حكومة أدى وزراؤها اليمين الدستورية مقسمين بالقرآن الكريم على احترام دستور معلق، إذ وقع تكليفهم بمقتضى أمر رئاسي، جاء مضمونه بإجماع عديد الخبراء القانونيين، مخالفا بشكل صريح أحكام الدستور وممهدا للانقلاب عليه.
هكذا تبدو القراءة القانونية لمشهد الموكب الرسمي الذي أدى خلاله الفريق الوزاري اليمين الدستورية أمام الرئيس قيس سعيد بحسب بعض المتابعين.
أهم الأخبار الآن:
موكب جاء محملا بالتناقضات القانونية والدستورية ما يفتح الباب أمام جدل قانوني جديد بشأن شرعية اليمين الدستورية وبالتالي صحة الإجراءات الرسمية المتعلقة بتكليف الوزراء الجدد ومباشرة مهامهم.
استمرار التدابير الاستثنائية
في تحليلها لطبيعة الإجراءات القانونية المتعلقة بصحة أداء الوزراء القسم الرسمي، اعتبرت أستاذة القانون الدستوري هناء بن عبدة أن رئيس الجمهورية فسر الفصل 80 من الدستور وأولته بطريقته الخاصة، إذ يرى أن تشكيل هذه الحكومة والإجراءات المتعلقة بالمصادقة عليها تأتي كتدبير استثنائي ضمن التدابير والقرارات المتعلقة بهذا الفصل.
وأضافت بن عبدة في تصريح لبوابة تونس “في منطق رئاسة الجمهورية لا يوجد تناقض بين تعليق الدستور وقسم الوزراء كما ورد في الأمر الرئاسي عدد 117، باعتبار أن تعليق عدد من الفصول والنصوص الدستورية كان اعتمادا على ما يقدمه له الدستور ذاته من صلاحيات تتعلق باتخاذ تدابير استثنائية”.
وأضافت الأستاذة بن عبدة أن الإشكالية المتعلقة بالأمر عدد 117 لا ترتبط فعليا بتعليق عدد من النصوص الدستورية بقدر ما تتمثل في رغبة قيس سعيد في إنشاء دستور جديد بمقتضى هذا الأمر وفق ما تبينه أحكامه الختامية.
وحسب محدثتنا فإن محتوى الأمر الرئاسي المتعلق بتشكيل الحكومة وغيرها من أحكام المرحلة الانتقالية يكشف وجود مَنفذ لمخالفة الدستور في مرحلة زمنية معينة، بالتوجه إلى الاستفتاء، وهو ما يمثل خرقا لأحكام الفصل 80 التي تنص على العودة إلى السير العادي للأحكام الدستورية بمجرد انتهاء الظرف الاستثنائي.
فرضية التناقض
وتتفق الباحثة في القوانين الدستورية حفيظة شقير في تحليلها القانوني مع ما ذهبت إليه هناء بن عبادة، وتؤكد أن مضمون هذا الأمر يمهد لإلغاء الدستور والتخلي عنه.
وأقرت الأستاذة شقير بأن الأحكام التي جاء بها الأمر الرئاسي المذكور تمثل نقضا صريحا لمواد الدستور وتمس من هرمية القواعد القانونية ومن علوية القاعدة الدستورية وهو ما يدل على إمكانية وجود تناقض قانوني يرتبط بصحة أداء القسم الدستوري.
ماذا تعني كلمة الدستور؟
في المقابل ذكرت محدثتنا بأن قسم الوزراء الجدد على احترام الدستور لا ينظر إليه حسب بعض التأويلات القانونية من زاوية ضيقة تقوم على التفسير الحرفي ذلك أن كلمة الدستور في السياق العام قد يقصد بها القوانين المؤقتة المنظمة للسير العادي للسلط العمومية، مذكرة في السياق ذاته بوجود قانون منظم لليمين الدستورية وأحكامها.
ما بني على باطل فهو باطل
أما الكاتب الصحفي والمحلل السياسي زياد الهاني فيرى أن هذا الجدل القانوني لم يعد لديه أي معنى نتيجة الحياد عن منطق الدستور ما يجعلنا أمام حالة ثير تساؤلات عدة بشأن كيفية التعامل مع هذا الوضع القائم على الانقلاب على الدستور
ويضيف زياد الهاني “الإشكالية بالنسبة إلى تجاوز الدستور تعالج من الجذور وليس من الإفرازات، فمن المعروف حسب القاعدة القانونية أن ما بني على باطل فهو باطل… رئيس الجمهورية قام منذ البداية بخرق الدستور وبالتالي فإن كل ما ترتب عنه إلى حدود اليوم من الناحية القانونية من تكليف الحكومة وأدائها القسم يعد باطلا”.
واعتبر الهاني في السياق ذاته أنه في ظل عجز أي طرف في تونس في المرحلة الراهنة عن تصحيح المعادلة الدستورية والتصدي للانقلاب، فإنه من الطبيعي أن تستلم الحكومة مسؤولية إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
أضف تعليقا