أثارت سلسلة من الأرقام القياسية المناخية حول التغيّر في درجات الحرارة وسخونة مياه المحيطات ومساحة طبقة الجليد في المحيط المتجمّد الجنوبي حيرة العلماء الذين يقولون إنّ سرعة هذا التغير وتوقيته “غير مسبوقين”.
وقالت الأمم المتحدة إنّ موجات الحرّ الخطيرة في أوروبا قد تحطّم المزيد من الأرقام القياسية.
وقال توماس سميث، عالم الجغرافيا البيئية في مدرسة لندن للاقتصاد (جامعة بريطانية): “أنا لست على علم بفترة مماثلة كانت فيها جميع أجزاء النظام المناخي في وضع تحطيم للأرقام القياسية أو في وضع غير اعتيادي.”
من جهته قال الدكتور باولو سيبي، وهو محاضر في علم المناخ بجامعة “إمبريال كوليج لندن”، إنّ “الأرض هي منطقة مجهولة” الآن بسبب الاحتباس الحراري الناتج عن حرق الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى الحرارة من ظاهرة النينيو- وهي نظام تسخين طبيعي في الطقس- منذ العام 2018.
وتقول عالمة المناخ في جامعة إمبريال كوليج لندن الدكتورة فريدريكي أوتو إنّ هذا هو بالضبط ما كان متوقعاً حدوثه في عالم تزيد سخونته بفعل المزيد من غازات الدفيئة.
وأضافت أنّ “البشر هم خلف الاتجاه التصاعدي بنسبة مائة في المائة”.
وهناك دراسات تُجرى الآن، لكنّ العلماء يخشون بالفعل من أنّ بعض السيناريوهات الكابوسية بدأت تتكشف.
ويقول العلماء إنّه يمكننا بالتأكيد أن نتوقّع المزيد ثمّ المزيد من تحطيم الأرقام القياسية مع استمرار هذا العام ودخولنا العام 2024.
وتُعتبر الانبعاثات المستمرّة جرّاء حرق أنواع الوقود الحفوري مثل النفط والفحم الحجري والغاز المسؤولة عن الاتجاه التصاعدي في سخونة كوكب الأرض.
ويقول الدكتور سميث: “إذا كنت متفاجئا من أيّ شيء، فإنّ ذلك الشيء هو أنّنا رأينا الأرقام القياسية تتحطّم في جوان أي في وقت مبكر من العام. فظاهرة النينيو عادة لا يكون لها تأثير عالمي إلا بعد خمسة أو ستة أشهر من دخول المرحلة”.
وتُعتبر النينيو أقوى ظاهرة طبيعية في العالم في تقلبات المناخ. فهي تجلب الماء الأسخن إلى السطح في المناطق الاستوائية من المحيط الهادي، وهو ما يدفع الهواء الأسخن إلى الجو. وهي تعمل في العادة على زيادة درجات حرارة الهواء العالمية.
وكان متوسط درجة الحرارة العالمية في جوان من هذا العام أعلى بمقدار 1.47 درجة مئوية عن شهر جوان عادي خلال الفترة ما قبل الثورة الصناعية. وكان البشر قد بدأوا بضخ غازات الدفيئة في الجو عندما بدأت الثورة الصناعية في حوالي العام 1800.
وحطّم متوسّط درجة حرارة المحيطات العالمية الأرقام القياسية المسجلة لأشهر ماي وجوان وجويلية وهي تقترب من أعلى درجة حرارة سطحية لمياه البحر سُجلت على الإطلاق، والتي تم تسجيلها في 2016، لكن الحرارة الشديدة في شمال المحيط الأطلسي هي التي تُنذر العلماء بالخطر بشكل خاص.
وتقول دانييلا شميت، أستاذة علوم الأرض في جامعة بريستول: “لم نسمع قط بموجة حرّ بحرية في هذا الجزء من المحيط الأطلسي. فأنا لم أتوقّع هذا.”
وفي هذه الأثناء، تدقّ نواقيس الخطر بالنسبة للعلماء بينما يحاولون معرفة الصلة الدقيقة بالتغير المناخي.
وتشرح الدكتورة كارولين هولمز من مؤسسة المسح البريطاني للقارة القطبية الجنوبية الوضع قائلة إن عالماً تزداد سخونته من شأنه أن يؤدي إلى تقليص مستويات الجليد البحري في المحيط المتجمّد الجنوبي، لكن التقليص المفاجئ الحالي قد يكون راجعاً أيضاً إلى ظروف الطقس المحلية أو التيارات المائية في المحيط وفق ما نقلت ” بي بي سي”.
وشهد العالم تحطيم أربعة أرقام قياسية للمناخ حتى الآن هذا الصيف، وسُجّل أسخن يوم على الإطلاق في العام الجاري، وهو ما حطّم الرقم القياسي العالمي لمتوسط درجة الحرارة الذي سُجل في 2016. فقد ارتفع متوسط درجة الحرارة العالمية عن 17 درجة مئوية لأول مرة، ليصل إلى 17.8 درجة مئوية في 6 جويلية، وذلك وفقاً لخدمة رصد المناخ في الاتحاد الأوروبي المعروفة باسم “كوبرنيكوس”