ثقافة

ورشات أيام قرطاج المسرحية… بحث وتجديد

بالتوازي مع العروض المسرحية القادمة من 23 دولة تقدّم أيام قرطاج المسرحية في نسختها الـ23 عددا من الورشات التطبيقية، تهدف  إلى التكوين الجيد للممثل المسرحي، وتشترك في الاجتهاد من أجل صناعة الفرجة المسرحية على مستوى التقنية والرسالة والأداء.

ورشات أتت تحت إشراف مؤطرين تونسيين وأجانب وسط مشاركة محترمة من قبل الراغبين في مزيد النهل من خبرات الفن الرابع وتقنياته ومفاتيحه.

من أجل خشبة تفاعلية

ضمن هذا التمشي تسعى ورشة “مسرح المنتدى” إلى أن تكون إطارا للتفكير الجماعي من أجل تقديم عرض مسرحي في اختتام أشغالها.

وعن ذلك يقول مؤطّرها الفنان والناشط الثقافي التونسي أيوب الجوادي: “كي يكون المسرح تدريبا على الخلق والإبداع ومنبرا للدفاع عن المقهورين والمضطهدين، تطمح ورشة مسرح المنتدى إلى اقتفاء أثر مؤسّس هذا المنهج المسرحي البرازيلي أوغستو بوال على مستوى الوسائل والرسائل”.

ويُضيف: “لا نسعى إلى مجرد تأطير ورشة تطبيقية في فنون المسرح، بل نشرف على ورشة إنتاجية ستنتهي أشغالها بإنتاج عرض مسرحي وفقا لخط أفقي بين المخرج والممثلين وعن نص جماعي لكل المشاركين فيها، وعددهم 15 فنانا من طلاب المسرح وهواة الفن الرابع”.

ويوضّح الجوادي: “الأكيد أن هذا التفاعل الإيجابي وروح الفريق الدينامكية سيكونان دافعا لإنجاز مسرحية محترمة ومختلفة، تنطلق من قضية واقعية تهمّ المواطن أساسا، وتدافع عن حقوقه وكرامته وحريته”.

من العرض إلى إعادة الابتكار

في سياق متصل تسعى ورشة “السينوغرافيا في المسرح: من العرض إلى إعادة الابتكار” -التي تنظمها أيام قرطاج المسرحية بالاشتراك مع الجمعية التونسية للنقاد المسرحيين- إلى بحث مفهوم السينوغرافيا ودلالاتها ووظائفها، وذلك “بالنظر في التغيّرات التي عرفتها السينوغرافيا في تعاملها مع المشروع الإبداعي.

فالسينوغرافيا في المسرح فن وعلم وفلسفة، لا يكتمل العرض دونها ولا تتحقّق جمالية المسرحية إلّا بها، وهي تتجاوز مفهوم الديكور الذي انحصرت فيه لمدة طويلة.

وعن هذا التمشي تقول رئيسة الجمعية التونسية للنقاد المسرحيين فوزية المزي المُشرفة على الورشة: “السينوغارفيا اليوم ابتكرت طرقا ومناهج جديدة للحفر في المشروع الإبداعي، وإعادة ابتكار وسائلها لتحدّد العلاقة بين مختلف عناصر الأثر  المسرحي كالنص، الأداء، الفضاء الركحي، الموسيقى وغيرها من جهة، مع العمل على إرساء علاقة تفاعلية أفقية بين العرض والجمهور من جهة أخرى”.

وتسترسل مؤكّدة: “هي عملية بناء وهي أيضا إعادة بناء تعتمد التواطؤ طورا والجدل طورا آخر. فكيف يمكن للناقد أن يلتقط جوهر الفعل السينوغرافي ومآلاته في مناخ العرض المسرحي؟”. أسئلة تُجيب عنها المزي عبر ورشة تنتصر لكتابة مُوازية للعرض لا تقلّ أهمية عن النص.

الممثل والفضاء المسرحي

من النظري إلى العملي، يقترح الممثل والمخرج والناقد العراقي المقيم في فرنسا محمد سيف على هواة الفن الرابع وطلاب معهد الفن المسرحي بتونس ورشة تطبيقية تحت عنوان “تحوّلات الممثل في الفضاء المسرحي”.

وعنها يقول: “نقوم أولا وقبل كل شيء باستكشاف الفضاء المسرحي باعتباره مجالا عاما وخاصا ومعرفة كيفية التجوّل فيه وتشكيله… كل هذا سيمرّ عبر قنوات فن الارتجال، ثم الذهاب بعد ذلك إلى مرحلة استنطاق الكلام، والجوقة والأداء الشعري الجماعي وحركاته، عبر اتخاذ  نص “الخطبة الأخيرة للهندي الأحمر” لمحمود درويش نموذجا”.

ويسترسل: “مُنطلقاتنا في كل هذا وقبل كل شيء جسد الممثل المتورط بشكل كلّي في اللعب المسرحي. هذا بالإضافة إلى تشكيل مجموعات صغيرة تقوم بقيادة نفسها، من خلال طرح موضوع ومعالجته مسرحيا بشكل جماعي؛ أي أن المجموعة الصغيرة ستكون هي المؤلف والمخرج والممثل، لتصبح نتيجة عمل هذه المجاميع الصغيرة، في نهاية كل يوم من أيام الورشة، موضع مشاهدة، ثم مناقشة ونقد”.