قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن التكتيكات التي يستخدمها مجاهدو كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في شمال غزة تجعل من الصعب على قوات الاحتلال “الإسرائيلية” هزيمتهم، على الرغم من استشهاد عدد من كبار القادة.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها اليوم الثلاثاء أن مقتل العقيد “الإسرائيلي” إحسان دقسة، من الأقلية الدرزية، في كمين لكتائب القسام بشمال غزة الأحد، سلط الضوء على استمرار قدرة مقاتلي حماس على تنفيذ كمائن فعالة ضد قوات الاحتلال “الإسرائيلية”.
وقُتل دقسة بعد أن انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من موكبه المدرع، وهو هجوم يبرز التكتيكات الحربية التي تتبناها حماس والمتمثلة في استخدام وحدات صغيرة من المقاتلين لتنفيذ عمليات نوعية ثم العودة إلى شبكات الأنفاق أو المباني المدمرة، وفق نيويورك تايمز.
كما أشارت الصحيفة إلى أنه رغم الاجتياح “الإسرائيلي” لغزة منذ ما يقرب من عام، ما تزال حماس تعتمد على حرب العصابات.
ووفق تقديرات محللين عسكريين وجنود “إسرائيليين”، فإن قوّات كتائب القسام المتبقية تستخدم الأنفاق لشن كمائن خاطفة ضد الدبابات والمدرعات “الإسرائيلية”، مما يصعّب على جيش الاحتلال “الإسرائيلي” حسم الحرب بشكل قاطع.
وأوضحت نيويورك تايمز أن محاولات قوات الاحتلال الإسرائيلية تدمير شبكة الأنفاق الواسعة التي تستخدمها حماس لم تنجح بشكل كامل، حيث ما زال جزء كبير منها سليمًا.
وأوردت أن المقاتلين يخرجون منها في هجمات مفاجئة، حيث يقومون بتفخيخ الطرق وزرع العبوات الناسفة على المركبات “الإسرائيلية” ثم يعودون إلى الاختباء.
وتقول مصادر داخل حماس إن بعض الأسلحة المستخدمة في هذه الهجمات تم تصنيعها من ذخائر “إسرائيلية” غير منفجرة.
وفي سياق متصل، أضافت صحيفة نيويورك تايمز أن استهداف قوّات الاحتلال لمواقع القيادات، مثل استشهاد يحيى السنوار قائد حماس في جنوب غزة الأسبوع الماضي، لا يبدو أنه أثر في قدرة المقاتلين في الشمال على تنفيذ عملياتهم.
وأشارت إلى أن هؤلاء المقاتلين يعملون بشكل مستقل عن القيادات المركزية للحركة، خاصة منذ سيطرة قوّات الاحتلال على الطرق الرئيسية التي تفصل بين شمال القطاع وجنوبه.
كما أكدت صحيفة نيويورك تايمز أن حماس تستمر في السيطرة على الأحياء بعد انسحاب قوّات الاحتلال الإسرائيلية منها، حيث يتكرّر هذا السيناريو في العديد من المناطق مثل جباليا، التي شهدت ثلاث عمليات عسكرية إسرائيلية خلال العام الماضي وحده.
ولا يبدو أن الكيان المحتلّ قد تمكن من تحقيق أهدافه الاستراتيجية في شمال غزة، مع استمرار قدرة حماس على إعادة تنظيم صفوفها والسيطرة على الأحياء التي انسحبت منها قوات الاحتلال.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن المدنيين الفلسطينيين يواجهون معاناة متزايدة، حيث يحذّر العاملون في المجال الإنساني من أزمة غذاء وشيكة وانهيار النظام الصحي في شمال غزة.
ووفق الأمم المتحدة، فإن عدد شاحنات الإغاثة التي تدخل القطاع قد انخفض بشكل كبير منذ بداية أكتوبر، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة حدّة الفقر.
وفي سياق التحركات العسكرية، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن تصريحات الجنرال الإسرائيلي المتقاعد غيورا أيلاند، الذي دعا إلى تهجير سكان شمال غزة بالكامل، أثارت جدلاً واسعًا داخل “إسرائيل” وخارجها.
واقترح أيلاند منح السكان أسبوعًا لمغادرة المنطقة قبل إعلانها منطقة عسكرية مغلقة وقطع الإمدادات الغذائية والمياه، وذلك بحجة الضغط على مقاتلي حماس لتسليم الأسرى الذين يحتجزونهم منذ عمليّة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر من العام الماضي.
وذكرت الصحيفة أن هذه الخطة، التي لاقت دعمًا من بعض السياسيين الإسرائيليين، واجهت انتقادات شديدة من قبل منظمات حقوق الإنسان، التي حذرت من أنها قد تشكل جريمة حرب في حال تنفيذها، لما قد تسببه من أزمات إنسانية خطيرة.
وتتجنب حكومة الاحتلال تبني هذه الخطة بشكل علني حتى الآن، لكنها أصدرت تحذيرات بإخلاء المزيد من الأحياء في شمال غزة، وهو ما يراه الفلسطينيون جزءًا من خطة أكبر للضغط عليهم لمغادرة المنطقة.
وأوضحت الصحيفة الأمريكيّة أنه مع تزايد العمليات العسكرية وارتفاع حدة القصف في شمال غزة، يواجه السكان أوضاعًا إنسانية صعبة، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض المساعدات.
في إحدى أسواق جباليا، قال مواطن فلسطيني، إن أقاربه الذين بقوا في المنطقة أكدوا أن الغارات الإسرائيلية أصبحت أكثر عنفًا في الأيام الأخيرة، ما يشير إلى أن الكيان المحتلّ قد يكون بصدد تنفيذ خطة لإفراغ شمال غزة من سكانه.