ثقافة

هيئة دفاع “فنية” عن الفنان التونسي نعمان الشعري بعد غنائه مع إسرائيلي

تبدو محاولات الاختراق الصهيوني للساحة التونسية أخطر من التقديرات التي تضعها بعض الجهات.

معتقلو 25 جويلية

فمع اتساع موجة التطبيع العلني خلال الأشهر الأخيرة من جانب عدد من الأنظمة العربية، باشرت الدوائر الصهيونية بمضاعفة محاولاتها الساعية للتغلغل في تونس، وتسويق أجنداتها التطبيعية عبْر مستويات مختلفة تشمل المجال الثقافي والفني.  

إخفاق المبادرات السابقة لإحداث ثغرة في جدار الصدّ الشعبي في تونس لتكريس التطبيع الرياضي والسياحي مع إسرائيل، ترجمها رفض شعبي واسع وتحركات سياسية وإعلامية فضحت هذه المخططات، ما دفع الدوائر الإسرائيلية نحو التوجه إلى النخب الثقافية والفنية التونسية، مستفيدة من نجاحها في السابق في استقطاب بعض الفنانين لإقامة حفلات داخل فلسطين المحتلة، وتحويلهم إلى أداة للترويج لخطاب “السلام المزعوم”، على غرار محسن الشريف والفنان الراحل قاسم كافي.

هيئات إقليمية في خدمة التطبيع الفني  

المخططات الحالية تتجاوز سياق المبادرات الفردية، إذ تتميز بتنسيق واسع  وإمكانيات كبيرة، وتشرف على تنفيذها أذرع إقليمية أبرزها المجلس العربي للتكامل الإقليمي وهو أحد أخطر هذه الهيئات التي تعمل على الترويج للتطبيع في الدول العربية.

ارتباطات المجلس العربي تكشف عن شبكة أخطبوطية معقدة، تنتهي عند مركز “اتصالات السلام”، الذي يُشرف عليه المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط دينيس روس والمعروف بدعمه وانحيازه لإسرائيل.

مشاريع المجلس استهدفت في الفترة الأخيرة دولاً عربية بعينها، تمثل مواقفها السياسية والداخلية عقبة أمام توسيع نطاق التطبيع، على رأسها تونس والجزائر   والكويت، وهو ما يتّضح من خلال تمويله بسخاء لعدة برامج وأنشطة تحت عناوين فتح جسور الحوار والتقارب مع إسرائيل، آخرها أغنية وفيديو كليب “سلام الجيران” التي أداها بشكل مشترك الفنان التونسي نعمان الشعري مع المغنّي الإسرائيلي زيف يحزقيل.  

الأغنية أحدثت حالة من الصدمة والغضب في الشارع التونسي الذي وجّه للشعري انتقادات حادة واتهامات بالخيانة.

ردود الشعري الساذجة التي حاولت تسطيح القضية وحصرها في إطار “التسامح الديني والانفتاح الثقافي”، لم تُفلح في نفي شبهات التطبيع خاصة مع تناقض تبريراته، واعترافه بإقامة عدة حفلات في تل أبيب.

الهجوم الذي تعرّض له الشعري دفع المجلس الإقليمي العربي للدخول على خطّ القضية وتنظيم حملة تضامن مزعومة مع “فنان السلام”، بحسب التسمية التي أطلقها على الفنان المُطبِّع من خلال حشْد عدد من المغنيّين والفنّانين التونسيّين للتعبير عن تضامنهم مع زميلهم، في مواجهة حملة التخوين التي يتعرّض لها واستغلالهم في التسويق للتطبيع تحت شعارات الإنسانية والتسامح والحوار بين الشعوب والحضارات.

قائمة المتورطين في الحملة المشبوهة شملت عددًا من الفنّانين المعروفين أبرزهم عماد عزيز وعلياء بلعيد والمغني الشعبي بسام فرزة، إلى جانب بعض الأسماء المغمورة مثل نور شو وسحر.

المجلس الإقليمي نشر شهادات صوتية للمشاركين في حملة التضامن على منصاته الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، بما يخدم هدفه في الإيهام بوجود تيار قوي داعم للتطبيع في الساحة الفنية المحلية.

حملة مضادة للتصدي للأكاذيب

المبادرة المشبوهة قوبلت بتحرّك سريع من جانب الحملة التونسية لمناهضة التطبيع، عبْر تحرّكات لكشْف الأبعاد الحقيقية للتطبيع الفنّي، وفضْح خفايا التضامن مع نعمان الشعري ضمْن مساعٍ لاختراق الساحة الفنية في تونس،  وتحويل التطبيع إلى مجرّد وجهة نظر “للتسامح والحوار بين الشعوب”.

مُنسّق الحملة الناشط والإعلامي غسان بن خليفة أشار في تصريح لبوابة تونس إلى أنّ التحرّك يهدف للرد على المغالطات والأكاذيب، التي تنشرها الهيئة المتورطة في إنتاج أغنية “سلام الجيران”، وإبراز الموقف الأصيل للفنّانين التونسيّين الداعم لقضية فلسطين والرافض لشتى أشكال التطبيع

المبادرة التي أطلقتها الحملة التونسية شهدت مشاركة بديعة بوحريزي وياسر جرادي ومنير الطرودي، إلى جانب مازن بن مبروك وآمال الحمروني.

“إلى جانب الفيديوهات التي نشرناها على منصات التواصل الاجتماعي وتضمّنت مواقف الفنانين المناهضين للتطبيع، قمنا بتدخلات عبر وسائل الإعلام التونسية لفضح أبعاد مشروع التطبيع الفني، وكشف الدعايات التي يُروّج لها بعض أنصار إقامة علاقات مع الاحتلال”، يضيف غسان بن خليفة.

وأشار محدثنا إلى أنّ الهيئات والقوى المدنية  التونسية المناهضة للصهيونية ستستمر  في تحركاتها لفرْض قانون لتجريم التطبيع بمختلف أشكاله بما يردع هذه الأجندات الخطيرة، ويُوفّر إطارا لمحاسبة كل المتورّطين في “الاتصال مع العدو”.