تونس

محلل: مفاوضات “القرض” ستتأثر بالقرار الأوروبي بشأن الحريات

اعتبر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي التونسي زياد الهاني في تصريح لبوابة تونس، أن القرار الصادر عن البرلمان الأوروبي الخميس 16 مارس، بشأن وضع الحريات في تونس، يؤكد أن صورتها أصبحت موصومة بـ”الاستبداد والعنصرية واستهداف الإعلام والنشطاء السياسيين المعارضين”، على حد تعبيره.

وقال الهاني: “بقطع النظر عن تفاصيل القرار الذي صادق عليه البرلمان الأوروبي، فالثابت أن تونس التي عرفت إشادة دولية واسعة بفضل التحول الديمقراطي الذي شهدته، وانتقالها من بيئة متخلفة إلى ضفة الدول الحرة، ما فتح أمامها كل أبواب الدعم لإنجاح تجربتها، إلا أنها أصبحت اليوم موصومة بالتضييق على الحريات والاستبداد، وتوظيف المؤسسة القضائية لتصفية الحسابات السياسية، وإلغاء دستور 2014 وتعويضه بدستور فردي يستمد شرعيته من السلطة التي يمتلكها رئيس الجمهورية للسيطرة على المؤسسات الصلبة”.

آثار مالية واقتصادية

ولفت الهاني إلى أن مناقشة وضع الحريات في تونس، التي تضمنت النظر في دعوة المفوضة الأوروبية إلى تعليق المساعدة المالية الكلية لتونس، تأتي بالتزامن مع قرار الولايات المتحدة خفض مساعداتها إلى النصف، بسبب التراجع الحاصل في مجال الحريات والنكوص عن المسار الديمقراطي.

وصوت البرلمان الأوروبي اليوم على قرار قدمته مجموعة من النواب المنتمين إلى مجموعة الخضر والتحالف الأوروبي الحر، يطالب السلطات التونسية بالإفراج عن “جميع الموقوفين في إطار الحملة التي استهدفت المعارضة”، واحترام حرية التعبير”.

وصوّت النواب الأوروبيون لصالح القرار الذي يدعو السلطات التونسية إلى وضع حد لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

وتضمن القرار تعبيرا عن القلق إزاء ما وصفه البرلمان الأوروبي “بالانجراف الاستبدادي” للرئيس قيس سعيّد، والدعوة إلى إعادة القضاة المعزولين إلى وظائفهم.

كما شدد قرار البرلمان الأوروبي، على ضرورة تعليق برامج دعم الاتحاد الأوروبي المخصصة لوزارتي العدل والداخلية.

لهجة شديدة

وفي تعليقه على مضمون القرار، أوضح زياد الهاني أن اللهجة الشديدة التي جاء بها تعكس حدة امتعاض الشريك الأوروبي من التطورات اللاديمقراطية في البلاد مبينا أن قرارات المجلس الأوروبي رغم أنها غير إلزامية إلا أنها ذات صبغة اعتبارية، ومؤثرة في رسم ملامح السياسات الأوروبية، لافتا إلى أن القرار الفعلي الملزم سيكون خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية الأوروبيين.

وبشأن مطالبة النواب الأوروبيين بتعليق الدعم الموجه إلى كل من وزارتي العدل والداخلية، قال زياد الهاني إن الاتحاد الأوروبي “الذي يمثل أكبر شريك اقتصادي لتونس وداعم رئيسي لتجربة الانتقال الديمقراطي، واع بأن وزارتي العدل والداخلية يقع توظيفهما أدوات أساسية، لقمع المعارضين وتركيز منظومة الاستبداد”.

وشدد محدثنا  على أن الموقف الأوروبي القوي هذه المرة يؤكد مدى الانحراف الحاصل في تونس منذ 25 جولية 2021.  

وحذر الكاتب والمحلل السياسي التونسي من تداعيات القرار المنتظر على العلاقات التونسية الأوروبية وكذلك مع المانحين الدوليين وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي حتى وإن لم يتبن الدعوة إلى تعليق المساعدات الأوروبية إلى تونس، مؤكدا أن مختلف هذه الجهات المانحة تتابع ما يجري في تونس، وحتما سيكون للموقف الصادر عن البرلمان الأوربي تأثير في هذه المؤسسات النقدية.

وكان أعضاء البرلمان الأوروبي قد طالبوا السلطات التونسية في القرار بـ”احترام حرية التعبير، وضمان محاكمة عادلة مع جميع الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين، والوصول إلى المحامين، ووقف مضايقة جميع الصحفيين والمحامين والنقابيين، بالإضافة إلى إيفائها بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان بما يتماشى مع اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس”.