لايف ستايل مدونات

مراهقون أمام خطر “التصلّب المتعدّد” والسبب.. التكنولوجيا وقلّة النوم

سمية المرزوقي

يميل المراهقون، في وقتنا هذا، إلى تمضية أغلب أوقاتهم في ممارسة ألعاب الفيديو وتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي. ولأنّ الدراسة تستحوذ على نصيب الأسد من ساعات النهار، يشعر اليافعون أنّهم في حاجة إلى تعويض التركيز والجدّ بتخصيص وقت للتسلية والترفيه عن النفس.

ورغم توصيات منظّمة الصحّة العالمية بضرورة التخلّي عن الخمول والحرص على النشاط والحركة في كل مراحل الحياة، يفضّل المراهقون قضاء الساعات الطوال أمام شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية، ليلا ونهارا كلّما سنحت لهم الفرصة.

ولكن اقتطاع ساعات من الفترة المخصّصة للنوم له كلفة، إذ يمنع المراهقين من التمتّع بقسط جيّد من الراحة أثناء الليل، وهو ما يؤدّي إلى ظهور مشاكل صحّية خطرة للغاية في وقت لاحق، مثل التصلّب المتعدّد، والسمنة، والسكري وضعف الصحّة العقلية، وفقدان الانتباه والتركيز.

خطر انخفاض ساعات النوم

وجد فريق من الباحثين في السويد أنّ قلّة النوم في سن المراهقة تزيد من خطر الإصابة بالتصلّب المتعدّد.

وللتوصّل إلى هذه النتائج، استخدم الباحثون معلومات من التحقيق الوبائي لمرض التصلّب العصبي المتعدّد في السويد، والذي شمل مجموعة من السكان ممّن تتراوح أعمارهم بين16 و70 عاما.

أولى الفريق اهتماما خاصّا لأنماط النوم لمن تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة. ثم سألوا المشاركين عن مدة النوم في أيام العمل أو المدرسة وفي عطلات نهاية الأسبوع أو أيام العطل في مختلف الأعمار.

وصنّفوا مدة النوم على أنّها قصيرة (أقل من 7 ساعات في الليلة)، وكافية (7-9 ساعات في الليلة)، وطويلة (10 ساعات أو أكثر).

بعد ذلك، كان على المشاركين أيضا تقييم جودة نومهم في مختلف الأعمار باستخدام مقياس مكوّن من خمس نقاط، حيث تعني خمس نقاط جيّدة جدا.

وأظهرت النتائج أنّ النوم لساعات أقلّ والحصول على نوم أقلّ جودة خلال فترة المراهقة، يزيدان من خطر تشخيص مرض التصلّب العصبي المتعدّد بنسبة 40%.

ولم يظهر النوم الطويل في أيام العمل أو المدرسة وفي عطلات نهاية الأسبوع المخاطر المتزايدة نفسها.

وقال فريق الباحثين، في بيان إعلامي نشرته دورية (نورولوجي نوروسورجي آند سايكولوجي): “النوم الكافي، اللّازم لوظيفة المناعة، قد يكون عاملا وقائّيا آخر ضدّ مرض التصلّب العصبي المتعدّد”.

كما أثبتت الدراسة الارتباط بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وأنماط النوم. وبيّن الباحثون أنّ توفّر التكنولوجيا والإنترنت في أيّ وقت، يُسهمان في عدم كفاية النوم بين المراهقين.

التصلّب العصبي المتعدّد

يعرف الموقع المتخصّص “مايو كلينك” التصلّب المتعدّد بأنّه المرض الذي يهاجم فيه الجهاز المناعي للجسم أنسجته. عند الإصابة به، يدمّر هذا العطل الذي يصيب الجهاز المناعي المادة الدهنية (المايلين)، التي تغطّي الألياف العصبيّة في الدماغ والحبل النخاعي وتحميها.

وتُشبِه مادةُ المايلين المادّةَ العازلة التي تغطّي الأسلاك الكهربائية. وعند تلف طبقة المايلين الواقية وانكشاف الألياف العصبيّة، قد يبطؤ وصول الرسائل العصبية التي تنتقلّ عبر هذه الألياف العصبية أو تُحجب كليّا، وبالتالي فهو يؤثّر في الجهاز العصبي المركزي.

وفي تونس، ثبتت إصابة نحو 3 آلاف شخص بالتصلّب المتعدّد، مع نسبة انتشار تُقدّر بـ20 شخص مصاب في كل 100 ألف ساكن، حسب منصّة “أطلس” المتخصّصة في الإحصائيات والبيانات حول العالم.

أما على مستوى العالم فتشير التقديرات لسنة 2020، إلى أنّ أكثر من 2.8 مليون شخص يعيشون مع مرض التصلّب العصبي المتعدّد، وفق جمعية “التصلّب المتعدّد”.

يبدأ المرض عادة بين عمري 20 و50 سنة، ونسبة إصابة النساء به ضِعف نسبة إصابة الذكور.

أمّا الأعراض النوعية فتظهر حسب مكان الضرر ضمن الجهاز العصبي، وقد تشمل فقدان الحسّ والتنميل كالوخز أو الخدر، وضعف العضلات، والتقلّص العضلي، وصعوبة الحركة وصعوبة التنسيق الحركي والتوازن (الترنّح)، واضطراب الكلام، وصعوبة البلع، ومشاكل النظر والإعياء وصعوبة في التفكير، ومشاكل انفعالية مثل الاكتئاب أو المزاج المتقلّب.

وكشفت الجمعية التونسية لمرضى التصلّب اللوحي المتعدّد، أنّ هذه الاضطرابات يمكن أن تكون منعزلة أو مجتمعة.

يُذكر أنّه لا يوجد علاج شافٍ تماما للتصلّب المتعدّد حتى اللحظة. ومع ذلك، يمكن أن تُساعد العلاجات في سرعة التعافي من النوبات، وتعديل مسار المرض وعلاج الأعراض.

عدد الساعات اللّازمة للنوم

توصي المراكز الأمريكيّة للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، بتمكين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم من 6 إلى 12 عاما بالنوم بين 9 و12 ساعة في اليوم، وبين 8 و10 ساعات نوم لمن تتراوح سنّهم بين 13 و18 عاما.

يُساهم النوم الجيّد في تحسين وظائف كلّ أجهزة الجسم تقريبا، فهو يقوّي جهاز المناعة ويساعد على تنظيم الهرمونات، ويمكّن من استعادة العضلات والأنسجة.

كما يُفيد النوم الدماغ ويعزّز الانتباه والذاكرة والتفكير التحليلي، ويجعل التفكير أكثر دقّة، ويعزّز مهارات التعلّم، ويمكن أن يحفّز الإبداع.