صدر في الرائد الرسمي أمر رئاسي مؤرخ في 22 أكتوبر 2020، بقبول استقالة رشيدة النيفر من منصب مستشار أول لدى رئيس الجمهورية، مكلفةً بشؤون الإعلام والتواصل، ابتداء من الجمعة 23 أكتوبر.
قرار رشيدة النيفر الاستقالة من مهامها جاء مفاجئًا في توقيته، ليثير تكهناتٍ في الأوساط الصحفية والسياسية عن تغيرات ضمن الفريق السياسي والإداري لرئيس الجمهورية.
وكانت النيفر قد أكدت في تصريحٍ صحفيٍ مقتضب الجمعة 23 أكتوبر، خبر استقالتها بعد ساعاتٍ من تداوله إعلاميًا، وأرجعت المستشارة الإعلامية السابقة بالرئاسة قرارها “لعدم رضاها عن طريقة العمل داخل الديوان الرئاسي”، كما قامت بإغلاق صفحتها الرسمية كمستشارة برئاسة الجمهورية على فيسبوك ما كان إشارة واضحة على استقالتها.
وترجح بعض المصادر أن يحل محلها الناشط السياسي وعضو حملة قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية رضا شهاب المكي المعروف بـ ”رضا لينين”، فيما رجح آخرون اعتدال المجبري رئيسة مجلس الصحافة.
تعليق المستشارة الإعلامية السابقة للرئيس، والذي جاء مقتضبًا في مضمونه، كشف بحسب متابعين تفاقم الخلافات ما بين النيفر ومديرة الديوان نادية عكاشة بعد تداول أنباء بهذا الشأن خلال الأشهر الماضية، نتيجة تباين المواقف والتقديرات ما بين الطرفين، خاصة على مستوى الحضور السياسي والإعلامي لرئيس الجمهورية.
وأشارت تسريبات صحفية سابقة وتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى صراعٍ داخل فريق المستشارين بالديوان الرئاسي، في ظل خلافاتٍ حول الصلاحيات.
وفي تصريحٍ خاصٍ لبوابة تونس، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي ايمن الزمالي أن استقالة النيفر تقرأ على اعتبارها رسالةً سلبيةً بعدم تماسك الفريق السياسي والإعلامي لرئيس الجمهورية، وسط محاولاتٍ لفرض أجندات طرفٍ معينٍ والاستحواذ على سلطة القرار.
وأضاف الزمالي “من الممكن أن رئيس الجمهوري غير متفطن إلى هذه الصراعات وخلفياتها، وربما اتخذ قرارًا بالحياد وعدم الانحياز لأي طرفٍ”.”
وفضلاً عن الخلاف مع المستشارة نادية عكاشة، اعتبر محدثنا أن فشل النيفر في تركيز سياسية اتصاليةٍ وإعلاميةٍ ناجحةٍ صلب رئاسة الجمهورية، كان من العوامل الرئيسية التي عززت الانتقادات الموجهة إليها وأضعفت موقفها داخل ديوان رئاسة الجمهورية.
“وجدنا نحن كإعلاميين على الأقل، صعوبةً كبيرةً في تلقي الرسائل السياسية والإعلامية التي يريد الرئيس توجيهها إلى الشعب التونسي، وفي نفس الوقت هناك صعوبة وتخبط في ما يرشح ويخرج من معلوماتٍ ومعطياتٍ من قصر قرطاج نتيجة عجزها عن استيعاب مواقف سعيد، وتحويلها إلى مواقف بسيطة وأفكار واضحة “، يضيف الزمالي في حديثه عن الإشكاليات التي شابت الأداء الإعلامي خلال السنة الأولى من رئاسة سعيد.
و حول الخلاف المتصاعد بين النيفر ونادية عكاشة، أوضح الزمالي أن التسريبات المتعلقة بهذه الحرب الصامتة كانت تفوح منذ مدةٍ، نتيجة سياسة مديرة الديوان للسيطرة على كل مفاصل القرار بقرطاج، وهو ما تسبب في تكرار الصدامات نتيجة عدم احترامها لمفهوم الاختصاص وهو “ما يتنافى مع فلسفة العمل بمؤسسات الدولة التي ترتكز إلى الاختصاص والفريق المتجانس وليس العمل الفردي”.
وحول الترشيحات التي تداولت اسم الناشط السياسي رضا المكي، اعتبر الزمالي انه يعد رجل فكرٍ و سياسةٍ ونظرياتٍ، ولكنه ليس بالرجل الاتصالي القادر على بلورة أفكار الرئيس والتعامل مع هذا الموقع الحساس، “الذي يتطلب صحفيًا خبيرًا ومحترفًا”، حسب تعبيره.