ثقافة

من قتل سعاد حسني؟

يحتفل محرك البحث غوغل اليوم الأربعاء 26 جانفي/ يناير، بالذكرى الـ 79 لميلاد السندريلا الراحلة الممثلة المصرية القديرة سعاد حسني.

فمن هي سعاد حسني؟ 

في مثل هذا اليوم من عام 1943، ولدت إحدى أهم نجمات الجيل الذهبي وأبرز الممثلات في تاريخ السينما المصرية، سعاد حسني. هذه الفنانة الجميلة قدمت عديد الأفلام واختارها النقاد لتكون ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.


لم تكن سعاد حسني فنانة عادية بقدر ما كانت فنانة استثنائية بكل المقاييس، فقد كانت متعددة المواهب أتقنت التمثيل وأجادت الغناء والرقص وتميزت بقدرتها على تأدية فن الاستعراض في العديد من أعمالها، فأحبها الجمهور وأسرت قلب كل من عرفها. 


ولدت سعاد حسني في القاهرة واكتشفها الشاعر عبد الرحمان الخميسي الذي أشركها في مسرحيته هاملت لشكسبير ثم منحها المخرج هنري بركات دور البطولة في فيلمه حسن ونعيمة عام 1959. تعددت بعد ذلك  أدوارها خلال فترة ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. ومن أشهر أفلامها: مال ونساء، موعد في البرج، صغيرة على الحب، والزوجة الثانية، والقاهرة 30، وخلي بالك من زوزو وغيرها، ووصل رصيدها السينمائي إلى 91 فيلمًا.

عرفت سعاد حسني بموهبتها في الغناء والاستعراض، وتقديم شخصيات خفيفة الظل، إلى جانب قدرتها على الإبداع و تجسيد أدوار مركبة.
وطالما لف الغموض علاقتها بالفنان المصري الشهير العندليب عبد الحليم حافظ. فما سر علاقتهما؟

المخابرات أنهت علاقتها بالعندليب؟
ظل الغموض يحيط بعلاقة السندريلا بالعندليب، وهو ما وصفه الكاتب الصحفي المختص في النقد السينمائي أشرف غريب بـ “حالة التعتيم التي فرضها الجانبان على تلك العلاقة”.

أشرف غريب ألف كتابا جديدا كشف فيه عن بعض أسرار هذه العلاقة  بعنوان “العندليب والسندريلا .. الحقيقة الغائبة”. و تضمن الكتاب الأدلة والوثائق التي كشفت الحجاب عن اللبس الذي طالما أحاط بعلاقة نجمي الستينيات منذ لحظة تعارفهما الأول عام 1959 وحتى انفصالهما الدرامي عام 1966.


ومما لا شك فيه أنه طالما اختلطت السياسة بالفن في قصص المشاهير في العالمين العربي والغربي، كما أفسدت السياسة عبر التاريخ  حياة هؤلاء المشاهير.

لم يختر الثنائي الشهير إعلان العلاقة  التي ظلت سرية ومخفية لسنوات طويلة ، حتى وصلا إلى محطة النهاية وانطفأ لهيب الحب بينهما بحكم تأثير السياسة.


قال غريب في كتابه “رئيس جهاز الاستخبارات المصرية فى الستينيات صلاح نصر حاول الاستفادة من تلك العلاقة السرية الخاصة التي جمعت حليم بسعاد لتوجيه ضربات موجعة للمطرب الراحل بسبب قربه من الرئيس عبد الناصر ونائبه عبد الحكيم عامر”.

 “محاولة تجنيد سعاد حسني للعمل مع جهاز المخابرات آنذاك  كانت حلقة في هذه الحرب الخفية بين عبد الحليم وصلاح نصر”، هذا ما صرح به غريب. 

ويعرف المصريون جيدا دور رجل المخابرات صلاح نصر منذ توليه رئاسة المخابرات العامة وحتى عام النكسة 1967، والقضية الشهيرة المعروفة باسم “انحرافات المخابرات 1968” التي تم خلالها محاسبة قيادات المخابرات بعد هزيمة 67 لتهدئة الرأي العام، إذ كان للجميع ملفات ومكالمات هاتفية وشرائط توثق فضائح رجال الدولة والسياسيين وأصحاب الرأي والشخصيات العامة، من خلال تجنيد الفنانات والفنانين للإيقاع بالخصوم السياسيين بدعوى الواجب الوطني.


