أكّد المستشار الدولي في مجال الطاقة الأستاذ عز الدين خلف الله إن الميزان الطاقي يشهد عجزا يتفاقم من سنة إلى أخرى بلغ 4.4 مليون طن مكافئ نفط سنة 2023.
وأرجع عز الدين خلف الله هذا العجز إلى الانخفاض في حقول الغاز والنفط، وغياب اكتشافات جديدة للحصول على مخزون جديد يمكن من تغطية الانخفاض خاصة أن الطلب على الطاقة في تزايد.
وأبرز المختصّ، في تصريح لإذاعة اكسبراس اليوم الاثنين، أن نسبة الاستقلالية الطاقية تقدر بـ48 ٪ سنة 2023 مقابل 95 ٪ سنة 2010، وذلك بسبب تقلص الموارد.
وأوضح أن التحدّي الثاني هو تبعية الغاز الطبيعي، حيث أن الإنتاج يتدهور شيئا فشيئا، والحقول في تراجع متواصل، مقابل اللجوء إلى شراءات أكثر من الجزائر، مبينا وجود أتاوة تقدر بـ1 مليون طن مكافئ نفط وهي تمثل موارد إضافية، حيث تحصل تونس على نسبة معينة من كميات الغاز الطبيعي التي تمرّ من الجزائر عبر تونس في اتجاه إيطاليا.
وأبرز أنه يمكن بيع جزء من الأتاوة وهو أمر إيجابي عندما يكون سعر البيع لإيطاليا أعلى من سعر الشراء من الجزائر.
وتحدث خلف الله عن وجود تحدّيات متعلقة بالكهرباء حيث أن 95 ٪ من إنتاج الكهرباء متأت من الغاز الطبيعي و5 ٪ من الطاقات المتجددة، مشيرا إلى إمكانية تقليص ذروة الاستهلاك في الصيف.
وفي سنتي 2023 و2024 يقدر التوريد من الجزائر بنسبة 12 ٪ بشكل مباشر وذلك بالنظر إلى نقص الغاز الطبيعي في تونس، وهو “أمر معقول” في ظل وجود شراكة بين الشركة التونسية للكهرباء والغاز ونظيرتها الجزائرية.
ولفت الخبير إلى وجود تحد آخر متعلق بالدعم حيث يتم توجيه أكبر دعم للغاز المسيل والغازوال، في المقابل كلفة الدعم للبنزين تكون أقل.
وأوضح أن الكلفة التي تنتج بها “الستاغ” أعلى من سعر البيع الذي يحدد من قبل الدولة وبالتالي تقوم الدولة بتغطية هذا الفارق عبر رصد الدعم اللازم، كما هو الحال بالنسبة إلى شركة التكرير “ستير”.
وشدد على أن تدهور الإنتاج المحلي من نفط وغاز سببه نقص نشاط الاستكشاف بشكل كبير حيث تراجع عدد الرخص من 54 رخصة سنة 2010 إلى 16 رخصة سنة 2024.
وأوضح أنه لا يمكن تجديد المخزونات من النفط والغاز في ظل تراجع النشاط المتعلق بحفر الآبار حيث أن شركات عالمية غادرت تونس، منها ما أنهى تعاهداته وأخرى لم تجدد الرخص، وأيضا عدم قبول الحصول على رخص جديدة.
وأبرز أن أفضل مؤشر لإعطاء دفع للشركات هو وجود اكتشافات جديدة ليعود الاهتمام من قبل الشركات الدولية، والهدف تجديد المخزون الوطني من النفط والغاز للترفيع في الموارد الذاتية والإنتاج الوطني.
كما بيّن أن العجز الطاقي تفاقم لأنه مرتبط بـ3 عناصر هي ارتفاع سعر النفط وأيضا سعر الصرف وكذلك الكميات المتداولة وهي عناصر مرتبطة مباشرة بالميزان الطاقي التجاري.
وأشار إلى أن الواردات تقدر بـ13 ألف مليون دينار لكن الصادرات لم تتجاوز 4000 مليون دينار ما أدّى إلى عجز بـ9 آلاف مليون دينار.
وبخصوص الأمن الطاقي بيّن المستشار الدولي الارتباط الكبير بالتوريد من الجزائر بالنسبة إلى الغاز الطبيعي.
وقدّم جملة من الحلول للتقليص من هذه التبعية، مبينا إمكانية استغلال البواخر المجهزة وذلك عبر كرائها حيث تحتوي على وحدات تخزين وتبخير وتأجيل القيام باستثمارات كبرى في هذا الإطار.
من جهة أخرى أشار المختصّ إلى أن من بين الحلول اعتماد الطاقات المتجددة حيث توجد مشاريع يجري إنجازها في عدة جهات في إطار إنجاز 500 ميغاوات من الطاقة الشمسية، هذا بالإضافة إلى طلب عروض في مشاريع أخرى في ما يتعلق بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وهي مشاريع يمكن أن تساهم في الاقتراب من الهدف “الطموح” الذي وضعته الدولة حيث تساهم الطاقات المتجددة بـ 35 ٪ في الطاقات بحلول 2030 و50 ٪ بحلول سنة 2050.
وأكد أن الإمكانيات كبيرى سواء الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح لكن تفعيل هذه الكميات فيه عوائق يمكن حلّها تدريجيا، عبر تطوير طاقة استيعاب الستاغ للطاقات المتجددة بتجديد الشبكة.
ولفت إلى أن الطاقات المتجددة غير مسترسلة وهو ما يتطلب التخزين والذي يكون بكلفة باهظة، “ولذلك يجب معالجة الطاقة المتجددة وحسن التصرف فيها”، وفق تعبيره.
كما أشار إلى أن النقطة الثانية تتعلق بالأراضي، حيث يتم النظر في كيفية إنجاز مشاريع على أراض فلاحيّة.
وأشار خلف الله إلى مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا “آلماد” والذي سيمكن من تصدير الكهرباء من الطاقات المتجددة وأيضا توريد كهرباء من إيطاليا خاصة في فصل الصيف (ذروة الاستهلاك في تونس) حيث يوجد فائض من الكهرباء في أوروبا وبأسعار تفاضلية وهو ما يقلص توريد الغاز الطبيعي، وهو مشروع مهم جدا يمكّن من مزيد امتصاص الطاقات المتجددة.
ودعا المختصّ الشركات الصناعيّة إلى ضرورة أن تتوجه إلى النجاعة الطاقية للتخفيض من استهلاكها وأن يكون لها إنتاج ذاتي من الكهرباء وذلك عن طريق الطاقات المتجددة، خاصة أنها قد تواجه إشكاليات على مستوى التصدير في علاقة بالبصمة الكربونية.