تونس

مواطنون لبوابة تونس: لهذه الأسباب نعارض قانون “زجر الاعتداء على القوات المسلحة”

يناقش مجلس نواب الشعب، الخميس 8 أكتوبر، مشروع قانون “زجر الاعتداء على القوات المسلحة” وهو قانون تقدمت به الحكومة منذ العام 2015، إثر هجمات مسلحة استهدفت قوات الأمن والجيش والسياح. مشروع القانون هذا ترفضه المنظمات الحقوقية في تونس وتقول إن من شأنه منح قوات الأمن حصانة مبالغاً بها قد تكرس ثقافة الإفلات من العقاب.

معتقلو 25 جويلية


مواطنون تظاهروا ضد مشروع القانون في مناسبتين هذا الأسبوع تزامناً مع جلسات البرلمان، صرحوا لبوابة تونس بشأن معارضتهم القانون، محذرين من تداعياته الخطيرة على المجتمع التونسي برمته كونه يؤسس لدولة البوليس ويؤجج العلاقات المتوترة أصلاً بين الأمن والمواطن ويمنح حامل السلاح فوقية على مواطن أعزل ناهيك عن مخاطر بعض البنود المبهمة التي تضمنها القانون. يقول الناشط عادل عزوني وهو شاب عشريني لبوابة تونس: “أنا لست ضد حماية الأمنيين لكن في حدود المعقول. أساند حماية حقوقهم في العمل في ظروف طيبة لكن ليس بهذه الطريقة”.

ويتابع: “تابعت تفاصيل هذا المشروع منذ عرضه للمرة الأولى على البرلمان قبل 5 سنوات. رفضته مثل العديد من الناشطين والحقوقيين و منظمات لما فيه من مبالغة و تكريس جديد لدولة البوليس. فهذا المشروع فيه حد من الحريات و تعسف على حقوق الإنسان وهو كذلك مخالف لدستور الدولة الحديثة الديمقراطية التي نسعى إلى بنائها منذ الثورة. هذا مشروع سياسي أكثر من كونه حامياً للأمن . هو قنبلة موقوتة لخلق ضغينة بين رجل الأمن و المواطن . لسنا في حرب مع الأمن، رجل الأمن جزء من مكونات المجتمع لكننا نطمح إلى إرساء دولة حامية لكل مواطنيها في إطار القانون و الدستور”.


ويقول عادل إن مشاركته في مظاهرة ضد هذا القانون أمام مجلس المستشارين كانت إيماناً منه بالحرية والديمقراطية و ثقافة القانون، “رأيت شباناً و شابات يدافعون عن الدولة المدنية مثلما رأيتهم منذ الثورة. العنف الذي جوبهت به مظاهرة يوم الثلاثاء من قبل عناصر الأمن هو سقطة أخلاقية وعودة ممارسات ما قبل الثورة. تعرضنا للشتم و الضرب ووثقنا ذلك .. كنت أتوقع تصريحاً من رئيس الدولة بوصفه حامي الدستور لا سيما وقد صرح من قبل بأن هذا القانون يمثل تهديداً للحريات، لكن للأسف لم يعلن عن موقفه الآن. أناشد المحتمع المدني والمنظمات والحقوقيين الاصطفاف ضد هذا المشروع الديكتاتوري”.


قانون يؤسس لدولة البوليس

وحذر الحقوقي الصادق بن مهني في تصريح لبوابة تونس من أنه في حال صادق البرلمان على القانون “سيزيد ذلك من تدهور العلاقة بين رجل الأمن والمواطن”. ونبه إلى “تجييش في صفوف المواطن وصفوف الأمن بهذا القانون الذي قد يؤسس لحرب أهلية…من سيتضرر أكثر من هذا القانون هو رجل الأمن نفسه”.


