كامالا هاريس، “المقاتلة التي لا تعرف الخوف”، كما يصفها شريكها في المعركة الانتخابية، أول امرأة تبلغ منصب النائب الأول لرئيس الولايات المتحدة، بعد محاولتين سابقتين لجيرالدين فيرارو عام 1984، وسارة بالين سنة 2008، لتصبح أول أمريكية من أصول أفريقية، تتبوأ ثاني أرفع منصب سيادي بالبيت الأبيض.
انتخاب هاريس لمنصب نائب الرئيس لا يعد أول سابقة في مسيرتها المهنية، فقبلها انتخبت المحامية وخريجة جامعة هوارد في الاقتصاد والعلوم السياسية، كأول امرأة في منصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا سنة 2010، بمثل الكفاءة التي أهلتها في السابق، لتكون أول مدع عام من غير ذوي البشرة البيضاء بسان فرانسيسكو منذ 2003.
المدافعة عن القضايا الاجتماعية
اشتهرت هاريس في وسائل الإعلام الأمريكية، بتسمية “النسخة المؤنثة لأوباما”، بسبب تشابه خلفيتهما الاجتماعية، وتكوينهما الجامعي في اختصاص الحقوق، وأصولهما المهاجرة وكذلك لون البشرة.
حفزت الجذور المختلطة لكامالا هاريس لوالد من أصل جامايكي إفريقي وأم هندية، وعيها منذ سن مبكرة بمحيطها، والقضايا المتعلقة بالاندماج، والأوضاع الاجتماعية للأمريكيين الملونين، وظواهر انتشار العنف والانقطاع عن الدراسة.
وجسدت المدعية العامة السمراء لولاية كاليفورنيا التزامها بهذه القضايا منذ تسلمها مهامها، عبر سلسلة تشريعات وإصلاحات شملت التعامل مع الآباء الرافضين لدراسة أبناءهم، وزيادة آليات المساءلة القانونية للشرطة، وتقييد حصول المواطنين على السلاح.
بلا مقدمات قررت هاريس دخول غمار المعترك السياسي سنة 2015 عبر بوابته الأوسع، مستفيدة من نجاحاتها المهنية، ودعم أوباما لترشيحها لعضوية الكونغرس عن ولاية كاليفورنيا، ما مكنها من تحقيق إجماع عريض داخل قواعد الناخبين الديمقراطيين.
تحت قبة الكونغرس تحولت المحامية والحقوقية إلى أشرس خصوم ومعارضي ترامب، ووجهت له سيلا من الاتهامات بالتنمر وتشويه صورة معارضيه، وانتقدت مواقفه وتصريحاته وتدويناته على تويتر.
المساواة وحقوق الأقليات
احتلت القضايا المتعلقة بالعرقيات والحقوق المدنية للأمريكيين الملونين، صدارة الشعارات التي رفعتها هاريس خلال حملتها التمهيدية للانتخابات الرئاسية، وتمكنت بفضل إلمامها بالقانون وذكائها، من توظيفها سياسيًا وأخلاقيًا خلال المناظرات التي نظمها الحزب الديمقراطي.
هي قوانين اللعبة السياسية والبراغماتية والانضباط الحزبي، التي قد تفسر تحول عضو الكونغرس من أبرز المشككين في التزام بايدن تجاه قضايا المساواة والدفاع عن الأقليات في الانتخابات التمهيدية، إلى التسويق لصورته، بوصفه ضامنًا إلى تعزيز المساواة والحقوق بين الأمريكيين بمختلف أعراقهم.
لقي ترشيح هاريس ترحيبًا واسعًا في أوساط الديمقراطيين وحظيت مجددًا بدعم الرئيس الأمريكي السابق أوباما من خلال تصريحه “كامالا على أتم الاستعداد، لقد قضت حياتها المهنية في الدفاع عن دستورنا، وفي تمثيل من يحتاجون إلى العدالة”.
بعد معركة انتخابية طويلة وشاقة، اتسمت بالتنافس الحاد والتوتر، استعادت كامالا ضحكتها التي طالما اشتهرت بها في الأوساط الجماهيرية والإعلامية، وهي تزف لشريكها نبأ الانتصار،” اجل لقد فعلناها يا جو”، إعلان يؤذن ببداية تحد سياسي شاق في السنوات الأربع القادمة لنائبة الرئيس “المقاتلة”.