تونس سياسة

ملامح مشروع دستور تونس الجديد

تضمّن مشروع الدستور الجديد الذي ستسلّمه الهيئة الوطنية الاستشارية المكلفة بصياغته اليوم الإثنين 20 جوان/يونيو، إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، تغييرات جذرية يتضمنها مقارنة بالدستور القديم، وفق ما أفاد به رئيس الهيئة الصادق بلعيد.

صلاحيات الرئيس

وكشف بلعيد في تصريحات إعلامية عن تمتّع رئيس الجمهورية في مشروع الدستور بصلاحيات واسعة  من خلال التنصيص على أنه سيكون أعلى من الهياكل الدستورية والهياكل الحزبية،  إلى جانب تحويل الحكومة إلى هيئة دون صلاحيات تنفيذية واقتصارها على “المبادرة والمراقبة في المجال الاقتصادي ».

ويمنح مشروع الدستور، الذ سيعرض للاستفتاء الشهر القادم، رئيس الدولة صلاحية اختيار رئيس الحكومة وفي حال فشله في حسن الاختيار الأول، يمكنه تعيين شخص ثان وفي صورة عدم نجاحه للمرة الثانية في اختيار الشخصية المناسبة لرئاسة “الهيئة الحكميّة”، يتخلّى رئيس الجمهورية عن منصبه ويغادر الحكم، وفق الصادق بلعيد.

النظام السياسي

وبشأن النظام السياسي المضمّن في النسخة الأولية للدستور، أكّد بلعيد أنه لم يتم التنصيص على نظام رئاسي أو برلماني بل تم اختيار نظام سياسي خاص بتونس يهدف إلى إخراجها من أزمتها الاقتصادية.

وقال: “اعتمدنا مقاربة براغماتية، ونظاما سياسيا متوازنا ومستقرا وقادرا على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وليس مهما تسمية النظام إن كان برلمانيا أو رئاسيا، المهم التقدم بالبلاد في ظل توازن وتنسيق بين جميع الجهات.”

الدستور والإسلام

وأكد العميد الصادق بلعيد أنه تم تغيير الفصل الأول من مشروع الدستور، ولن يتضمن كلمة “الإسلام دين الدولة”، وذلك بهدف التصدي للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية على غرار حركة النهضة، وفق تعبيره.

وينص الفصل الأول من الباب الأول للمبادئ العامة لدستور 2014 على أن “تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها”.

العلاقة بين السلط

كما كشف رئيس الهيئة الوطنية الاستشارية المكلفة بصياغة الدستور، عن ملامح العلاقة بين السلط صلب مشروع الدستور الجديد، مبينا أن سلطة البرلمان ستقتصر على الدور التشريعي.

واعتبر أنّ “منظومة الفصل بين السلطات أصبحت غير مواكبة وتجاوزها الزّمن، ولا بد من إحداث هيئة دستورية متوازنة وذات هيبة حتى تكون قادرة على إصدار قراراتها المتعلقة بمراقبة الدستور”، وفق قوله.

وأوضح في هذا الصدد أنّه سيتم إلغاء الهيئات المحدثة سابقاً في إطار محاصصة حزبية وتقسيم السلطة، معتبرا أنّه لا حاجة إلى إدراجها في الدستور الذي سيكون مفتوحاً على إمكانية إحداث هيئات جديدة لاحقاً وحسب الحاجة، وفق تقديره.

انتقادات ومعارضة

ويواجه مشروع الدستور الجديد للبلاد انتقادات ومعارضة واسعة من قبل عديد الخبراء والسياسيين، الذين اعتبروه كُتِب على مقاس رئيس الجمهورية قيس سعيد ولم يراع التوازن بين السلط فضلا عن أنه لم تشارك غالبية القوى الوطنية في صياغته.

وقال الباحث سامي براهم في تصريح سابق لبوابة تونس إنّ مشروع الدستور يتناقض مع المعايير الدولية لمنظومة الحكم الديمقراطي، من خلال منح الرئيس مكانة أعلى من الهياكل الدستورية وتكريس فكرة “القائد المنقذ” الجامع لكل الصلاحيات بشكل مطلق.

وفي السياق ذاته، علق الكاتب الصحفي والمحلل السياسي زياد الهاني على مشروع الدستور قائلا إن ما طرحه الصادق بلعيد، يؤكد دون ريبة “أننا ماضون نحو تركيز نظام حكم شمولي تختزل فيه كل سلطات الدولة بيد الرئيس دون حسيب أو رقيب”.

كما دعت عدة قوى سياسية رئيسية في تونس إلى مقاطعة الاستفتاء في مشروع الدستور الجديد المزمع تنظيمه يوم 25 جويلية/يوليو المقبل.