مجابهة "الديكتاتورية المتصاعدة" في تونس تعتمد على صندوق النقد
tunigate post cover
تونس

مجابهة "الديكتاتورية المتصاعدة" في تونس تعتمد على صندوق النقد

تقرير لمجلة "فورين أفيريز" يدعو واشنطن إلى ربط قرض صندوق النقد لتونس بالإصلاح السياسي
2023-03-28 21:38

تحت عنوان “لا تنقذوا دكتاتور تونس المنتظر”، نشرت مجلّة”فورين أفيريز”، تقريرا مطوّلا عن الوضع الاقتصادي المتدهور في تونس في ظل الرئيس قيس سعيّد، والذي يعمل على “مزيد ترسيخ حكمه الاستبدادي عبر المحاكمات العسكرية، وحملة الاعتقالات التي طالت عديد الشخصيات السياسية البارزة من معارضيه”، فضلا عن تصريحاته في حقّ الأفارقة من جنوب الصحراء والتي “تجسّد قناعته بنظرية الاستبدال العظيم اليمينية الشعبوية المتطرفة”، حسب ما جاء في التقرير.
تقرير “فورين أفيريز”، اعتمد مقاربة عن الوضع الاقتصادي في تونس والذي باتت مؤشّراته تنذر بالخطر، في طل سياسات الرئيس سعيّد “الاستبدادية” كما وصفتها، معتبرا أنّ حزمة التمويل الجديد التي يناقشها صندوق النقد الدولي لإعادة إنعاش الاقتصاد التونسي “ستشكّل طوق نجاة الرئيس سعيّد من المأزق الاقتصادي الذي يواجهه ويمكّنه من ترسيخ نظامه الديكتاتوري وإجهاض آخر تجارب الانتقال الديمقراطي في مسار الربيع العربي”.
ضغوط أمريكية
ويذهب التقرير حدّ مطالبة واشنطن باعتبارها المساهم الأكبر في صندوق النقد الدولي بالضغط على إدارة الصندوق، لربط حزمة الدعم الجديدة بشروط تتعلّق بالإصلاح السياسي وتكريس الضمانات الديمقراطية.
المجلة الأمريكية ذكرت في هذا المجال بالأولية التي يشكّلها مصير تونس بالنسبة إلى الولايات المتحدة وخاصّة منذ 2011، وهو ما يشكّل دافعا في ما يخصّ واشنطن إلى العمل على دعمها على ألّا يكون “الديكتاتور المتهوّر المسؤول عن الاقتصاد المنهار هو وصفة للفوضى”، حسب تعبيرها.
لم يفت الأوان
يرى التقرير أنّ الأوان لم يفت بعد بالنسبة إلى الولايات المتحدة وشركائها لإنقاذ تونس من الانزلاق إلى الحكم الاستبدادي، وذلك من خلال خطوات ورية يتوجّب على إدارة الرئيس بايدن اتّخاذها بشكل فوري وتشمل في المستوى الأول بالضغط على مسؤولي صندوق النقد الدولي لتجميد أيّ اتّفاق نهائي مع السلطات التونسية حتى “تفي بشروط محدّدة تشمل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإقامة حوار وطني شامل وحقيقي”.
المجلة الأمريكية انتقدت ما وصفته بـ”لامبالاة صندوق النقد تجاه الفوضى والقمع السياسي الحاصل في تونس خلال الأشهر الأخيرة بادّعاء الحياد في المسائل السياسية”، والقول إنّ الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية مؤهّلة على حدّ سواء للحصول على الدعم، مذكّرة بتعثّر مفاوضات الصندوق سنة 2013 مع حكومة الرئيس الراحل محمد مرسي في مصر “بسبب عدم وجود تأييد سياسي من جانب قوى المعارضة المصرية”.