وكان صلاح يُشغّل الرائد موافي، وهو الاسم الحركي للضابط المصري محمد صفوت الشريف، الذي التحق بجهاز المخابرات العامة عام 1957. 


وأوكلت إلى موافي مهمة الإيقاع بالنساء، الفنانات تحديدا، وابتزازهن ليصبحن طوع المخابرات، ويقوم بإجبارهن على الامتثال للأوامر ويهددهن بالسجن والتشهير بهن بعد تسجيل مقاطع فيديو تدينهن.  


المهمة الأخيرة التي أسندت إلى الضابط الشاب “موافي” والتي اعتبرها مهمة وطنية لجلب معلومات حساسة لصالح الدولة، حسب اعترافاته في قضية “انحرافات المخابرات” والتي أطلق عليها وصف “الكنترول”، كانت إيقاع الفنانات، وكانت الفنانة سعاد حسني أبرز الممثلات اللاتي وقعن في هذا الفخ، وتم استدراجها من خلال ضابط بالمخابرات أوهمها بأنه فرنسي الجنسية، وفور وقوعها في شباك المخابرات تم تهديدها بسجنها في حال لم تمتثل للأوامر بعد تورطها في قضية أخلاقية أو قضية تخابر مع جهات أجنبية.


وحسب ما ذكرته اعتماد خورشيد التي كانت زوجة بالإكراه لصلاح نصر في كتاب بعنوان “شاهدة على انحرافات صلاح نصر”، فقد كانت أساليب “الشريف” معروفة للوسط الفني، إذ حاول “الشريف” إفساد حفل شم النسيم عام 1976 للفنان عبد الحليم حافظ “العندليب الأسمر” ضمن سلسلة ضغوطات وابتزازات ضد سعاد حسني التي كانت تربطها علاقة عاطفية به، إلا أن ملك الجيتار عمر خورشيد تصدى “للشريف” في ذلك الوقت دفاعا عن أصدقائه.


عبد الحليم حافظ كان أشهر مطربي مصر في القرن العشرين وكان مقربا من كل الحكام والزعماء العرب لدرجة أن الاستخبارات الغربية أطلقت عليه اسم السلاح السري للرئيس عبد الناصر، الأمر الذي أكسبه قوة جعلته بمنأى عن مضايقات صلاح نصر مدير المخابرات المصرية وكذلك حلم كل فتاة في ذلك الوقت. 


تحصن سعاد حسني بنفوذ عبد الحليم وصل إلى درجة إجبار صلاح نصر بالابتعاد عنها خوفا من نفوذ عبد الحليم ومكانته عند الرئيس عبد الناصر. وبعد موت عبد الحليم حل الموسيقار عمر خورشيد محله في حماية سعاد فقد كان في قمة مجده.

لكن كتاب أشرف غريب أكد أن “نصر” لم يكن السبب المباشر في نهاية علاقة العندليب بالسندريلا، وكشف عن محاولة تجنيد سعاد لصالح المخابرات.

نهاية السندريلا الغامضة 

سعاد حسني لم تكن بمنأى عن ابتزازات الوزير المصري الأسبق صفوت الشريف، فقد كانت من بين الفنانات اللاتي وقع ابتزازهن لتجنيدهن كمخبرات في الوسط السياسي.

وذهبت إشاعاتٌ إلى أن الشريف، بعد مرور سنواتٍ على محاكمته وإزاحته عن المخابرات، بعد هزيمة 1967، عاد إلى “التنغيص” على الممثلة الشهيرة وقيل إنه من دبر صيف العام 2001، “مقتلها”، من خلال افتعال حادثة سقوطها من شرفة شقّةٍ كانت تقطنها في لندن. 

ورغم مرور 21 عاماً على رحيلها، مازال لغز موت الفنانة المصرية سعاد حسني يحير الكثير، فالبعض يعتقد أنها قتلت، فيما يزعم البعض الآخر أنها انتحرت.