سياسة عرب

“ميدل إيست آي”: تصريحات بندر بن سلطان تمهد لانخراط سعودي في مسار التطبيع

نشر الصحافي البريطاني ديفيد هيرست، مقالةً في موقع “ميدل إيست آي” الذي يتولى رئاسة تحريره، تناول فيه هجوم السفير السعودي السابق بواشنطن بندر بن سلطان على الفلسطينيين، معتبراً أنه يمهد لتطبيع المملكة العربية السعودية مع إسرائيل.

وربط هيرست في قراءته دلالات تصريحات بندر، بتراجع ترامب في نوايا التصويت بالانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة، ما يزيد المخاوف في الرياض وأبوظبي من هزيمته، وبالتالي فقدان “سقفهم الإقليمي”، وتركهم مكشوفين.

يوضح هيرست في تحليله تصريحات بندر بن سلطان، خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، والتي تتركز على توسيع نطاق الاعتراف العربي بـ”إسرائيل”، وهو الأمر الذي أصبح مهددًا في حال خسارة ترامب في الانتخابات.

“لم تنضم أي دولةٍ عربيةٍ كبيرةٍ إلى الصفقة، لا السودان ولا سلطنة عمان، حتى الآن، اعترفت دولتان صغيرتان فقط من الخليج بإسرائيل، هما الإمارات العربية المتحدة والبحرين”، حسب ما ينقله الكاتب البريطاني الذي أشار إلى أن المخططات السعودية الإماراتية تعمل على  استبدال الرئيس الفلسطيني محمود عباس برجل بن زايد محمد دحلان، والإطاحة ببقية الزعماء الفلسطينيين، وهو من بين العوامل التي رجحت إعادة بندر إلى الأضواء، من خلال حديثه على قناة “العربية” للتنديد بالقادة الفلسطينيين، في محاولة لتأليب الرأي العام العربي، وخلق أرضية للنظام السعودي ليحذو حذو المطبعين.

لم يتحرج  بندر من التصريح خلال المقابلة “أن الوقت قد حان لكي تسلك السعودية طريقها الخاص وتتبع مصلحتها الوطنية” بالتزامن مع تبجحه بالمن على الفلسطينيين، وتذكيرهم بالمساعدات والدعم المالي الذي قدمته لهم الرياض.

  ردود الفعل الغاضبة تجاه المقابلة لم تنحصر بالأوساط الفلسطينية، بل تجاوزتها بحسب المقال إلى جميع أنحاء العالم العربي، فقد أعاد بندر عبر حديثه إلى ذاكرة ملايين العراقيين والسوريين والمصريين، تكلفة ووبال السياسة الخارجية السعودية عليهم طوال العقدين الماضيين، مذكرًا بكل حربٍ أميركيةٍ أو صفقةٍ قذرةٍ شارك فيها شخصياً.

قائمة تمتد عبر 22 عاماً من حياته المهنية في واشنطن تشمل خاصةً فضيحة إيران كونترا، صفقة اليمامة للأسلحة، حرب الخليج الأولى، الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وأخيراً الحرب في سوريا، “وكان لكل منها حصة في رقبة بندر”، بحسب تعبير هيرست.

يعلق الكاتب البريطاني بشكلٍ خاصٍ  على الفساد الذي أحاط “بصفقة اليمامة، والأموال الطائلة التي جناها بندر من العمولات والرشاوى، بالقول “كان بندر يتقاضى 30 مليون جنيه إسترليني كل ثلاثة أشهر لمدة عشر سنواتٍ على الأقل، من قبل شركة هندسة الطيران البريطانية، كجزء من عمولاته لصفقة أسلحة اليمامة، وعندما أراد مكتب مكافحة الاحتيال في بريطانيا توجيه اتهامات له، أوقف طوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، التحقيق لأسباب تتعلق بالمصلحة الوطنية”.

التزم بندر، طوال حياته المهنية الطويلة، بمبدأ واحدٍ هو خدمة أسياده وأولياء نعمته سواء كانوا ملوك السعودية أو رؤساء الولايات المتحدة، ويمكن اختزال سياسته في تنفيذ أجندات الأسرة الحاكمة التي لم تكن معنية بمشاكل المنطقة، بقدر ما كان همها الأساسي الحفاظ على ملك آل سعود بأي ثمن.

محاولات النظام السعودي تهيئة الرأي العام الداخلي والعربي للانخراط في مسار التطبيع، يشبهها هيرست “بالجلوس على برميل من البارود”، في ظل الإحصائيات التي كشفها مؤشر الرأي العربي السنوي، الذي ينشره معهد الدوحة، إذ يفيد أن ستة في المائة فقط من السعوديين يوافقون على اتفاق للتطبيع، فيما تبلغ نسبة الرفض 99 في المائة في الجزائر، و94 في المائة في لبنان، و93 في المائة في الأردن وكذلك الأمر في تونس.

ويستشهد هيرست في هذا الصدد، بقيام قناة “أم بي سي” الممولة سعودياً بإزالة الدراما السورية الشهيرة “التغريبة الفلسطينية” من خدمتها الخاصة بالعروض، ما أثار ضجةً واسعةً اضطرت القناة إلى إعادتها مجددًا على منصاتها.

أما عن بندر فيخلص المقال إلى وصفه “بكارثة العقدين الماضيين”، والذي انتهى به المطاف إلى إلقاء عائلته للذئاب، عمه الأمير أحمد وأخته زوجة محمد بن نايف والعديد من أبناء عمومته، “للفوز بخدمة سيده الجديد محمد بن سلمان”، مقابل تعيين ابنه وابنته سفيرين للمملكة في لندن وواشنطن.