ناظم الزهاوي: اسم لا يبدو مألوفًا أو متداولاً لدى المواطن العربي، الذي قلما يكترث أو ينتبه إلى الأصول العربية لوزير الدولة للأعمال في الحكومة البريطانية.
الزهاوي المجهول تقريباًعربيًّا وحتى في العراق التي ينحدر منها، تحول إلى محَطِّ الأنظار والأضواء، بُعيْد إعلان رئيس الحكومة بوريس جونسون عن تكليفه بمنصب وزير دولة، لدى وزير الصحة مكلف بلقاح كورونا.
تكليف الزهاوي بالمنصب يأتي ضمن مشروع الحكومة البريطانية لتعميم التطعيم الشامل في كامل المملكة المتحدة، واعتمادًا على ترتيب حكومي مُؤقّت يستمر إلى حدود الصائفة القادمة.
مِن المرجعية العراقية إلى المرجعية البريطانية
لمَع نجم الزهاوي المولود في بغداد عندما انتُخب نائبًا في مجلس العموم البريطاني عن حزب المحافظين في الانتخابات النيابية عام 2010.
انتماء سياسي تمْتزج عبْرَه الأيدولوجيات الحزبية في المرجعية الثقافية والاجتماعية التقليدية المحافظة في العراق، والتي لعبَت دورًا في تشكيل وعْي الرجل ونشأته في سنوات الطفولة.
وُلد الزهاوي في العاصمة العراقية سنة 1967، وانتقل في سنّ التاسعة إلى المملكة المتحدة مهاجرًا صُحْبة عائلته.
ولعل الرغبة في تكريس اندماجه الثقافي والاجتماعي في بريطانيا، كانت من بين العوامل التي دفعت الرجل نحو دخول الساحة السياسية، وصعود سُلّمِها بشكل سريع؛ من عضوية البرلمان عن منطقة ستراتفورد أون آفون، إلى تكليفه بحقيبة التعليم في حكومة تريزا ماي، واستمراره بالتشكيل الحكومي لبوريس جونسون مُكلّفًا بالأعمال.
خرّيج جامعة لندن وخبير اقتصاديات السوق، سيكون في مواجهة تحديٍّ صحيٍّ وتنْظيميٍّ كبير، من خلال إشرافه على أكبر عمليةِ تطعيمٍ عامٍّ تقوم بها بريطانيا منذ عقود، بما تتطلبه من إدارة مُحْكمة وإشراف مباشر، وتنسيق على درجة كبيرة من الدقة؛ لتنظيم عملية توزيع ملايِين الجُرعات من اللقاح.
تحدّي صحي وسياسي
يعكس تصريح الزهاوي بحسب المراقبين، إدراكا بجسامة المهام الملقاة على عاتقه، وهو ما يتجلّى في قوله “إنها مسؤولية كبيرة وتحدّ كبير، ولكننا ملتزمون بالتأكيد، ونحن واثقون من كوْننا نستطيع طرْح اللقاحات بسرعة، وإنقاذ الأرواح وسبل العيش، والمساعدة على إعادة البناء بشكل أفضل”.
رهانُ بوريس جونسون على وزيره للأعمال؛ لإدارة عملية توزيع 100 مليون جرعة من اللقاح، لا ينْطلق من فراغ بحسب المتابعين للمشهد الابريطاني؛ نظرًا إلى مواهب الزهاوي في الخطابة وقدرته على التعامل الايجابي مع الصحافة ووسائل الإعلام، إلى جانب خبْرته من خلال مجموعة “يوغوف” لاستطلاعات الرأي، ما جعَله ملمًّا بكيفية صناعة الرأي العام، فضلا عن تجربته الهامة في إدارة المشاريع، والبرامج الكبرى خلال مسيرته المهنية.
لا تتلخّص الآمال المعلقة على الزهاوي في معركة التطعيم ضدّ الوباء على مستوى الشارع البريطاني، بل تتعداه إلى الحكومة البريطانية، والتي تواجه انتقادات حادّة؛ جراء إخفاقاتها في مواجهة اتساع رُقْعة الإصابات والعدوى، وعدم نجاعة سياسة الإغلاق العام، التي تمّ انتهاجها خلال الموجة الثانية من الجائحة، ما يجْعل الرجل في مواجهة اختبار سياسي وصحي حاسم خلال الفترة القادمة، مع بداية تسليم الجُرُعات الأولى للقاح، والتي تتزامن مع نهاية إجراءات الحجر الصحي الإجباري.