تونس

نذير وسفيان…قصة اختطاف صحافيين تونسيين في ليبيا

لم يتمكّن الصحفيان التونسيان سفيان الشورابي ونذير القطاري من تغطية الأحداث، والتطوّرات في تونس بعد الثورة كسائر أبناء مهنة المتاعب في تونس، ولم يحالفهما القدر في مواكبة 4 محطّات انتخابية كبرى، وأحداث أمنية، وخلافات سياسية متواترة.
الشورابي والقطاري اختارا المغامرة على الأراضي الليبية لتغطية الأحداث هناك، فاختطفتهما جماعات مسلحة، وغيّبت أخبارهما لفترة تجاوزت سبع سنوات.

معتقلو 25 جويلية


المغامرة الصحفية تتحوّل إلى كابوس
في سبتمبر عام 2014 شدّ الصحفي الاستقصائي سفيان الشورابي، وزميله المصوّر الصحفي نذير القطاري الرحال إلى الأراضي الليبية في مهمة إنجاز تحقيق صحفي لفائدة القناة التلفزيونية الخاصة  فيرست تي في . 
كان آخر اتصال لهما بعائلاتهما عند الحدود التونسية الليبية، ثم  ما لبثت أن بدأت المأساة بإيقافهما قرب العاصمة طرابلس واحتجازهما لثلاثة أيام.
بعد إخلاء سبيليهما يوم 6 سبتمبر 2014، واصل القطاري والشواربي الطريق نحو المناطق النفطية بمدينة أجدابيا، حسب آخر مكالمة أجراها القطاري مع والدته.
بعد تلك المكالمة انقطعت أخبار الصحفيين على إثر اختطافهما من قبل جماعات مسلّحة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي واقتيادهما إلى وجهة مجهولة.
تحرّكات رسمية وحقوقية
اختفاء الصحفيين التونسيين أثار ضجة في الوسط الإعلامي التونسي وصدمة كبيرة لعائلتي الفقيدين خلفت حزنا وخوفا وشوقا وخيم الترقّب على مشاعر الجميع.
على الصعيد الحقوقي لم تتوانى منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ومنظمة مراسلون بلا حدود عن الضغط على الجهات الرسمية التونسية من أجل التحرّك دبلوماسيا ومعرفة مكان الشورابي والقطاري.
ندوات صحفية ووقفات احتجاجية وبيانات مناشدة دفعت الدبلوماسية التونسية إلى إيلاء الملف اهتمامًا خاصًا حسب تصريحات المسؤولين. من جهتها، استجابت السلطات الليبية لنداءات الحقوقيين من أجل بحث الملف والكشف عن مكان احتجاز التونسيين، وتم على إثر ذلك تكوين لجنة تحقيق مشتركة بين أعضاء حكومة وبرلمانيين وإعلاميين وحقوقيين، إلا أن التعاون بين الجهات الرسمية الليبية والتونسية في هذه القضية لم يكن جديا كما يجب ،إذ لم تسفر جهودهم عن أية نتيجة تذكر عدى بعض التسريبات والمعلومات غير الدقيقة.


تداول عدد من وزراء الخارجية ورؤساء الحكومات قضية سفيان ونذير لكنهم لم يفلحوا في استعادة مواطنيهما من الأراضي الليبية، أوحتى التأكّد من سلامتهما الجسدية.
وأمام غياب المعلومة تنقّلت سنية رجب والدة نذير القطاري إلى ليبيا سنة 2016 لتقتفي آثار ابنها وصديقه. وصلت حتى الشرق الليبي وبمساعدة جهات حقوقية تونسية وليبية، التقت أشخاصًا على علم بموضوع الصحفيين، وتم إعلامها بالمكان الذي احتجزا فيه أول مرّة لكنها لم تصل إلى نتيجة تثلج صدرها، رغم تواصلها مع وزير العدل في الحكومة الانتقالية الليبية، وعادت إلى تونس مشتتة العقل بسبب الأنباء التي بلغتها في رحلتها بشأن إمكانية تصفية نذير وسفيان.


مشاهد الموت وغياب المعلومة
لم تساعد الوقائع الأمنية والسياسية في ليبيا على حل لغز الصحفيين التونسيين، بسبب سيطرة الجماعات المسلّحة على عدة مناطق، وتوتر الأوضاع على الميدان، والحرب التي سادت البلاد.
دخول تنظيم داعش الإرهابي إلى ليبيا، وبث صور ومقاطع فيديو لعملية تصفية جسدية، وانتشار صورة لشخصين باللون البرتقالي رُوّج على أنهما الصحفيان التونسيان، أثارت بلبلة لدى الرأي العام التونسي، وعكّرت حالة عائلتي الشورابي والقطاري.


لم يسلم موضوع سفيان ونذير من الشائعات، فقد قتلتهما الأنباء الكاذبة أكثر من مرّة وزاد تضارب الأخبار والروايات وفشل الجهات الرسمية في الوصول إلى نتيجة من درجة التوتر لدى زملائهما في المهنة وعائلتيهما.
وسط هذا الغموض، تسرّبت بعض الأنباء السارة مؤخرا، والتي تؤكّد سلامة نذير القطاري وسفيان الشورابي دون تحديد مكانهما. ففي شهر فيفري 2021 صرّح أحد التونسيين العائدين من سجون ليبيا  أنه لمح سفيان ونذير عن قرب أيام 17 و18 و19 أفريل عام 2018 بالسجن العسكري بقرنادة في الشرق الليبي في المناطق الخاضعة لسيطرة المشير خليفة حفتر، مؤكّدا أنهما لم يتعرّضا لأي سوء.
وأضاف قائلا: “إن نذير وسفيان كانا يرتديان لباسًا أحمر يلبسه عادةً الموقوفون بتهم تتعلق بالإرهاب “.

زيارة سعيّد ضوء في آخر النفق
تعلّق عائلتا نذير القطاري وسفيان الشواربي الآمال على زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى ليبيا الأربعاء 17 مارس من أجل تحريك الموضوع بصفة جدّية.
كما يعتبر استقرار الأوضاع في ليبيا وصعود قيادة جديدة أملا جديدًا لمعرفة الحقيقة واستعادة نذير وسفيان من المجهول.
الرئيس قيس سعيّد طرح الموضوع أمام المسوؤلين الليبيين من أجل مضاعفة الجهود والعمل على الوصول إلى الصحفيين التونسيين، حيث التزم رئيس الجمهورية بالسعي جدّيًا لحل اللغز وتحرير الشورابي والقطاري بصفتهما مواطنين تونسيين قبل صفتهما الصحفية، فهل تُحل الأزمة على يد سعيّد؟