11 حقيبة وزارية شملها التعديل الأخير الذي أعلن عنه رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الجمعة الماضية.
تعديل وصفتْه الدوائر القريبة من القصبة والحزام البرلماني الداعم لها، بكونه ضروريا “لإضفاء مزيد من التناسق والانسجام داخل الفريق الحكومي، والنجاعة على أدائه”.
توصيف اعتبره أغلب الملاحظين للساحة السياسية بمثابة موقف موجّه للتسويق الإعلاميّ، ومحاولة للتغطية على الدوافع الفعلية للتحوير الموسّع الذي أدخله المشيشي على تركيبة الحكومة.
إنهاء نفوذ سعيد
تُجمع أغلب القراءات والتحليلات التي تناولتْ التعديل الوزاري ودلالاته، على أنّه جسّد بالدرجة الأولى استعادة هشام المشيشي سيطرته على الحكومة، بعد إعفاء الأسماء التي كانت محسوبة على رئيس الجمهورية قيس سعيد، وهو ما يُمكّنه من ممارسة صلاحياته كاملة في تسيير العمل الحكومي وتوجيه سياساته، بعد إنهاء سيطرة قصر قرطاج وتدخّله في القرارات، سواء على مستوى المجالس الحكومية وكذلك داخل عدد من الوزارات المحسوبة على “جناح سعيد”، والتي كانت تسير حسب بعض التسريبات وفق تعليمات الرئيس ومديرة ديوانه نادية عكاشة.
الصحفي والمختص بالشأن البرلماني سرحان الشيخاوي، أكّد أنّ التعديل الذي أجراه المشيشي “قلب التوازنات ولم يكن مجرّد سدّ للثغرات”، في إشارة إلى النّفوذ الذي كان يُمارسه رئيس الجمهورية قيس سعيد داخل الفريق الحكومي، والذي تسبّب في حالة من التجاذب غير المعلن بين القصبة وقصر قرطاج.
وأضاف الشيخاوي في تدوينة نشرها على صفحته على فسيبوك “في علاقة بالمضمون، قام المشيشي بالإطاحة بكل وزراء قيس سعيد ونادية عكاشة، كما أنّ الأسماء التي أضافها للتشكيلة الحكومية قريبة من حزبيْ قلب تونس والنهضة وكُتلتَيْ الإصلاح والوطنيّة”.
وخلاصة القول بحسب تعبير الشيخاوي، فإنّ التحوير “مثّل استعادة لنفوذ المشيشي والبرلمان على الحكومة، بعد أنْ كان أكثر من ثمانية وزراء في علاقة مباشرة بقصر قرطاج، حتّى أنّ بعضهم كان يُقدِّم تقارير يومية عن عملهم لرئاسة الجمهورية”.
تقاطع أهداف بين المشيشي والحزام البرلماني
وإلى جانب قراءة الشيخاوي، فإنّ مُؤشِّرات عديدة أخرى تُؤكِّد توجُّه المشيشي إلى فرْض استقلال قرار حكومته عن رئاسة الجمهورية، أهمّها العدد الهام من الوزراء الذي شملهم التغيير، في مقابل قصر المدّة التي قضوها على رأس الوزارات والتي لم تتجاوز أربعة أشهر، بما لا يسمح بحسب العارفين بخبايا العمل الحكومي بتقييم ادّعائهم بشكل موضوعي، على مستوى الإدارة وإمساك الملفّات وتطبيق البرامج والأهداف المرسومة.
ورغم تشديد رئيس الحكومة هشام المشيشي على أنّ التعديل استهدف الوزارات التي عانت من ضعف الأداء، إلا أنّ مُؤشِّراته تُوحي بأبعد من ذلك، خاصّة أنّه قوبل بإسناد من القوى البرلمانية الداعمة للحكومة، وخاصة حركة النهضة وقلب تونس.
ويجسّد تأييد حركة النهضة وقلب تونس للتعديل، ارتياحا تجاه إنهاء “سيطرة رئاسة الجمهورية على العمل الحكومي”، والتي كانت محلّ تحفّظات واسعة في السابق بما يُشكّل حالة من تقاطع المصالح والأهداف بين رئيس الحكومة والقوى البرلمانية الداعمة له.
وفي تصريح صحفي أدلى به في وقت سابق، اعتبر رئيس كتلة قلب تونس أسامة الخليفي أنّ هشام المشيشي “أصبح رئيسا فعليا لهذه الحكومة دون منازع، بعد التعديل الأخير”.
ويلتقي موقف الخليفي مع تصريح النائب بكتلة النهضة محمد القوماني لبوابة تونس، والذي لم يستبعد خلاله توجّه رئيس الحكومة لإضفاء مزيد من التفاهم مع فريقه، نتيجة وجود بعض الأسماء التي واجه صعوبة في التواصل معها، ولم تكن العلاقة معهم “منضبطة لمقتضيات الالتزام الحكومي وانضباط الوزير لرئيس حكومته”.
وأضاف القوماني: “من المعروف أنّ التشكيلة الحكومية الأولى ضمّتْ أسماء لم يخترها المشيشي بنفسه، وبالتالي فقد كان التعديل بمثابة تصحيح ضروريّ للوضع القائم”.