في خضم الحملة الإلكترونية والدعوات إلى مقاطعة البضائع الفرنسية في الدول العربية والإسلامية، يبدو أن الموضوع لا يتعدى المجال الافتراضي في تونس نظراً لاستحالة إلغاء التعامل مع فرنسا تجارياً.
تعتبر فرنسا الشريك الاقتصادي الأوّل لتونس منذ عقود، حيث بلغت قيمة المبادلات التجارية الفرنسية التونسية 7.6 مليار يورو في عام 2015، ففرنسا أول سوق واردات إلى تونس، إذ تورّد تونس 18% من حاجياتها سنوياً من فرنسا.
في المقابل، تمثّل فرنسا السوق الرئيسة لتونس وتستقبل 29% من الصادرات التونسية، قبل إيطاليا وألمانيا.
وتتمثّل السلع المتبادلة بين البلدين في الصناعات الإلكترونية والميكانيكية والنسيج والأجهزة الكهربائية وبعض المنتجات الفلاحية.
كما تحتلّ فرنسا المرتبة الأولى من حيث عدد المؤسّسات المستقرّة في تونس والتي يفوق عددها 1300 مؤسسة تشغّل 127 ألف موطن شغل، بحسب أرقام سنة 2015.
بلغ حجم الاستثمار الفرنسي في تونس بين 2013 و2015 قرابة 320 مليون يورو وهو أكبر استثمار أجنبي مباشر في تونس، متقدما على قطر، في حين قُّدر حجم الاستثمار الأجنبي التونسي في فرنسا بـ 83 مليون يورو.
وتظهر العلاقة الاقتصادية القوية بين تونس وفرنسا في قيمة الديون الفرنسية لدى تونس بواقع 50 ٪ من الدين الخارجي التونسي.
كما تتدعّم الشراكة الاقتصادية التونسية الفرنسية من خلال اتفاقيات التعاون المُبرمة بين الطرفين في مجالات عديدة، آخرها الموُقعة بين حكومة يوسف الشاهد وباريس في أكتوبر 2017 بقيمة 92 مليون يورو، إضافةً إلى اتفاقيات أخرى بقيمة ثلاثة مليار دينار في مجالات الطاقة والفوسفاط والبيئة والبنية التحتية.
كل هذه المعطيات تؤكّد تبعية تونس الاقتصادية لفرنسا وتجعل من مسألة المقاطعة أمراً غير ممكن على أرض الواقع. لكن التعبير عن الغضب تجاه فرنسا قد يكون أكثر نجاعة من المقاطعة، لو يتحوّل إلى دافعٍ للعمل والإنتاج والتطوير في مختلف المجالات للتخلّص شيئاً فشيئاً من التبعية لفرنسا واكتساب هوية اقتصادية تونسية.
وانطلقت حملة مقاطعة سلع فرنسا في الفضاء الالكتروني إثر تصريحات رئيسها إيمانويل ماكرون التي هاجم فيها المسلمين وحرّض على مقدّساتهم.