تونس

مهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء يستغيثون: “نريد مغادرة تونس!”

إسماعيل دبارة

في اطار خطواتهم التصعيدية التي هددوا بها منذ فترة، اشتكى لاجئون من دول إفريقيا جنوب الصحراء اليوم الاربعاء 27 أبريل/نيسان، من سوء المعاملة والتهميش الذي يتعرضون اليه في تونس، كما نددوا بتصرفات مفوضية اللاجئين حيالهم، وطلبوا بترحيلهم إلى دول أخرى.

وفي مقرّ نقابة الصحافيين، عدّد عبد الرسول ابراهيم، وهو سوداني من دارفور، وناطق باسم أكثر من 200 مهاجر غير نظامي علقوا في تونس، وتنقّلوا من جرجيس إلى العاصمة مؤخرا للاعتصام، بما يتعرض له وأصدقاؤه من تجاوزات، ويقول” “عشنا شتاءً صعباً في تونس وسط الرطوبة والمشاكل الصحية، وتجاهل مفوضية اللاجئين لأوضاعنا”.

نناشدكم الترحيل

يمثل المشتكون 214 لاجئا وطالب لجوء، دخل غالبيّتهم إلى تونس سنة 2019 قادمين من ليبيا، وناشدوا في مؤتمرهم الصحفي، المنظمات الدولية والوطنية والحكومة التونسية، “إجلائهم فورا من تونس نحو أوروبا أو أمريكا أو كندا”.

وقال عبد الرسول إبراهيم إن سبب هذا الطلب يعود أولا إلى الظروف المعيشية الصعبة لهؤلاء اللاجئين في تونس بالإضافة إلى كون تونس وقعت على اتفاقية استضافة اللاجئين وليس إدماجهم، على حدّ تعبيره.

شكا المهاجرون أيضا من صعوبة ادماجهم في تونس، وقالوا إن لديهم أطفالا تم رفض تسجيلهم بمدارس محلية، كما أن كثيرا منهم تعرّض لاعتداءات من الشرطة، خاصة من طرف الحرس الوطني في جرجيس الذي لم يتعامل معهم باحترام، على حدّ تعبيرهم.

ويقول طالب اللجوء السوداني عبد الرسول إبراهيم في تصريحات خصّ بها “بوابة تونس”: “نعيش منذ فترة طويلة خارج الحماية ولا نشعر بالأمان… نطالب المنظمات الانسانية والتونسيين وغيرهم بإنقاذنا أولا من أوضاعنا الصعبة ثم المساعدة في اجلائنا”.

يضيف: “مفوضية اللاجئين تتعلل بـ”نقص الميزانية” حتى لا تساعدنا، ولكن نقص الميزانية مستحيل، إنها عملية غير انسانية من طرفهم”.

ويوجه أصابع الاتهام فيما آلت اليه أوضاعهم إلى بعض الموظفين في مفوضية اللاجئين بتونس، ويقول عنهم “إنهم بلا خبرة ولا يطبّقون معايير دولية في التعامل مع المهاجرين”.

يضيف: “حتى “المجلس التونسي للاجئين” و”المعهد العربي لحقوق الإنسان” وغيرهم من منظمات وجمعيات نعتبرهم شركاء لنا، ليس لديهم امكانيات لحماية اللاجئين، بل إن بعض المنظمات ضغطت علينا من أجل العمل برواتب هزيلة وفي ظروف سيئة”.

وندّد بتعامل أمني قاس في مدنين وقال إن الوالي جلب تعزيزات أمنية كبيرة لنا في أكثر من مناسبة، ورغم أن النساء الللاجئات طالبن فقط بتحسين أوضاعهن، فإن الشرطة ضربتهُن، كما تم ابعاد بعض المحتجين الى ليبيا.

يضيف: “نحن متماسكون ونتصدى للشرطة كلما أرادت اعتقال بعضنا”.

بعد نحو 3 أشهر من الاعتصام في مدينة جرجيس (جنوب شرق)، نقل هؤلاء اللاجئون منذ أيام اعتصامهم أمام مقر المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين بالعاصمة التونسية؛ للمطالبة بإيجاد حلول لأوضاعهم.

