تونس رأي سياسة

هيئة الاتصال السمعي البصري بلا رئيس.. خطوة نحو التجميد

عبدالسلام الزبيدي

كشفت الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي والبصري  أمس الثلاثاء 7 فيفري عن إحالة رئيسها على التقاعد. فقد توصّل النوري اللجمي، قبل يومين بمراسلة ممضاة من قبل المكلف بمهام كاتب عام الحكومة مفادها أنّه تمّت إحالته على التقاعد بداية من غرّةجانفي 2023، وذلك تبعا لانتهاء مدة الاستثناء على سبيل التسوية للعمل بالقطاع العمومي بعد بلوغ السن القانونية للتقاعد .

واكتفى بلاغ هيئة الاتصال السمعي البصري ( الهايكا) بذكر الخبر ومرجعياته القانونية، دون أن يشرح الوضعية القانونية لهذا المرفق العمومي بعد إحالة رئيسه على التقاعد.

وكان النوري اللجمي قد صرّح في مناسبات عديدة بأنّه طلب من السلطات المختّصة تسوية وضعيته المهنية والقانونية بعد بلوغه سنّالتقاعد، علما وأنّه حصل في أكثر من مناسبة على تمديد تمكّن بفضله من مواصلة مهامه على رأس الهيئة العليا المستقلّة للاتصالالسمعي والبصري، وذلك تحت مسمّى الاستثناء على سبيل التسوية للعمل بالقطاع العمومي بعد بلوغ سنّ التقاعد.

ويترتّب عن هذا القرار الحكومي الصادر من القصبة، وفي ظل عدم تسمية كاتب عام للحكومة وهي سابقة في تونس، تعطّل أعمال الهايكا بشكل تام يمكن أن يؤدي إلى شللها وتجميدها تمهيدا لحلّها أو تغيير تركيبتها في انتظار صدور تشريعات بديلة.

ويعتبر رئيس الهايكا حسب الفصل 24 من المرسوم 116 آمر الصرف الأوّل للميزانية دخْلاً وصرْفًا، وهو المخوّل قانونيا لتفويض منيراه من الأعضاء أو الجهاز الإداري ليقوم مقامه. وبإحالته على التقاعد تصبح هذه الهيئة في وضع شلل، وهو ماوصفه القاضي وعضوها السابق عمر الوسلاتي بالموت السريري لها.

وسينجرّ عن غيابه وعدم المبادرة بتعويضه تعذّر إصدار القرارات الترتيبية والتعديلية والعقابية وتجديد الرخص وسحبها أو إسنادها، وهذه الصلاحيات المعتبرة جوهر عمل الهايكا لايمكن أن تتمّ إلاّ بإمضاء الرئيس أو من يُنيبُهُ وليس من ينوبه.

ويبقى الشخص الوحيد الذي بيده حلّ إشكال الهايكا أو حلّها، هو رئيس الجمهورية قيس سعيّد. فحسب الفصل السابع من المرسوم 116 يعيّن رئيس الجمهورية رئيس الهايكا، وعليه فإنّ تعيين سعيّد لرئيس جديد من شأنه حلّ الوضعية القانونية لها. أمّا إبقاء الحالعلى ماهو عليه فسيترتّب عنه انحلالها وإحداث فراغ.

ويذكر أنّ الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري تعيش منذ سنوات مأزقا قانونيا بحكم انتهاء الفترة القصوى لرئيسهاوعدد من الأعضاء ( 6 سنوات مع تجديد الثلث كل سنتين). فقد تمّ إعطاء إشارة انطلاق عملها قبل عشر سنوات، وتحديدا يوم 3 ماي 2013 في موكب بإشراف رئيس الجمهورية الأسبق محمد المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض.

وحظيت الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي البصري بوضع المؤسسة الدستورية في دستور جانفي 2014، لكن تمّ استثناؤها من هذا الوضع وشطبها من الهيئات الدستورية في الدستور المستفتى حوله يوم 25 جويلية والموقَّع يوم 11 أوت 2022.

وفي صورة بقاء الحال على ماهو عليه، وعدم مبادرة رئيس الجمهورية بالتمديد للجمي أو تعيين خلف له أو إصدار تشريع جديد، فإنّمآلها الحلّ والتفكيك على غرار الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد، أو التغيير الجوهري في التركيبة والأداء على غرار الهيئة العلياالمستقلة للانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء.