“مطعم القاهرة” هو أحد معالم تونس العاصمة، مكان مميز ومناسب لتناول وجبة غداء أو عشاء وسط المدينة، حافظ على طابعه الخاص منذ الستينيات وتوارثت إدارته ثلاثة أجيال من عائلة « العش الصفاقسية »، عندما تحس بالجوع وأنت خارج منزلك وتشتهي طبقاً تونسياً أصيلاً اسأل عن مطعم القاهرة ولن تندم.
من أقدم مطاعم العاصمة تونس
على بعد أمتار من شارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة ، يقع أحد أقدم مطاعم تونس وأشهرها، « مطعم القاهرة « . فتح مطعم القاهرة أبوابه سنة 1963 …استمد اسمه من الشارع الذي هو فيه، نهج القاهرة، لكنه مطعم تونسي بهوية تونسية « صفاقسية » أصيلة، وهو على ملك عائلة العش، إحدى أعرق العائلات في مدينة صفاقس جنوب تونس.
المطبخ الصفاقسي وأكلات غلال البحر
اختار صاحب “مطعم القاهرة” أن يطبع هويةً خاصة بمحله، فاختص في الأطباق التي تحتوي أنواع الأسماك وغلال البحر وتميّز في إعدادها، جلب طبّاخين من مدينة صفاقس ومعهم أسرار تحضيرها بشكلٍ مميّز. اكتسب المطعم شهرةً لافتة بفضل لذة أطباق السمك المشوي و »الكسكسي الصفاقسي بالسمك » والأرز بغلال البحر وغيرها من الأطباق التي تفتح الشهية وتعترضك رائحتها اللذيذة بمجرد مرورك بالشارع.
لم يختص “مطعم القاهرة” في إعداد أطباق الأسماك وغلال البحر فقط بل وضع لخدماته طابعاً تونسياً أصيلاً عبر تحضير أكلاتٍ تونسيةٍ شعبيةٍ قديمة مثل « العقد والمدفونة والكمونية والملوخية بلحم الخروف… »
قبلة جميع فئات الشعب
على تلك الطاولة (يشير بإصبعه) كان يجلس القيادي بحركة النهضة سمير ديلو وعائلته يتناولون وجبة العشاء، حين أذيع خبر تعيينه وزيراً في إحدى حكومات ما بعد الثورة، تحدّث إلينا أحمد يعمل في المطعم في الاستقبال منذ ثمانينيات القرن الماضي عن أشهر زوّار “مطعم القاهرة” .
يقول أيضا ” مطعمنا كان قبلةً للسياسيين والمحامين والوزراء وأغلب الوجوه التي تؤثّث المشهد السياسي والإعلامي اليوم”.
“السياسيان الراحلان شكري بلعيد ومحمد البراهمي كانا حريفين في المطعم، هنا مكانهما المفضّل لتناول الطعام”.
هنا أيضا، يتناول أحد وزراء حكومة هشام المشيشي الحالية وجبة الغداء، ويقصده حرفاء أجانب من أوروبا والصين وليبيا والجزائر.
« لماذا تتدافعون كأنكم في مطعم القاهرة «؟ هكذا كان يُضرب به المثل نظراً للإقبال الكبير من الزبائن…يقول محدّثنا إنّه سمع هذه الكلام في إحدى محطات سيارات الأجرة سابقاً.
ويضيف « كنا نستقبل الزبائن أفوجاً من كافة فئات الشعب ».
« أتي إلى هنا منذ عشرين سنة، هنا تعترضك بشاشة العملة وتجد الخدمات السريعة والأكلة النظيفة واللذيذة وتتناول وجبتك في ظروف مريحة »، وجدنا حريفاً تعود على القدوم إلى المطعم منذ عقدين وتحدّث إلينا.
التونسي تأثر وتغيّر
خبرة أربعة عقود من العمل في مطعم القاهرة سمحت للسيد أحمد أن يلاحظ تغيّر طبيعة الحريف التونسي، « الحسابات المادية غلبت على زبائننا، كانوا لا يهتمون للجانب المادي، يقصد المطعم يتناول وجبته كما يريد دون الاهتمام بالأسعار، أما اليوم فتشعر بالتوتر على وجه الحريف منذ دخوله لأن المقدرة الشرائية أصبحت محدودة ».
أسعارنا في المتناول
في الثمانينات، كان سعر طبق كامل في مطعم القاهرة لا يتجاوز 350 مليماً أما اليوم فمتوسّط الأسعار في حدود 12 ديناراً، وهو سعر في المتناول بالنظر إلى قيمة الخدمات المسداة ولذة الأطعمة المقدّمة وغلاء أسعار الخضر واللحوم والأسماك والأداءات.
تضررنا من أزمة كورونا
« كنا 12 عاملا أصبحنا 5 فقط، كنا نشتري 5 كيلوغرام من الكسكسي يوميا واليوم نكتفي فقط بـ 1.5 كيلوغراماً »…يتحدّث أقدم عملة «مطعم القاهرة » عن تأثير أزمة كورونا والإجراءات الحكومية، على نسق عمل المطعم ويؤكّد أن صاحب المحل لم يضع دينارًا في جيبه منذ شهر مارس الماضي لأن عائدات المطعم لا تكاد تغطي أجرة العملة، وفق قوله.
محدثنا انتقد بشدّة قرار الحكومة بفرض اعتماد الأطباق ذات الاستعمال الواحد وأكّد أنها أطباق بلاستيكية مضرة صحياً خاصة عندما توضع فيها أكلات ساخنة.