ويحذر التقرير من أنّ “عدم الاستقرار الحالي في تونس وحكم الفرد الواحد إلى أجل غير مسمى”، ستكون لهما آثار اقتصادية وخيمة، وتحدّيات كبيرة بشأن تنفيذ خطّة الإصلاحات الهيكلية التي التزمت بها الحكومة، بما في ذلك رفع الدعم المثير للجدل دون دعم أيّ حزب سياسي رئيسي والاتّحاد العام التونسي للشغل كبرى المنظّمات النقابية في البلاد، والتي تمتلك القدرة على شلّ الاقتصاد من خلال الإضرابات الكبرى في شتّى القطاعات.
في تقديره للموقف الأمريكي بشأن مفاوضات القرض التونسي يؤكّد كاتب المقال أنّ دعم الولايات المتّحدة، سيكون حاسما خلال المداولات النهائية للاتّفاق بصفتها أكبر مساهم مالي في صندوق النقد الدولي والأكثر تأثيرا في تحديد توجّهاته وسياساته الاستراتيجية.
الخيارات المتاحة
وعلى الرغم من الغموض الذي تتّسم به تصريحات المسؤولين في إدارة الرئيس بايدن بشأن مفاوضات تونس مع الصندوق بهدف إبقاء هامش للمناورة السياسية -حسب المقال- إلّا أنّ الإدارة الأمريكية ما تزال قادرة على تغيير موقفها بالدعوة إلى وقف المحادثات بشكل مؤقت لأسباب سياسية.
وتقترح “فورين أفيريز”، ضمن خيارات الضغط الاقتصادي على الرئيس التونسي سعيّد ما تصفه بالدبلوماسية الهادئة، من خلال تنبيه واشنطن شركائها الأوروبيين ثم عقد اجتماعات مع صندوق النقد الدولي بهدف تأجيل اتّفاقية صندوق النقد الدولي، إلى أن تظهر الحكومة التونسية التزاما بالعودة إلى المسار الديمقراطي وإنهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتنظيم عملية حوار وطني تشارك فيه كل أحزاب المعارضة الرئيسية.
يلفت التقرير إلى أنّه تونس في حالة عدم حصولها على قرض صندوق النقد ستواجه أزمة محتملة في ميزان المدفوعات، قد تؤدّي إلى تخلّفها عن سداد ديونها فضلا عن تفاقم النقص الحالي في السلع الأساسية، وفقدان فرصة الحصول على مساعدات إضافية من عديد الدول المانحة.
كما يتطرّق التقرير من ناحية أخرى إلى القلق داخل عدد من المؤسّسات السيادية التونسية من تفاقم الأزمة الاقتصادية وتداعياتها وعلى رأسها الجيش التونسي، حيث “يتخوّف بعض قادة المؤسّسة العسكرية” -حسب التقرير- من أنّ “الانهيار الاقتصادي المباشر من شأنه أن يورّطها في سوء إدارة البلاد ويزيد من تآكل سمعتها”.
ورغم وجود خيارات أخرى للضغط على الرئيس قيس سعيّد -حسب المجلة- فإنّ توظيف محادثات صندوق النقد الدولي يعدّ الخيار الأفضل رغم توفّر خيارات أخرى قد تكون أكثر قسرية بيد واشنطن، بما في ذلك استخدام قانون “ماغنيتسكي” العالمي لمعاقبة سعيّد وغيره من كبار المسؤولين على انتهاكات حقوق الإنسان.
ويضيف التقرير: “في حالة التخلّف عن سداد الديون، سيكون لدى المسؤولين التونسيين استعداد أقوى للالتزام بأيّ شروط سياسية مرتبطة بالدعم الطارئ من صندوق النقد الدولي والمانحين الدوليين الآخرين.
وتخلص المجلة الأمريكية إلى أنّه إذا قام صندوق النقد الدولي بـ”إنقاذ سعيّد”، بمنحه حزمة التمويل الجديدة فإنّه “سيتحمّل المسؤولية المباشرة عن نهاية الديمقراطية التونسية وإلقاء ملايين التونسيين في مصير مأساوي”، مضيفة أنّ إدارة بايدن ستكون شريكة في التعرّض للوم إذا سمحت للصندوق بالمضي قدمًا دون فرض مزيد من الشروط.

عناوين أخرى