“لا مصالح أوروبية ضدّ الوحدة الإفريقية”.. “سحقا سحقا للفاشية تونس أرض إفريقية”، بهذه الشعارات انطلقت مسيرة “ضدّ العنصريّة.. كلنا مهاجرون”، التي دعت إليها عدّة منظّمات حقوقيّة ومجموعات مُناهضة للعنصرية والاستغلال. وطالب المشاركون في المسيرة التي نُظّمت، اليوم الجمعة 14 جويلية، انطلاقا من مقرّ نقابة الصحفيين التونسيين في اتّجاه المسرح البلدي وسط العاصمة، بالإيقاف الفوري لكلّ الانتهاكات ضدّ المهاجرين ومحاسبة من قالت إنّهم “أجرموا في حقّهم، وعلى رأسهم رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد”.
كما طالت شعارات المحتجّين دول الاتّحاد الأوروبي التي يعتبرونها سببا في نهب القارّة الإفريقيّة وتجويع شعوبها بما فيها الشعب التونسي، ودفعها إلى ركوب قوارب الموت هربا من الفقر وبحثا عن فرص جديدة.
وندّد المحتجّون بتواطئ نظام قيس سعيّد مع المخطّط الأوروبي وقبوله لعب “دور شرطي للحدود الأوروبيّة”، داعين إلى فسح المجال لكلّ من يريد ركوب البحر من أفارقة أو تونسيّين والتوقّف عن اعتراض قواربهم في عرض البحر.
وفي هذا السياق، قال الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة، إنّ هذه المسيرة تمّت الدعوة إليها من أجل التعبير عن دعم حقوق المهاجرين وكرامتهم في كلّ مكان، وللتنديد خاصّة بالسياسات الأوروبيّة.
وحمّل بن عمر في تصريح لبوّابة تونس مسؤوليّة ما يعانيه المهاجرون في تونس اليوم، إلى السياسات الأوروبيّة في علاقة بالهجرة فضيّقت على حقّ التنقّل وحوّلت دول الجنوب الموجودة في الخط الأمامي إلى مجرّد حارس، مضيفا أنّ مسيرة اليوم هي رسالة سياسيّة واضحة ضدّ الهيمنة الاستعمارية للدول الأوروبيّة التي لا تنظر إلى دول الجنوب إلّا على أنّها خزّان للمواد الأوليّة أو اليد العاملة التي تحتاجها أو الكفاءات، وكذلك تواطؤ الحكومات التي ارتضت لنفسها دور الحارس وتبنّت مقاربات أقصى اليمين المتطرّف في أوروبا، والتي هي بصدد تطبيقها في بلدان الجنوب، حسب رأيه.
ونبّه بن عمر إلى أنّ الأوروبيّين حريصون على نجاح اتّفاقهم مع تونس بأيّ شكل من الأشكال، حتّى يتمّ تقديمه إلى بقيّة الدول الإفريقيّة على أنّه نموذج ناجح، معربا عن أسفه من أنّ تونس اليوم هي الأولى في الترحيل القسري وفي التعرّف على هويّات المهاجرين، مما يهدّد التونسيّين المهاجرين في بلدان “فضاء الشنغان” بخطر الترحيل بسبب المشروعيّة التي أعطتها تونس لهذه الإجراءات.
من جانبها، قالت رئيسة جمعيّة بيتي وأستاذة القانون سناء بن عاشور في تصريح لبوّابة تونس: “نشارك اليوم في المظاهرة للمطالبة بنبذ العنصريّة”، داعية كلّ الجمعيات الحقوقيّة وكلّ من يحمل داخله الفكر الإنساني والكرامة، أن يساند هذه المسيرة ورسائلها. وشدّدت على أنّ رسالتهم هي أنّ العنصرية منبوذة ولا سبيل إليها في بلادنا.
وانتقدت بن عاشور خطاب رئيس الجمهوريّة العنصري، معتبرة أنّه كان الشرارة التي أشعلت موجة العنصريّة في تونس وسببا في الأحداث التي وقعت.
وذكّرت بن عاشور بمطالب جمعيّتها بعد خطاب رئيس الجمهورية العنصري الداعية إلى تقنين وضعية المهاجرين في تونس ودراسة وضعياتهم حالة بحالة، مشدّدة على ضرورة أن تكون لنا قوانين مبنيّة على كرامة الإنسان وحسن الضيافة. وذكّرت أنّ الأصل هو أنّ تونس تقدّم نفسها على أنّها من البلدان المضيافة غير أنّ تعاملها الأخير مع المهاجرين أثبت عكس ذلك.
وختمت بقولها: “من باب الإنسانيّة ما حدث للمهاجرين وترحيلهم وتركهم للموت جوعا وعطشا، لا يُقبل ونحن لا نقبله، وحضرنا هذه المسيرة لنوصل هذه الرسالة”.
يُذكر أنّ منظّمات ومجموعات مُناهضة للعنصرية والاستغلال ندّدت في بيان لها بما سمّته “تواصل خطاب قيس سعيّد المؤامراتي.. المحرّض على المهاجرين والمخوّن والمجرّم لكلّ من يساندهم”، مؤكّدة زيف المقاربة الرسمية لملفّ الهجرة ورواية المؤامرة والتوطين، واعتبرتها “محاولة جديدة لمغالطة عموم التونسيين والتغطية على الإخفاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي لنظام قيس سعيّد”.