أعلنت جبهة البوليساريو السبت 14 نوفمبر، عن شن قواتها هجمات مكثفة على قواعد تابعة للجيش المغربي، على خلفية ما وصفته “بخرق القوات المغربية لشروط الهدنة”، بعد انتشارها في منطقة الكركارات العازلة المحاذية للحدود مع موريتانيا.
وأكدت وزارة الدفاع التابعة للبوليساريو، أن الضربات استهدفت “قواعد العدو”بحسب تعليقها، والواقعة على طول الجدار الفاصل بين الطرفين في قطاعات المحبس وحوزة وأوسرد والفرسية، ما ألحق خسائر في الأرواح والمعدات.
كانت الخارجية المغربية قد أفادت بأن الرباط أطلقت عملية لتأمين حرية التنقل المدني والتجاري في معبر الكركرات، و”ضبط الاستفزازات التي تقوم بها جبهة البوليساريو”.
وزير الإعلام التابع للبوليساريو، حمادة سلمي، حمل الجانب المغربي المسؤولية عن التصعيد الأخير، من خلال فتح ثغرتين جديدتين في الجدار الفاصل في منطقة الكركرات.
ما وراء التصعيد
الجولة الجديدة من التصعيد العسكري في الصحراء الغربية، تطرح تساؤلات عن أبعادها وأهدافها الفعلية، حيث يربطها المراقبون للشأن المغربي بضغوطات أمريكية وإسرائيلية على الرباط، للدخول ضمن مسار التطبيع.
ويمثل إعلان البوليساريو عن العودة إلى السلاح بعد عقود من التهدئة مع المغرب، تطورًا تقف وراءه إسرائيل، بحسب المتابعين.
وتعمل إسرائيل بحسب تقديرات الخبراء، على توظيف جبهة البوليساريو عسكريًا، واستغلالها كورقة ابتزاز للرباط، بعد رفضها إغراءات إدارة ترامب للانضمام إلى مشروع صفقة القرن.
التزام القيادة المغربية باتفاقيات أوسلو كمرجعية لحل القضية الفلسطينية، خالف حسابات واشنطن والتي كانت تتوقع موقفًا مغربيًا منفتحًا تجاه التطبيع، انطلاقًا من عدة عوامل تاريخية وسياسية.
وكشفت مصادر إعلامية مغربية، عن رسائل بعثت بها واشنطن إلى الجانب المغربي، تربط حل ملف الصحراء وتثبيت السيادة المغربية عليها، بإبرام اتفاقية التطبيع.
الصحفي المغربي نور الدين دغير نشر تدوينة تضمنت ملامح الصفقة المعروضة على الرباط ، وارتباطها بالتصعيد الأخير من جانب البوليساريو، قائلاً “حينما يرفض المغرب الانخراط في مسلسل التطبيع مع إسرائيل تحت ضغط إدارة الرئيس ترمب ودول عربية حليفة، وحينما يكون حل ملف الصحراء بحسب الإدارة الأمريكية الحالية يمر من بوابة التطبيع مع إسرائيل فإن توقيت تحرك البوليساريو غير برئ”.
ابتزاز إسرائيلي
حسابات الإدارة الأمريكية وإسرائيل في تقدير الموقف المغربي، اعتمد على قنوات الاتصالات السرية التي أقامتها الرباط في السابق مع تل أبيب، إلى جانب الثقل الذي يشكله الإسرائيليون من جذور مغربية، والذين لعبوا دورًا في نسج خيوط العلاقات السرية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.
المساعي الأمريكية والإسرائيلية اصطدمت بحسب المراقبين برفض مغربي صارم، لمقايضة بسط سيادته على الصحراء بملف التطبيع، ما دفع إسرائيل إلى اعتماد سيناريوهات بديلة تبعث عبرها برسالة واضحة للعاهل محمد السادس، مفادها أن حسم ملف الصحراء وقضية البوليساريو يمر عبر تل أبيب.
وفي هذا السياق، يضيف نور الدين دغير في تدوينته “حينما تتحرك البوليساريو في هذه الظروف، فاعلم أنها تحولت إلى آلة تتحرك بتوقيت تل أبيب وتسعى لإرباك حسابات المغرب الأمنية والسياسية عله يقبل بالمطروح على الطاولة، والخلاصة أن البوليساريو اليوم تلعب في مساحة إسرائيل وإدارة ترمب وخطته للتطبيع”.
وفي ظل جمود سياسي وعسكري يغلف قضية الصحراء، فإن التحفظ المغربي يرتبط بمحاذير من دعم إسرائيلي عسكري ومادي لصالح البوليساريو، بهدف “تسخين الجبهة” ومحاولة فرض حلول مسقطة على الرباط، قد تتجاوز حدود المقايضة بملف التطبيع، إلى تقديم تنازلات تمس سيادته على الصحراء.