وسنويا، يصل إلى سواحل تونس الجنوبية مئات اللاجئين الأفارقة بعد تعطّل قواربهم في البحر، خلال توجههم بطريقة غير نظامية من ليبيا إلى إيطاليا، على أمل الظفر بحياة أفضل في أوروبا.

وسط شارع “بحيرة بيوا”، بضاحية “البحيرة” الراقية شمال العاصمة، ينفذ اللاجئون وطالبو اللجوء منذ أيام، اعتصامًا أمام مقر المفوضية الأممية، معتبرين أن الهروب من نيران الحروب في بلدانهم وضعهم في “نار جديدة لا يرون مفرًا منها إلا بإجلائهم إلى دول اخرى”.

تطغى على مشهد الاعتصام صور الأطفال في العراء في انتظار مساعدة أو حلٍ قد يأتي وقد لا يأتي في بلدٍ يعيش أزمات اقتصادية واجتماعية حادة.

أطفال ونسوة وكبار في السن ممدون في الطريق خلال شهر الصيام في مشهد قال أحد اللاجئين إنه “لا يليق بتونس”.

يقول طالب الهجرة الايريتري بينام (25 عاما) ل”بوابة تونس”: “ليس هنالك من يحمينا، ما يعقّد ويصعّب ظروفنا أن كثيرا منا لا يتحدث العربية، أنا ايريتري مسيحي، لا أجد وضعا يلائم قناعاتي الدينية هنا، ولم أجدكنيسة للصلاة بالجنوب التونسي، والبعض يسيء الينا بشكل مستمر، وأنا معطّل عن العمل ولا أخد يرغب في توظيفي بسبب ديانتي”.

يضيف: “العربية تعلّمتها في ليبيا ثم في تونس التي احتجزتُ فيها لأربع سنوات… ما أريده الآن هو ترحيلنا إلى دولة أخرى”.

أزمة مكتملة القوام

وفق أرقام المنتدى التّونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (غير حكومي)، اعترضت قوات خفر السواحل التونسية، 25 ألفًا و657 مهاجرًا في عام 2021 أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط، أي ما يقرب من ضعف العدد المسجل في العام 2020، والبالغ 13 ألفًا و466 شخصًا.

وفي تونس حاليا 9 آلاف و547 لاجئًا، 5 آلاف و900 من الذكور، وحوالي 3 آلاف و600 من الإناث، من جنسيات مختلفة أبرزها ساحل العاج وسوريا والسودان والكاميرون، أما صفة “لاجئ” فتسندها مفوضية شؤون اللاجئين وليس الدولة التونسية، التي يتوزع فيها اللاجئون على عدة محافظات.

ففي تونس الكبرى يتوزع 4390 لاجئًا، و2200 بصفاقس (وسط)، و1200 آخرين بمدنين (جنوب)، 3262 لهم صفة لاجئ وأكثر من 6 آلاف و500 آخرين قدموا مطالب اللجوء إلى تونس، حسب أرقام المنتدى.

وتدعو منظمات المجتمع المدني سلطات نونس إلى “تحمل مسؤولياتها بموجب معاهدة جنيف 1951″، و”ضرورة تحيين القوانين الوطنية حتى تسهّل اندماج اللاجئين وطالبي اللجوء وصولا إلى إطار قانوني للجوء وضرورة تحديد استراتيجية وطنية تهم الهجرة وتحترم المقاربات الإنسانية”.

مفوضية شؤون اللاجئين في تونس، تنفي من جهتها اتهامات طالبي اللجوء المعتصمين، وقالت في بلاغات سابقة: “باب الحوار مع المعتصمين مفتوح ولا صحة لرفضنا التواصل معهم”.

وطالبت المفوضية من اللاجئين العودة إلى المبيتات، غير أنهم رفضوا، وطلبوا ترحيلهم إلى دول أخرى، بحسب روايتها.

وتؤكد المفوضية أنها “قطعت المساعدات المالية عمن لا تتوفر فيهم شروط الهشاشة نتيجة صعوبات مالية تواجهها منذ فترة”.

وأوضحت أن “عددا من المعتصمين هم مهاجرون وليسوا على قائمات اللجوء بتونس”.