لا يختلف اثنان في أنّ المنتخب التونسي لكرة القدم يمرّ بفترة حرجة حاليّا، بسبب عوامل عديدة من بينها غياب الاستقرار الإداري للجامعة والصعوبات المالية.
وبات جليّا أمام الجميع تراجع مستوى المنتخب ونتائجه منذ أكثر من سنة بشكل حيّر الجماهير، خاصة في علاقة بالأجواء داخل مجموعة النسور.
والمزعج في كل هذا أنّ الأزمة التي يعيشها المنتخب والجامعة قد تكون عواقبها وخيمة على الكرة التونسية، حيث بدأ الخوف من الفشل في التأهّل إلى الكان يتسلّل إلى قلوب الجماهير والمتابعين.
مظاهر الأزمة
منذ مغادرة كأس أمم إفريقيا بالكوت ديفوار مطلع العام الحالي من الدور الأول، لم يعرف المنتخب التونسي الاستقرار، حيث اضطرب الوضع في إدارة الجامعة، انطلاقا من الفشل في تنظيم الجلسة العامة الانتخابية في مناسبتين وصولا إلى تدخّل فيفا لتعيين هيئة تسييرية مؤقتة.
كما عمّقت الصعوبات المالية للجامعة الوضع، في ظل المتطلّبات العديدة في ما يتعلق بالتحكيم وتنظيم البطولة وغيرها.
وبالتوازي مع أزمة الجامعة تراجع أداء المنتخب ونتائجه وتغيّر إطاره الفني في أربع مناسبات في أقل من سنة، وآخرهم تثبيت المدرب المساعد قيس اليعقوبي لقيادة زملاء المساكني في الجولتين الختاميتيْن لتصفيات الكان بعد أسبوعين، خلفا لفوزي البنزرتي.
كما ظهر التوتّر داخل المنتخب من امتعاض بعض اللاعبين وتهرّبهم من القدوم إلى معسكرات النسور.
ومن مظاهر الأزمة فقدان المنتخب جمهوره، حيث انعدمت الثقة.
وعن هذا الموضوع قال الناقد الرياضي والصحفي فتحي المولدي إنّ “المنتخب التونسي ليس لديه جمهور، لأنه لا يقدّم كرة قدم جميلة ولا يُمتع المشاهدين مقارنة بالجيران في المغرب والجزائر مثلا”.
تخوّف مشروع
بعد المباراتين الأخيرتين أمام جزر القمر في الجولتين الثالثة والرابعة من تصفيات الكان، والحصول على نقطة فقط، دبّ الخوف في صفوف جمهور المنتخب من أن يتكرّر السيناريو في الجولتين القادمتين ويفشل في التأهّل، في وقت يحتاج فيه زملاء ياسين مرياح إلى تحقيق فوز على الأقل لبلوغ الكان.
وما يزيد الوضع صعوبة أنّ المنافسين القادمين للمنتخب في المجموعة معنيّان بالتأهّل وسيتمسّكان بحظوظهم ولن يكونوا لقمة سائغة أمام النسور.
وقال المدرب التونسي وجدي المغزاوي، الذي يعمل في الدوريات السعودية، إنّ “تأهّل المنتخب التونسي إلى الكان غير آمن إداريا وفنيا وبالتالي فإنّ التخوف من كابوس الغياب عن الكان مشروع جدّا”.
وأضاف المغزاوي في تصريح لبوابة تونس: “صحيح أنّ المنتخب في فترة انتقالية لكن تاريخ تونس لا يسمح بالغياب عن الكان، لأن ذلك سيمسّ من سمعة الكرة التونسية عموما واللّاعبين والمدرّبين التونسيين بشكل خاص”.
حذار من الفضيحة
يعتبر الصحفي والناقد الرياضي فتحي المولدي أنّ مجرّد التفكير في إمكانية الفشل في التأهّل إلى الكان فضيحة كبرى للمنتخب والكرة التونسية، فما بالك بالفشل فعلا.
وقال المولدي في تصريح لبوابة تونس: “صحيح أنّنا وضعنا أنفسنا في وضعية حرجة وصعبة لكن الفشل يعني الكارثة الكبرى”.
وأضاف: “أعتقد أنّ التفكير في الغياب عن الكان مبالغ فيه وغير مبرر لأن الأمر بديهي والطموح التونسي يتجاوز ذلك”.
ويعتبر المولدي أنّ المسؤولية سيتحمّلها أساسا اللاعبون الذين سيلحقهم العار إذا ما فشلوا في التأهّل ومن الواجب عليهم الفوز أمام منافسين في المتناول وإن كانت الأوضاع في المنتخب ليست على أحسن حال، وفق تعبيره.
كما خاطب اللاعبين من أجل عدم الإفراط في الثقة واحترام المنافسين لأنّ مسيرتهم أصبحت على المحك، حسب قوله.
بدوره، عاد وجدي المغزاوي للحديث عن دور اللاعبين في مثل هذه الظروف وقال: “اللاعب عندما يستشعر الخطر يتحمّل المسؤولية”.
كما دعا إلى ضرورة التفاف جميع الجهات لعبور التصفيات بسلام وتجاوز الصعوبات، من جامعة وإعلام وجماهير وذلك “أضعف الإيمان” لإنقاذ الموقف.
وأشار المغزاوي إلى دور المدرب قيس اليعقوبي في مثل هذه الوضعيات وقال إنّ التركيز يجب أن يكون على الجانب النفسي والمعنوي للاعبين.
ويثار هذا الجدل في وقت يسعى فيه المنتخب التونسي إلى بلوغ الكان للمرة الـ17 على التوالي، حيث لم يغب منذ دورة 1994، وهو رقم قياسي إفريقي.