محمد القمودي... بطل عصاميّ حمله الحظّ إلى عالم المجد
tunigate post cover
رياضة

محمد القمودي... بطل عصاميّ حمله الحظّ إلى عالم المجد

2021-01-23 18:38

هو الرجل الذي لم يسِر في طريق المدرسة يوما ولم يتلقّ تكوينًا رياضيا خاصّا لكنّه بطل أسطوري في عالم ألعاب القوى. محمد التليلي بن عبد الله القمودي ينحدر من منطقة سيدي عيش التابعة لولاية قفصة جنوب غرب تونس، من مواليد 11 فيفري سنة 1938 ، عصاميُّ التكوين قادته الصُّدفة إلى عالم الرياضة فأصبح أحد أعلامها.

محمد القمّودي بطل الشاي

لظروف مّا لم يتمكّن محمد القمودي من مزاولة دراسته. كان يُساعد والده في بعض الأعمال الفلاحية في قريته الريفية النائية. كان مطيعًا بارًّا بوالديْه وكان يخاف من والده الصارم في معاملته. يروي محمد القمودي أنّ والده كان يُرسله إلى مدينة قفصة، على بعد 20 كيلومتر من أجل جلب الشاي، لعدم وجود دكاكين في سيدي عيش، وكان يُلحّ عليه بالإسراع في العودة، فكان الصبيّ النحيل يقطع تلك المسافة جريا تلبية لطلب والده مما مرّنه جدّا على رياضة العدْو وصقل موهبته عن غير قصد.

الجيش بوابة المجد

في سنّ العشرين حان موعد الخدمة العسكرية فاستجاب الشاب محمد القمودي لنداء الواجب والتحق بالجيش التونسي. سرعان ما برز بشكلٍ لافتٍ لا بصفته العسكرية وإنّما بتميّزه في الأنشطة والمسابقات الرياضية فوقع اختياره ضمْن المنتخب التونسي للرياضة العسكرية. اقتنص القمودي الفرصة فكان مواظباً منضبطًا على تمارينه الرياضية وحقّق نتائج جيّدة في رياضة العدْو لمسافات طويلة. وفي سنة 1962 وقع اختيار محمد القمودي من بين رياضيّي تونس في البطولة العالمية العسكرية فنجح في خطْف الأضواء وعاد بميداليتيْن من المعدن النفيس.

القمودي ملك ألعاب القوى

في الألعاب الأولمبية بطوكيو سنة 1964 خطَف الشابّ التونسيّ المغمور الأضواء  

ونجَح في حصْد فضية سباق 10000 متر متجاوزًا العدّاء الأسطوري الأسترالي كلارك.

وكان القمودي على موعد مع نهائي ثان في سباق 5000 لكنّ الإصابة حرمتْه من خوْض السباق .

عاد القمودي إلى الأولمبياد سنة 1968 في مكسيكو ووظّف خبرته وضرَب بقوّة بتحقيق الميدالية الذهبية الأولى لتونس في تاريخ الألعاب الأولمبية عندما تصدّر سباق 5000 متر على حساب ملوك الاختصاص العدّائين الكينيّين والأثيوبيّين.

لم يكتف البطل التونسي بالذهب فحاول إعادة الكرّة في سباق 10000 متر فكان نصيبه من معدن البرونز.

ازداد نهم القمودي وعطشه للتتويج فعاد من بوابة ميونيخ الألمانية في دورة أولمبياد 1972. سقط في سباق 10000 متر لكنّه حصد الفضّة من جديد في مسابقة 5000  فكانت الميدالية الأولمبية الرابعة للقمودي ولتونس.

رغْم النّجاحات الباهرة التّي حقّقها لا يزال محمد القمودي يتحسّر على ضياع المشاركة في أولمبياد مونريال بكندا عام 1976 بسبب قرار الدول الإفريقية مقاطعة الدورة لأسباب سياسية.

سفير تونس في المضامير العالمية

في أولى مشاركاته في الألعاب الأولمبية بطوكيو سنة1964 أحرج القمودي المُنظّمين عندما حلّ في المركز الثاني فتساءلوا عن جنسيته من أيّ بلد وأين تقع تونس؟ استنجدوا بصورة علم تونس على حقيبته لإنقاذ الموقف وأعدّوا علما قبل مراسم تسليم الميداليات. ومُنذ ذلك الوقت عرَف الميدان الأولمبي العالمي تونس بفضل القمودي الذي كان سفيرا فوق العادة.

رغم تواضع الإمكانيات المُتوفّرة على ذمّته وعدم تلقّيه تكوينا رياضيا خاصا ودخوله عالم الرياضة مُتأخِّر جدا مُقارنة بباقي الرياضيّين، إلاً أنّ محمد القمودي كان مثالًا للعزيمة والانضباط والإرادة وحقّق أرقامًا عجَز عن تحقيقها مئات الرياضيّين التونسيّين في مُختلف الاختصاصات رغْم مرور أكثر من نصف قرن.

عناوين أخرى