أعرب عضوا البرلمان الأوروبي، جوردي سول، وفرانسوا ألفونسي، عن صدمتهما ممّا آلت إليه الأوضاع في تونس، مطالبين الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن الديمقراطيّة ومكافحة الديكتاتوريّة خارج أوروبا أيضا.
وأدّى البرلمانيّان زيارة إلى تونس في الفترة الممتدّة بين 5 و8 سبتمبر التقيا خلالها بممثّلين عن المجتمع المدني التونسي، ومجلس نوّاب الشعب، لمناقشة الوضع الحالي للبلاد والعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتونس.
ونقل البرلمانيّان عن عدد من الصحفيّين والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان التونسيّين التقوهم في تونس قولهم: “عشنا في حلم في 2011، واليوم لا يمكننا تصديق الكابوس الذي انزلقنا إليه”، مشيرَين إلى تغيّر كبير حدث في البلاد منذ “انفجار الحريّات” الذي أعقب سقوط بن علي في عام 2011 وأطلق الربيع العربي.
وأشار عضوا البرلمان إلى الإجماع الحاصل حول تداعيات استيلاء قيس سعيّد على السلطة منذ 25 جويلية 2021، وأنه تسبّب في تدهور الأوضاع، على غرار التراجع الكبير على مستوى الضوابط والتوازنات الديمقراطية والحقوق المدنية.
يقول النائبان: “خلال العامين الماضيين، قام الرئيس سعيّد بتفكيك المؤسّسات الديمقراطية في البلاد، وقرّر حلّ البرلمان بشكل غير دستوري. وأعفى أكثر من 50 قاضيا واعتمد دستورا جديدا صاغه بنفسه يمنح سلطات كبيرة للرئاسة مقابل الحدّ من صلاحيّات البرلمان الجديد الذي صوت عليه 11٪ فقط من الناخبين. وهناك مشروع قانون الجمعيّات للحدّ من نشاط المجتمع المدني، يلوح في الأفق”.
وذكّر البرلمانيّان الأوروبيّان باعتقال السياسيّين والناشطين والصحفيين ورجال الأعمال الذي انطلق بداية هذا العام، مشيرَين إلى أن ذلك حدث لبعضهم دون سند قانوني أو تهم واضحة أو تحقيق قضائي، بل استنادا إلى تهم فضفاضة مثل “التآمر على أمن الدولة”.
وسجّل عضوا البرلمان تزايد حالة الخوف في صفوف المجتمع المدني، مقابل تزايد لا مبالاة أغلب فئات الشعب لأن جزء كبيرا منهم يكافح من أجل البقاء على قيد الحياة بسبب الصعوبات الاقتصادية.
ولفت البرلمانيّان الأوروبيّان إلى أن عديد المكاسب في مجال الحقوق الأساسية التي تمّ تحقيقها خلال فترة التحوّل الديمقراطي باتت عرضة للخطر.
وذكّر البرلمانيّان بالتقارب بين الاتحاد الأوروبي وتونس وشراكتهما العريقة، مشيرَين إلى الدعم الذي حظيت به تونس من الاتحاد الأوروبي بعد ثورة 2011، فقد زاد الاتحاد الأوروبي بشكل كبير من التمويل والمشاركة في بناء المؤسّسات والمجتمع المدني.
وقالا إن الانطباع لدى من قابلوهم كان أن التعاون الوثيق بين الاتحاد الأوروبي والمجتمع المدني التونسي لم يبنِ الثقة فحسب، بل أثار أيضا التوقّعات والقناعة بأن الاتحاد الأوروبي لن يتخلّى عن الانتقال الديمقراطي لتونس.
وأشار البرلمانيّان إلى حالة من الإحباط أصابت التونسيّين، أكثر من أي وقت مضى، بسبب صمت المفوضيّة الأوروبيّة والدول الأعضاء فيما يتعلّق بالعديد من مظاهر الاستبداد المتنامي، وآخرها المصادقة على مذكّرة تفاهم بين الطرف الأوروبي وقيس سعيّد.
واعتبر عضوا البرلمان الأوروبي أن مذكّرة التفاهم سيّئة ومصيرها الفشل، معتبرين أن الاتحاد الأوروبي برهانه على قيس سعيّد قد راهن على الحصان الخاسر باعتبار أنه لا توجد مؤشّرات على تحسّن الوضع الاقتصادي والاجتماعي لتونس، إضافة إلى أنه لا يبدو أن سعيّد يملك برنامجا لإخراج البلاد من أزمتها.
وأشار البرلمانيّان الأوروبيّان أن الدعم المالي الأخير لميزانيّة تونس يمكن أن يؤخّر تداعيات الأزمة لأيّام، ولكنه لن يخرج الاقتصاد التونسي من أزمته، وأضافا: “مقارنة بالهدف المعلن بين الاتحاد الأوروبي وتونس حول الحدّ من تدفّق المهاجرين نحو إيطاليا، ارتفع نسق الهجرة وتدفّق اللاجئين وطالبي اللجوء من تونس إلى إيطاليا، ويتواصل منذ زيارة رئيسة المفوّضيّة أورسولا فون دير لاين إلى تونس”.
ودعا البرلمانيّان إلى أن تستند سياسة الاتحاد الأوروبي وتونس إلى احترام حقوق الإنسان والديمقراطيّة، وأن تكون الاتفاقيّة المصادق عليها إطارا لتطبيق هذه السياسة، مطالبَين الاتحاد الأوروبي بانتقاد انتهاكات الحريّات الأساسية من قبل الرئيس وقوات الأمن ودفعهما إلى التراجع عن ذلك.