كشفت دراسة أعدّتها منظمة “آلارت” أن الرّيع البنكي هو العائق الأساسي للسياسات النقدية في تونس التي تتسم بالعجز وعدم تحقيق الأهداف المرجوة.
وفسّرت المنظمة هذا الوضع بعدة أسباب رئيسية تتمحور حول الطابع الهيكلي لظاهرة التضخّم وهيكلة النظام المالي والتمويل وعدم تناسق السياسات النقدية من جانب البنك المركزي.
وأوضحت دراسة ” آلارت” أن التضخّم باعتباره ظاهرة هيكلية يعود إلى عجز موازنات الدولة لأن الاقتصاد يعول هيكليا على الاستيراد، مبرزة أن التضخّم المستورد يعني دعم الواردات من خلال سياسات المحافظة على سعر الدينار بالتعويل على الدين الخارجي، إضافة إلى تعطل القطاعات المنتجة على سبيل المثال القطاع الفلاحي الذي لا يستجيب للمتطلبات الوطنية، وعدم مراجعة نظام الملكية وإقصاء الفلاح من الدورة الاقتصادية والأزمات المناخية وكذلك بنية الأسواق التي تحكمها الاحتكارات في ظل غياب التنظيمات والمراقبة البعدية والمنافسة.
وأبرزت الدراسة، أن النظام المالي قد أدى إلى نوعين من طالبي الخدمات المصرفية، هما فاعل اقتصادي مهمّش وخارج الدائرة الرسمية المصرفية يعتمد على مسالك تمويل غير رسمية بسبب عدة عوامل أهمها الارتفاع المُشط للضمانات المطلوبة عند الاقتراض، وفاعل اقتصادي يعتمد بشدة على التمويل البنكي ولا يملك بدائل مصرفية .
وختمت الدراسة تفسيرها عجز السياسات النقدية في البلاد بملاحظة التناقض في السياسات النقدية الهادفة إلى التخفيض في نسبة التضخم النقدي من قبل البنك المركزي باعتبار أن الارتفاع في نسبة الفائدة المديرية تزامن في بعض الأحيان مع الانخفاض في نسبة معدلات احتياطي الودائع، علاوة على إجراء عمليات ضخ النقد في الاقتصاد من خلال إعادة التمويل والتدخل في السوق المفتوحة.
ومن النتائج السلبية الأخرى لهذه السياسات النقدية، وفق الدراسة، ارتفاع خطر التخلف عن سداد الديون بسبب الارتفاع المفاجئ لتكاليف التمويل، إذ ظلّت معدلات القروض غير المنتجة عالية نسبيا (في حدود 13 بالمئة) مقارنة بالبلدان الأخرى.
ولاستيعاب خطر التخلف عن السداد، أشارت منظمة “آلارت” إلى أن البنوك تفرض أسعار فائدة مرتفعة، مشدّدة على أن استخدام أسعار الفائدة القياسية المتزايدة من شأنه أن يوفر فرصة للبنوك لتحقيق أرباح أعلى، مبرزة أن أغلب القروض (العادية) التي تمنحها البنوك تقريبا تخضع لسعر فائدة متغير حسب نسبة الفائدة للسوق المالية، وبالتالي فإن أي تغيير في نسبة الفائدة المديرية من شأنه أن يخلق أرباحا أكبر للبنوك وفق ما نقلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء.
وأفادت الدراسة أن البنوك تمكنت على مدى السنوات الخمس الماضية (2017-2022) من تحقيق هوامش مرتفعة للغاية بسبب زيادة نسبة الفائدة للسوق المالية.