اقتصاد تونس رأي

وزارة التجارة “صامتة”.. علبة الطماطم بـ4900 مليم

عبدالسلام الزبيدي 


صدق مصنِّعو منتوج الطماطم وعدهم، وقفزت أسعار علبة الطماطم إلى 4900 مليم بدايةً من شهر فيفري الجاري. وكانت الزيادة الأخيرة بـ500 مليم دفعةً واحدة، في الوقت الذي كانت الزيادات منذ سنوات تتراوح بين 20 و50 مليما، لكنّ قيمتها ارتفعت خلال الأشهر الأخيرة ووتيرتها تسارعت.

وكان منتجو الطماطم المعلّبة قد شرعوا في تنفيذ اتفاق غير معلن مع وزارة التجارة وتنمية الصادرات، يقضي بالترفيع في سعر العلبة ذات وزن 800 غرام، والمتداول شعبيّا واجتماعيا أنّها ذات وزن 1000 غرام (كغ واحد). لكنّ اتفاقا بين الغرفة النقابية لتجّار بيع المواد الغذائية وسلطة الإشراف، أدّى إلى تأجيل الزيادة من جانفي إلى فيفري.

وعزا مراقبون التأجيل، إلى تزامن الزيادة مع الدور الثاني من الانتخابات التشريعية (29 جانفي). وقد التقت تصريحات ممثلي مختلف المهن ذات العلاقة، على غرار مصنّعي الطماطم وتُجّار المواد الغذائية واتّحاد الفلاحين ونقابة الفلاحين، في أنّ قرار سلطة الإشراف لم يكن إلغاء الزيادة الكبيرة في أسعار معجون الطماطم بل اقتصر على التأجيل فقط لأسباب سياسية.

وخلافا لما كان معمولا به طيلة عقود، فإنّ سلطة الإشراف على قطاع التجارة في تونس لم تعلن عن الزيادة سواء في هذا المنتوج أو غيره من المنتوجات ذات الأسعار المؤطّرة. وتتطلّب هذه النوعية من المنتوجات مصادقة وزارة التجارة وباقي السلط المعنية (وزارات الفلاحة والصناعة والمالية) قبل الانطلاق في التطبيق.

وبالنظر إلى سلسلة قرارات الترفيع في المواد الاستهلاكية الغدائية أو الطاقية التي صادقت عليها السلطة التنفيذية، فإنّ تضخّم الأسعار يعود بالأساس إلى عوامل إنتاجية وطنية ودولية، بالإضافة إلى قرارات الزيادة حكوميا ومهنيا. في حين أنّ الاحتكار لا يمثل العامل الأساسي لارتفاع الأسعار. ففقدان مواد أساسية أو تقلّص عرضها على غرار الزيت والسكر والحليب والقهوة والأرز، لا علاقة له بالاحتكار. 

ويُذكر أنّ  مجلس إدارة البنك المركزي، قد أعلن في بيانه الصادر يوم 2 فيفري عن مواصلة التضخم مساره التصاعدي ليرتفع إلى 10,2٪؜ في  جانفي مقابل 10,1٪؜ في ديسمبر من العام الماضي. وكان مستوى التصخّم قد قفل سنة 2021 في مستوى 6,6⁒ مقابل 6,4⁒ في نوفمبر 2021 و4,9⁒ قبل سنة.

وأشار المجلس إلى أن ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك سيتواصل لفترة أطول مما كان متوقعا في السابق خاصة أنّ الضغوط التضخمية في مستوى أهمّ مكونات الأسعار تعتبر مرتفعة بما من شأنه الدفع بالتضخم نحو مستويات عالية نسبيا على المدى المتوسط نتيجة تصاعد الأسعار العالمية لا سيما المواد الموردة والتوجه نحو التحكم في نفقات الدعم، فضلا عن التأثير الناجم عن شح الموارد المائية.

وبذلك يؤكّد، بيان المجلس أنّ الوضع العالمي ومستوى الإنتاج والقرارات الحكومية والمهنية، تُعتبر الأسباب الرئيسية لارتفاع مستوى التضخم، وليس الاحتكار كما دأب الخطاب الرسمي على ترويجه.

وللإشارة، فإنّ مصادر مطّلعة كشفت لبوّابة تونس أنّ السبب الرئيسيي لقرار رئيس الجمهورية قيس سعيّد يوم 6 جانفي الماضي إقالة وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي، كان دعوتها في اجتماعات رسمية ومغلقة إلى تغيير الخطاب الرسمي في علاقة بأزمة سوق المنتجات الغذائية والطاقية.

فقد دعت إلى ذكر الأسباب الحقيقية ومخاطبة الشعب بحقيقة الأوضاع (مشكلة الإنتاج، تأثير أزمة المياه في نسق الزراعة، ارتفاع أسعار  المواد الأولية، ارتفاع الأسعار عالميا، مطالب المهنيين)، في حين تمسّك رئيس الجمهورية قيس سعيّد بمقولتيْ الاحتكار والتآمر.