمة الديكتاتورية العربية والتي تتزامن مع ذكرى سقوط نظام الشّاه في إيران، كشفت “بي بي سي” عن وثائق بريطانية عمرها أكثر من 42 عامًا قدمتها كنصائح لنظام حكم محمد رضا بهلوي على أمل أن لاتطيح به الثورة الإسلاميّة باعتباره مدعومًا من بريطانيا وأمريكا والكيان الصّهيوني.
الوثائق كشفت أنّ سقوط نظام بهلوي بفعل ثورة شعبية إيرانية بمشاركة كل فئات المجتمع ثم سيطر عليها التيار الديني لاحقًا، فاجأ صنّاع القرار في لندن.
التقرير حدّد الأخطاء التي وقع فيها نظام الشاه اعتمادًا على شهادات مسؤولي وزارة الخارجية البريطانية بمن فيهم سير أنطوني بارسونز، السفير السابق لدى طهران، حيث كان يعتمد في تأمين نظام الحكم وبقائه، على القادة الكبار في القوات المسلحة إضافةً إلى تطبيق برنامج تنمية اقتصادية “غير منظم وبوتيرة أسرع من قدرة المجتمع على مواكبتها”، استهدف جر البلاد إلى التغريب والميل إلى أوروبا على حساب الثقافة والتقاليد الوطنية الراسخة كما أنّه لم يلب هذا طموحات الشعب.
كما أقرت بريطانيا بأن الشاه اختار الوقت الخطأ لتطبيق برنامج التحرر الاقتصادي والاجتماعي الشامل مع جنوحه نحو “تغريب المثقفين” الذين كانوا “يريدون مزيدًا من الحرية والمشاركة في العملية السياسية” إضافةً إلى تغوّل أجهزة الاستخبارات ” التي ضللت الشاه، فانقطعت صلته بالناس” دون نسيان استشراء الفساد الذي انتشر في مؤسسات الدولة.
نصائح بريطانيا
حمايةً للأنظمة الموالية من الثورات الشعبية الحتمية، تشدّد بريطانيا على ضرورة النقاش الصريح والأمين مع النظام للحفاظ على المكاسب الاقتصادية مع الاستماع إلى مخاوف المعارضين المشروعة بشأن التغيير.
كما تنصح المملكة المتحدة بضرورة مراجعة سياسة بيع الأسلحة الغربية، خاصة بيع كميات كبيرة من الأسلحة باهظة الثمن للأنظمة التي لا تتمتع بشعبية قوية وأيضا تحاشي الحديث عن استقرار مع مثل هذه الأنظمة باعتبار أنّه لا يوجد نظام حكم في العالم الثالث مستقر تمامًا.
كما شدّدت الوثائق على أهميّة المكاشفة بشأن حقوق الإنسان على أن تكون أجهزة الاستخبارات أمينة في نقل التقارير إلى الحاكم مع إلزامية الاتفاق على سياسة غربية موحدة ومراجعة مخاطر العلاقات الوثيقة للدّول الغربية مع الأنظمة الدكتاتوريّة.
ماذا لو لم يستمع الحاكم إلى النّصائح؟
قام التحليل البريطاني على ضرورة أن تبحث الدّول الغربية عن بدائل تلجأ إليها في وقت مبكر تحسبًا لعدم استجابة النظام للنصح، حتى تضمن مصالحها في حال تغير النظام خاصةً بثورة شعبيّة من خلال رعاية المعارضة ودعمها إن ألزم ذلك عند التأكّد من الوصول إلى نقطة اللّا عودة.
كما تؤكّد بريطانيا على ضرورة دراسة تجربة الأمريكيين في التعامل مع الأنظمة المستبدّة بالعودة إلى تجربتها مع نظام الشاه، حيث رتّبت له زيارة إلى الولايات المتحدة خصّيصًا للقاء شخصيات من الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي آيه” ووزارة الخارجية الأمريكيّة.
وبناءً على تلك الزيارة والاتصالات بين أجهزة البلدين الاستخباراتية والدبلوماسية، فإن الولايات المتحدة تأكّدت من عدم جدوى نظام الشّاه مستقبلًا خاصّةً بعد تشكيله حكومةً عسكريةً في أوائل نوفمبر عام 1978، في محاولة أخيرة يائسة للنجاة من السقوط.