واعتبر بن مهني القانون “عاراً على تونس بعد الثورة” لأنه يؤسس لثقافة الإفلات من العقاب. وأكد أنه ليس ضد معاقبة من يعتدي على قوات الأمن لكن هذا القانون مخالف لمبادئ الدستور فكل مواطن أيا كانت صفته يخضع للقانون في حال ارتكاب اعتداء. ويضيف “العقوبات موجودة في المجلة الجزائية تتضمن عقوبات على من يعتدي على شرطي. هناك دعوات لمراجعة المجلة الجزائية حتى تتفق مع مبادئ حقوق الإنسان ولم ينظر فيها البرلمان. لدينا قانون زجري جداً بدعوى الاعتداء على موظفين عموميين، لماذا نخص الأمنيين بقانون استثنائي؟ لماذا نمنح قوة لشخص يمسك بالسلاح أمام شخص أعزل؟ ماسك السلاح يمكنه الاعتداء على الأعزل”. وقال بن مهني إن أسر جرحى وشهداء الثورة طالبت بأن يعترف الأمنيون المورطون بقتل أبنائهم بجرائهم لا بتشديد العقوبات عليهم ورغم ذلك لم يحدث هذا.


وتطرق بن مهني إلى واقعة الاعتداء على ابنته الحقوقية الراحلة لينا بن مهني في جربة عام 2014 من قبل رجال الأمن في مركز شرطة، قائلاً: “ضربوا لينا وأمها وآخرين في مقرهم (مركز الشرطة)، لم تقبل شكوانا في البداية، ثم ادعوا أن لينا اعتدت عليهم…لم يمتثلوا للتحقيق…بعد إحالة القضية إلى المحكمة حُكم عليهم غيابياً بسنة سجن وكانوا خلالها يتمتعون بالترقية الوظيفية”. يقول بن مهني إنه يستحضر هذه الواقعة للاستدلال على الإفلات من العقاب في صفوف بعض الأمنيين رغم اعتدائهم على مواطنين، متسائلاً “كيف أمنح إفلاتاً من العقاب لمواطن ولا أحاسبه عند أداء مهامه”؟


وأكد بن مهني أنه مع الأمن الجمهوري ومع حماية الأمن والمواطن كذلك، قائلاً: “هذا القانون برمته لا داعي لوجوده إلا إذا كنا بصدد تأسيس دولة يحكمها البوليس ويستعمل فيها البوليس لتكريس الديكتاتورية”.
وأشارإلى أن هناك شعوراً بالإحباط في صفوف شباب الثورة ومن آمن بمبادئها. وأفاد بأن ما يحدث اليوم يذكّره بأروقة مراكز الشرطة في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي حيث كانت تُعلق على الجدران لافتات تذكر بحقوق المواطن وواجبات الشرطي وكنت تقرأها “وأنت تسمع أنين مواطن يصفعه شرطي خلف أبواب مغلقة”.


ما معنى المس من معنويات الأمني وعائلته؟

 وتقول الصحفية لطيفة حسني التي شاركت بدورها في مظاهرة ضد مشروع القانون، لبوابة تونس، “هذا القانون ليس لردع الاعتداءات بل لمنح الأمن حصانة حتى لا يحاسب على أخطائه”. ولاحظت أن هذا القانون ينتهك مبدأ المساواة الذي يقره الدستور. وأكدت “كلنا نؤمن بأنه لا بد من منح الأمن حقوقاً مادية وآليات عمل جيدة لا يمكن أن يتحول رجل الأمن إلى مواطن فوق القانون”. ولاحظت أن مشروع القانون يتضمن بنوداً جد مبهمة وخطيرة في التأويل متسائلة “ما معنى معاقبة المس من معنويات رجل الأمن وأسرته؟ يمكن سجن مواطن بسبب شجار شخصي مع شرطي سيتم تأويله لاحقاً على أنه مس من معنويات الشرطي”؟


ونددت ببعض صفحات رجال الأمن على فيسبوك التي تمثل بحد ذاتها اعتداءً على المواطنين من ذلك تعيير النشطاء بأنهم “حقوقيون” وكأن كلمة حقوقي “عار”. وشددت على أن بعض الكتل البرلمانية مررت هذا المشروع دون النظر إلى مصلحة المواطن، غايتها كانت الاعتبارات الحزبية والحسابات السياسية وفق قولها.