لايف ستايل

مركوضة وختان جماعي وقرقيعان وتواسي …الأطفال العرب ورمضان

رحمة الخنتوش

رمضان للكبار ورمضان آخر للصغار. في الأول هو ركن من أركان الإسلام وفي الثاني هي مساحة للهو والتزين والبهجة ومحاولة تقليد الكبار. دول عربية لا تزال  تحافظ على موروثها الثقافي المرتبط برمضان بحسب بيئتها ومخزونها الأنثروبولوجي حيث يقترن المعتقد الديني بالعادات ولا يزال. لكن كيف يحتفل الأطفال العرب برمضان؟

مركوضة وختان في تونس
في تونس، تنتظر العائلات التونسية بعد الإفطار في ولاية المنستير وتحديدا مدينة بنان، على الساحل الشرقي لتونس، تذوق الحلويات التقليدية الأشهر على الإطلاق والخاصة بشهر رمضان “المركوضة”، من أيادي الأطفال.

ويتجمع الأطفال عادة بعد العصر لإعداد حلوى “المركوضة” في الأحياء الشعبية، فيحضر كل منهم آنية خاصة للإعداد تسمى “الفنجان” وهو إناء يصنع من المعدن كبير الشكل، مستدير وعميق، ثم تركض المكونات بواسطة عصا خشبية تصنع خصيصا لركض”المركوضة”، لا يتجاوز طولها 30 سنتيمترا وهي عصا ملساء ولولبية الشكل لا يتجاوز قطرها 3 سنتيمترات.

ويبدأ صنع “المركوضة” بوضع أبيض البيض في قاع “الفنجان” ثم يحرك بواسطة العصا حتى يصبح قوامه رغويا، ثم يضاف السكر والخل ويستمر تحريكها لمدة لا تقل عن نصف ساعة، حتى يتجانس الخليط ويتضاعف حجمه ويصبح أبيض كالثلج، ثم بعد ذلك تنطلق عملية ركض “المركوضة” في مدة لا تقل عن ساعة حتى تصبح جاهزة للأكل.

وفي ليلة القدر، الليلة السابعة والعشرين من الشهر الكريم، تنتظم مواكب الختان الجماعي في تونس وهي عادة دأبت العائلات التونسية على إقامتها منذ عقود. حتى بات الختان تقريبا يقترن بليلة القدر من باب التبرك.

KAIROUAN, TUNISIA – JUNE 11: Tunisian families bring their children for annual circumcision feast tradition at Sidi Sahab Zawiya and Madrasa ahead of Laylat al-Qadr in Kairouan, Tunisia on June 11, 2018. (Photo by Yassine Gaidi/Anadolu Agency/Getty Images)

معظم العائلات التونسية تحرص على تأجيل موعد ختان أطفالها الذكور، إلى هذه الليلة المباركة، فتنطلق الاحتفالات بتنظيم الإفطار الجماعي وطهي طبق الكسكسي التقليدي الشهير، ثم يرتدي الطفل لباسا تقليديا في الغالب هو “الجبة” و”الكبوس” و”البلغة” بعد تخضيب يديه بالـ “حنة” أو الحناء.

وفور ختان الطفل، يتم تقديم التهاني إلى عائلته بعبارة “مبارك الدخول في دين الإسلام » وقد يستدعي بعض الأهالي فرقة نحاسية وهي فرقة موسيقية شبيهة بالكورال عادة ما تحتفي بالطفل عند ختانه تجوب شوارع حيه.

التماسي في اليمن
تتجلى مظاهر الاحتفال برمضان في اليمن بعادة شهيرة وتقليدية تسمى عندهم بـ “التماسي”،  حيث يتجمع الأطفال حول بيوتهم في الأسبوع الأول من شهر رمضان وهم يرددون أهازيج ويجمعون بعض النقود.   

ما يزال الريف اليمني، يحيي طقوس تسعد القلوب رغم الدمار الذي خلفته الحروب والأزمات خلال السنوات الطويلة الماضية.

Yemeni girls wearing traditional costumes, attend a festival for children to welcome the Holy month of Ramadan in the old city of Sanaa, Yemen, Monday, July 8, 2013. Muslims throughout the world including Yemen prepare for the holy fasting month of Ramadan, the holiest month in the Islamic calendar with the dawn-to-dusk fast, prayers and spiritual introspection. (AP Photo/Hani Mohammed)

طوال شهر رمضان وبعد عصر كل يوم، يخرج الأطفال مرددين أهازيج “التماسي” ويقولون:
“يا رمضان يا بو الحمائم
 أدي لأبي قرعة دراهم   
يا رمضان يا بو المدافع 
أدي لنا مخزن بضائع
يا مساء أسعد الله مساء .. يا مساء جيت أمسي عندكم”

ويردد الأطفال “التماسي” المرتبطة بطبيعة الأكل في شهر رمضان، قائلين:
“رمضان حق اللحالح .. العصيد والسمن مالح
يا رمضان كن سير ورح .. عند الذي تسكي تلوح ».

قرقيعان
وتختلف مظاهر احتفال الأطفال بالشهر المعظم في الخليج، حيث تنتشر عادة قرقيعان تكرم بها الأسر أطفالها وتكفائهم على إتمام صيام نصف شهر رمضان.

في ليلة  قرقيعان وتسمى في قطر بشكل مختلف “القرنقعوه” يخرج الأطفال  مرتدين ملابس تقليدية بيضاء أو “السديري” المطرز و”القحفية” على الرؤوس، وهذا لباس الذكور. أما الفتيات فيرتدين فوق ملابسهن العادية “الثوب الزري”، وهو ثوب يشع بالألوان ومطرز بخيوط ذهبية، ويضعن “البخنق” فوق رؤوسهن، ويتزين ببعض الحلي من الذهب. 

ويحمل كل طفل منهم كيسا مصنوعا من القماش يسمى “خريطة” وهي تشبه المخلاة أو الخرج، زاهية الألوان ومختلفة الأشكال والأحجام.

ويردد الأطفال الأهزوجة الشهيرة: “قرنقعوه قرنقعوه، عطونا الله يعطيكم، بيت مكة يوديكم، يا مكة يا المعمورة، يا أم السلاسل والذهب يا نورة، عطونا من مال الله، يسلم لكم عبد الله، عطونا دحبة ميزان، سلّم لكم عزيزان، يا بنيّة يا حبّابة، أبوجِ مشرّع بابه، باب الكرم ما صكّه، ولا حطّ له بوّابة”. 

دول المغرب العربي
 في الجزائر تحتفي الأم بصوم ابنها أو ابنتها لأول مرة بتجهيز “الخاف” وهي فطيرة من العجين المقلي في الزيت. ويجلس الطفل  الصائم في مكان مميز على طاولة الإفطار تبجيلا له.

أما في المغرب يتم اتكريم الفتاة الصائمة لأول مرة، من خلال تزيينها باللباس التقليدي “القفطان” ووضع تاج على رأسها.

وفي معظم الدول العربية يشجع بعض الأهالي الأطفال على صوم نصف يوم وفي اليوم التالي نصفا آخر ثم يقال للطفل « نخيط النصفين وهكذا أتممتَ صومك ».