حذّرت “هيومن رايتس ووتش” من أنّ السوريين العائدين إلى بلدهم هربا من الحرب في لبنان، والذين فاق عددهم 350 ألفا منذ أكثر من شهر، يواجهون خطر “القمع” و”الاعتقال التعسّفي” هناك.
وأوردت المنظمة في تقرير نُشر اليوم الأربعاء: “يواجه السوريون الفارون من لبنان، وخصوصا الرجال، خطر الاعتقال التعسّفي والانتهاكات على يد السلطات السورية”.
وقال نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش آدم كوغل إنّ “الوفيات المريبة للعائدين أثناء احتجازهم تسلّط الضوء على الخطر الصارخ المتمثل في الاحتجاز التعسّفي والانتهاكات والاضطهاد في حق الفارين والحاجة الملحة إلى مراقبة فعالة للانتهاكات الحقوقية في سوريا”.
وفرّ أكثر من نصف مليون شخص من لبنان إلى سوريا منذ 23 سبتمبر 2024 مع اشتداد التصعيد بين حزب الله والكيان المحتلّ، وتكثيف “إسرائيل” الغارات على معاقل حزب الله في جنوب لبنان وشرقه وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، ومن بين هؤلاء أكثر من 355 ألف سوري، وفق أرقام صادرة عن السلطات اللبنانية.
وقالت المنظمة إنّها وثّقت “خمسة اعتقالات” في أكتوبر لسوريين بعد عودتهم إلى بلادهم، من بينها “اعتقالان عند معبر الدبوسية” الحدودي بين شمال لبنان وحمص. وأضافت أنه “في إحدى الحوادث، اعتُقل شخصان عند حاجز بين حلب وإدلب”.
ونقلت هيومن رايتس ووتش عن أقارب هؤلاء قولهم إنّ “جهاز المخابرات العسكرية السوري هو من نفّذ جميع الاعتقالات”.
في السياق ذاته، كشف تقرير حقوقي عن المعاناة التي يواجهها السوريون العائدون إلى بلادهم من لبنان، بما في ذلك الاعتقال والتعذيب.
وحسب أرقام الأمم المتحدة، فقد عبر الحدود من لبنان إلى سوريا نحو 430 ألف شخص، فيما تشير الأرقام الرسمية اللبنانية إلى عبور أكثر من 500 ألف شخص منذ أواخر سبتمبر الماضي، 70٪ منهم سوريون، وغالبية الباقين هم لبنانيون.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير أصدرته الثلاثاء، إنه تم اعتقال ما لا يقل عن 26 شخصا، بينهم امرأة، وتعرّض أحدهم للوفاة تحت التعذيب في مراكز احتجاز النظام السوري، خلال الفترة من 23 سبتمبر إلى 25 أكتوبر 2024.
وورد التقرير الذي جاء في 20 صفحة تحت عنوان “معاناة العودة: انتهاكات جسيمة تواجه اللاجئين السوريين العائدين من لبنان”، أنّ “اللاجئين السوريين في لبنان يواجهون أوضاعا متدهورة تجعلهم في أزمة حادة لتلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء، والسكن، والرعاية الصحية. ومع انعدام الخيارات الآمنة والبدائل المتاحة لهم للبقاء في لبنان، يجد البعض أنفسهم مضطرّين للعودة إلى سوريا، رغم المخاطر الأمنية وعدم الاستقرار”.
وأضاف التقرير: “يقف هؤلاء اللاجئون أمام معضلة كبيرة بين انعدام الأمان والموارد في لبنان، وغياب الضمانات الأمنية لدى عودتهم إلى سوريا، مما يدفعهم إلى اتخاذ قرارات صعبة تزيد من معاناتهم وتفاقم المأساة الإنسانية”.
ولفتت الشبكة إلى أنّ سوريا “بيئة غير آمنة” لعودة اللاجئين، حيث “يستمر النظام السوري في ممارساته القمعية، من اعتقالات تعسفية، واختفاء قسري، وتعذيب”.
وفي المجمل، وثّقت الشبكة اعتقال قوات النظام ما لا يقل عن 208 من العائدين قسرا منذ بداية 2024، بينهم طفلان وست نساء، ولقي ستة من المعتقلين حتفهم تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز.
“كما يستمر النظام في إصدار تشريعات تتيح له الاستيلاء على ممتلكات اللاجئين والمشرّدين قسرا، ضمن سياسة ممنهجة لتعزيز السيطرة على الأراضي والممتلكات التي تركها أصحابها”.
ويقول مدير الشبكة فضل عبد الغني: “في ظل غياب أيّ إجراءات تضمن حماية حقوق العائدين وسلامتهم، يواجه اللاجئون السوريون العائدون من لبنان تحدّيات أمنية وقانونية تتطلّب وضع آليات حقيقية وفعّالة لضمان حماية حقوقهم ومنع استمرار الانتهاكات، لا سيما من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري”.
ومن بين الانتهاكات التي وثّقها التقرير، الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والتجنيد الإجباري على يد قوات النظام السوري، إضافة إلى عمليات الابتزاز المالي، والتمييز في توزيع المساعدات الإنسانية.