رياضة

مباراة بـ 5 أيام…ماذا تعرف عن رياضة الكريكيت؟


تحظى لعبة الكريكيت بشعبية عالمية جارفة لدى الشعوب التي تمارسها، لا تقل عن شعبية كرة القدم أو تفوقها أحيانا. هي من الرياضات المحلية مثل كرة القدم الأمريكية والبيسبول. عرفت تغييرات كثيرة في قوانينها وشهدت  عدة عراقيل  قبل إرسائها رياضة قائمة بذاتها.

الكريكيت رياضة الأطفال

خلال القرن الثالث عشر ميلادي ابتدع الأطفال في جنوب إنجلترا لعبة غريبة في ذلك الوقت، فاتخذوا من المساحات المنبسطة في الغابات ملعبا وصنعوا المضارب من جذوع الأشجار وعوضوا الكرة بالحجارة. لم تكن للعبتهم قوانين واضحة، مارسوها بغرض اللهو والمرح فحسب. 

وبشأن التسمية، لم يتفق ممارسو الكريكيت على أصلها، فيعتقد كثيرون أنها مشتقة من الكلمة الإنجليزية القديمة “cryce” التي تعني عكازًا أو قضيبًا، وهو التفسير الشائع.

ظلت الكريكيت حكرا على الأطفال على امتداد قرون عديدة حتى بداية القرن السابع عشر، حين ولع البالغون بها وأصبح الشباب والكهول يمارسونها في أوقات فراغهم.

اهتمام البالغين باللعبة عرّضهم لعدة مشاكل خاصة وأنهم يلعبونها يوم الأحد في غالب الأحيان ما أثار احتجاج الكنيسة التي اتهمتهم بالتخلي عن واجباتهم الدينية وتفضيل اللهو واللعب، حتى أن رجلين حوكما سنة 1611 بسبب لعبهما يوم الأحد.

 ومع تقدّم الوقت وانتشار الرياضة في كامل أرجاء إنجلترا، فرضت الرياضة شعبيتها على الجميع وأصبحت أكثر تنظيما.

 انتشار الكريكيت

نمت لعبة الكريكيت في  كامل إنجلترا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ووقع إنشاء أندية لأول مرة في لندن ودارتفورد وسيليندون وهادلو وبروملي.

ومن إنجلترا صدّر البريطانيون هذه الرياضة إلى مستعمراتهم في أستراليا وجنوب إفريقيا والهند ونيوزيلندا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا بدرجة أقل.

 دارت أول مباراة دولية في تاريخ الكريكيت سنة 1844 بمدينة نيويورك بين منتخبي الولايات المتحدة وكندا وفي القرن التاسع عشر تأسست أول منظمة دولية للكريكيت لتنظيم اللعبة في العالم وللإشراف على مسابقاتها وتطويرها.

قوانين اللعبة

تعد الكريكيت من أكثر الرياضات تعقيدا فيما يتعلق بالقوانين التي تنظمها، فمنذ أن كانت تُلعب برمي الكرة على الأرض بدلا من إلقائها في الهواء، كانت هناك صعوبة في تحديد طريقة احتساب النقاط وهو ما يفسر بطء انتشارها في مراحلها الأولى.

يتنافس في مباراة الكريكيت فريقان كل منهما يضم 11 لاعبا، يمسك كل منهم بمضرب خشبي يستخدمه لصد الكرة أو لتصويبها.

في كل فريق هناك لاعب يسمى الضارب يتولى تصويب الكرة باتجاه جذوع خشبية هي بمثابة المرمى، في حين يتولى بقية اللاعبين الدفاع من خلال منع الكرة من إصابة الهدف أو الخروج عن إطار الملعب حتى لا تُسجّل نقاط ضدهم أو يقصى أحدهم.

كل فريق لديه إما جولة أو جولتان وفقاً لطول المباراة، في كل جولة هناك فريق ضارب والمنافس يتولى الدفاع، ثم يتبادلان الأدوار. 

قد تدوم مباراة الكريكيت خمسة أيام وهو الحد الأقصى وتُلعب على مدى ست ساعات يوميا، وهو الأمر الذي شد الجماهير إليها بفضل إثارتها.

في لعبة الكريكيت لا يكون الهدف دائما تسجيل النقاط، وإنما يستهدف كل فريق منافسه لإقصاء أكثر ما يمكن من اللاعبين، ويُعلن انتصار الفريق إذا نجح في إقصاء 10 لاعبين من الفريق المنافس. 

ويستغل لاعبو الكريكيت هذا العامل لصالحهم بفضل كثرة الوضعيات التي قد تؤدي إلى إقصاء اللاعب، مثل رمية طويلة تتخطى حدود الملعب أو التقاط رمية المنافس قبل أن تلمس الأرض أو فشل المنافس في رد الكرة وارتطامها بجسمه.

أزمات مرت بها الكريكيت

إضافة إلى احترازات الكنيسة ضد هذه الرياضة في بداية انتشارها، عرفت رياضة الكريكيت عدة أزمات في تاريخها خاصة في القرن الثامن عشر، فتوقفت المباريات والمسابقات خلال حرب السنوات السبع، نظرا لانشغال اللاعبين وضعف الاهتمام الجماهيري.

أما الأزمة الثانية التي واجهتها لعبة الكريكيت، فكانت الحملات النابوليونية في بداية القرن التاسع عشر، ولم تكد الرياضة تتعافى إلا بعد سنة 1815.

في القرن التاسع عشر أيضا، أثرت فضائح القمار في إنجلترا على رياضة الكريكيت التي شوهت سمعتها. وكثرت الرهانات وانتشر التلاعب بنتائج المباريات، مع اهتمام النبلاء بها.

كما مثلت أزمة الميز العنصري في جنوب إفريقيا في النصف الثاني من القرن العشرين عقبة أمام تنظيم عدة بطولات في البلاد وألغيت مسابقات دولية وتعرّض الكثير من اللاعبين إلى هجمات عنصرية.

الكريكيت الحديثة 

رغم عراقتها وتاريخها القديم بقيت رياضة الكريكيت حكرا على دول الكومنولث، لكن ذلك لم يمنع هذه الدول من تطوير الرياضة وتعصيرها بوضع قوانين دقيقة وتحديد أطر جديدة لممارستها على غرار مساحة الملعب، إضافة إلى تنظيم بطولات دولية.

تضم المنظمة الدولية للكريكيت 12 دولة تتنافس في مسابقات إقليمية وبطولة عالمية كل أربع سنوات. ومن أبرز الدول التي تميزت في هذه الرياضة: إنجلترا والهند وأستراليا وهي الدول التي أصبحت رياضة الكريكيت جزءًا من ثقافة شعوبها.