ثقافة

ناقدة لبوابة تونس: أزمة النصّ في المسرح التونسي مُفتعلة

“لا معنى للاقتباس إذا لم يتضمّن رؤية وموقف وربط للنصّ براهنية الفكر والإبداع”.. فوزية ضيف الله تتحدّث عن فنّ الاقتباس في المسرح التونسي
قالت الناقدة والأكاديمية فوزية ضيف الله: “يبدو الاقتباس للمسرح من النصوص العالمية متضمّنا لغايات ورهانات مختلفة، حيث لا يخفى على أحد أنه ثمة نصوص ملهمة في تاريخ المسرح العالمي على غرار شكسبير، كولتيز، بريشت، بيكات.. وهي نصوص خالدة، يمكن أن تكون محلّ قراءات متعدّدة”.
وهي ترى في الاحتماء بالاقتباس في حالات معيّنة أنه “ليس فشلا في الكتابة أو غيابا لنصوص حقيقية، فالمسرح يقتضي العودة إلى الاقتباسات”، وفق تصريحها لبوابة تونس في إجابة عن سؤال: هل الاقتباس من النصوص العالمية في المسرح التونسي ظاهرة صحية أم ضرورة فنية لندرة النصوص القيّمة؟
ومع ذلك تشدّد ضيف الله على أنّه ينبغي التمييز بين الاقتباس الإبداعي الذي يُضيف ويُبدع ويُعيد الكتابة بشكل تأويلي فني، والاقتباس الذي يكتفي بالترجمة أو نقل النصّ كما هو.
وتوضّح الباحثة التونسية: “لا معنى للاقتباس، إذا لم يتضمّن رؤية وموقف وربط للنصّ براهنية الفكر والإبداع. كما أنّ الكتابة الاقتباسية ليست أمرا متيسّرا للجميع، فالقلم الذي يبدع نصا من عدم، نصا حديثا هو أقدر على الاقتباس من الذين يدّعون العودة إلى الاقتباس لغياب النصوص الجيّدة وغياب الأقلام المبدعة”.
بالتوازي تقول ضيف الله: “الكاتب المسرحي هو الحلقة الهشّة في العملية المسرحية، يُراد في الكثير من الأحوال تغييبه واستسهال الكتابة بالعودة إلى الاقتباس الذي نخشى دائما أن يكون غير جيّد أو يكرّر نصوصا قديمة بشكل اجتراري مُمل”.
وفي تصوّرها “الاقتباس من النصوص العالمية، هو فن جميل ومفيد للمسرح إذا كان إبداعيا خلاقا، متجدّدا، ومتضمّنا لرؤية تقرأ الأوضاع الاجتماعية والسياسية والفكرية، ويخدم المرحلة ويحفّر بعمق”.
وتشدّد الأكاديمية التونسية على أنّ النصوص العالمية تحتاج تفكيكا ووعيا يحفر ويحلّل ويبدع منها معاني جديدة مع ضرورة تغيير الرؤية الإخراجية، وكذلك البحث في معالم الشخصيات تاريخيا حتى لا يقع مخرج المسرحية في الأخطاء جراء الاقتباس غير المتمعّن.
وتؤكّد: “تحتاج الاقتباسات تطعيما جديدا، بغرسها في صلب الراهن الفكري والسياسي والاجتماعي”.
وعن أزمة النص من عدمه في المسرح التونسي، تقول ضيف الله: “المسرح التونسي لا يُعاني أزمة نص، فهذه الأزمة مفتعلة”.
وتوضّح: “نحن هنا إزاء أزمة اعتراف بمهمة الكاتب المسرحي، وذلك طبعا له دوافع عديدة”، وفق توصيفها.
ولا تفصل ضيف الله في هذا الخصوص بين الكتابة المسرحية المقتبسة أو غير المقتبسة، فكلاهما تحتاج مهارات لغوية، موضّحة أنّ “تلك اللغة التي تصنع الفعل المسرحي وتخلق الشخصية، تُفكّك الخطاب وتُحدث الرجّة وتجعل النص منطوقا حيّا يتنفّس”.
فالاقتباس -في نظرها- هو عملية تبثّ الحياة والروح في نصوص قديمة، وبثّ الحياة يحتاج صدقا كبيرا في الكتابة ووجعا يُنطق الحروف من جديد.. فليست العملية آلية أو أوتوماتيكية، حيث لا ينبغي استسهال الاقتباس المسرحي عن النصوص العالمية.