عرب

نفوذ واسع لحفتر وأبنائه.. تقرير أممي صادم عن الفساد في ليبيا

سلّط تقرير أممي جديد الضوء على فساد الساسة الليبيين وتجاوزاتهم، التي شملت تهريب البشر والوقود، وسرقة المال العام وتعزيز نفوذ عائلات المسؤولين، لا سيما حفتر وأبنائه الذين يحكمون سيطرتهم على الشرق الليبي.
وكشف تقرير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة الذي صدر الجمعة، ويُغطي الفترة من 25 أفريل 2022 إلى 17 جويلية 2023، زيادة قدرة الجماعات المسلحة في ليبيا على خلق مناطق حصانة لأنشطتها الإجرامية، والتأثير في السياسة الوطنية في البلاد.
ولفت التقرير إلى أنّ هؤلاء استخدموا مناصبهم ليس فقط للتأثير في الوضع الأمني، بل أيضًا للسيطرة على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية في ليبيا.
شرق ليبيا تحت سيطرة حفتر
أوضح التقرير الأممي صعود صدام حفتر واحدا من أقوى أصحاب المصلحة في الشرق، وكيف عزّزت عائلة حفتر قبضتها على القوات المسلحة، التي شاركت بعض عناصر القوات المسلحة السودانية، المتمركزة في الجزء الجنوبي من البلاد في نقل الذخيرة والأسلحة إلى الجماعة المسلحة السودانية، قوات الدعم السريع، بعد وقت قصير من بدء النزاع المسلح في السودان في أفريل 2023.

ورغم الجهود الوطنية والإقليمية الرامية إلى طرد المقاتلين الأجانب من ليبيا، فإنّ الوضع الأمني ما يزال يتأثّر سلبا بوجود مقاتلين من تشاد والسودان والجمهورية العربية السورية وإفريقيا، وفق التقرير الأممي.
وبيّن التقرير أنّ الجماعات المسلّحة الليبية، تواصل انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل صارخ دون ذنب، ويشمل ذلك الاستخدام المنهجي للسجن غير القانوني، وسوء المعاملة الوحشية، وحرمان المعتقلين من حقهم في المحاكمة العادلة في مرافق الاحتجاز الرسمية والسرية الخاضعة لسيطرتها الفعلية.
وأضاف التقرير أنّ أعمال العنف تستهدف في الغالب المدنيين الذين يُنظر إليهم على أنهم معارضون للسلطات التي تمسك بالمصالح الاقتصادية للجماعات المسلحة الليبية في بنغازي وسرت وطرابلس، مشيرا إلى أن المدنيين معرضون للمخاطر الناجمة عن الأعمال العدائية المسلحة المكثفة بين الجماعات المسلحة.
تهريب واتّجار بالبشر
أشار التقرير إلى أنّ الاتّجار بالبشر وتهريب المهاجرين في جميع أنحاء البلاد، يُشكّلان تهديدا خطيرا لأمن ليبيا، كاشفا أنّ أفرادا ينتمون إلى 8 جماعات مسلحة ليبية، بمن فيهم ثلاثة أفراد خاضعون للعقوبات، قاموا بتوليد موارد مالية كبيرة وغيرها من عمليات الاتّجار بالبشر والتهريب المعقّدة على طول 8 طرق دولية، من خلال مشاريع غير قانونية متطورة أدّت إلى توسيع قدراتهم العسكرية ونفوذهم السياسي في الصعيدين المحلي والدولي.
وأفاد التقرير أنّ المهاجرين وطالبي اللجوء يتعرّضون بانتظام للتعذيب والاغتصاب وغيرهما من أشكال العنف الجنسي، كما كان الأطفال معرّضين بشكل خاص لمثل هذه الانتهاكات وتمّ استغلالهم في العمل.
واتّهم التقرير بعض الدول التي لم يسمّها، بتجاهل قرارات المجلس ضد الأفراد والكيانات الذين تم الإبلاغ عن انتهاكهم حظر الأسلحة، والذين يستوفون معايير التصنيف وتركهم دون عقاب.
تهريب النفط والقرصنة
كشف التقرير خلال الفترة التي حدّدها، معاينته 24 ناقلة تقوم بتحميل المنتجات النفطية المكرّرة في بنغازي، وهي صادرات تعتبرها المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة لتسويق النفط غير قانونية، حيث تم الاستيلاء على إحدى هذه الناقلات، على التوالي، من قبل دولتين عضوين.
وقال التقرير، إنّ فريق خبراء الأمم المتحدة رصد محاولة لتصدير 400 ألف برميل نفط بصورة غير مشروعة عبر إحدى الناقلات، التي لم تظهر في إشارات النظام الآلي لتحديد هوية السفن لعدة أشهر.
وأضاف أنّ تهريب الوقود بصورة غير شرعية، مستمرّ عن طريق البر بشكل رئيسي من الحدود الجنوبية والغربية الليبية، مؤكّدا أنّ الجماعات المسلّحة في جميع أنحاء ليبيا استفادت من عائدات تهريب الوقود.
كما لفت التقرير إلى أنّ القوات التابعة لحفتر تواصل الاستيلاء على السفن التجارية وطلبت فدية في المناطق البحرية الخاضعة لسيطرتها، مؤكّدا أنّ فريقا أجرى عمليتي تفتيش ميدانيتين لعتاد عسكري موجود على متن سفينتين تجاريتين استولت عليهما عملية “إيريني” التابعة للاتّحاد الأوروبي.

وكانت الشحنتان العسكريتان متوجّهتين إلى بنغازي، حيث حدّد الفريق أنّ إحدى السفن قامت في السابق بتسليم عتاد لبنغازي ودخلت أربع سفن بحرية أجنبية إلى ليبيا خلال الفترة المشمولة بالتقرير، وعلى الرغم من أنّ بعضها قدم سلعًا أو خدمات غير محظورة إلى ليبيا، إلا أنّ الفريق ما يزال يعتبر دخول وسيلة النقل هذه إلى الأراضي الليبية دون موافقة مسبقة من اللجنة انتهاكا لحظر الأسلحة.
وأشار التقرير الأممي إلى أنّ عملية إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي ما تزال متوقّفة دون أيّ إشارة إلى استئنافها في المستقبل القريب، حيث أدّت عودة طباعة الأوراق النقدية غير المشروعة في الشرق الليبي إلى اختلال السياسة النقدية في ليبيا وزيادة خطر اختلاس الأموال من قبل أطراف ثالثة.
وبيّن أنّ المؤسسة الليبية للاستثمار تفتقر إلى التقارير المالية المتوافقة مع المعايير الدولية، لأنها ليست في وضع يسمح لها بتقديم بيانات مالية موحّدة.
وأضاف أنّ علاقة المؤسسة الليبية للاستثمار بالشركات التابعة لها ما تزال تنطوي على إشكالية في ما يتعلّق بتنفيذ إجراء تجميد الأصول، كما أنّ تضارب المصالح في إدارتها يزيد من خطر تحويل الأصول.