ثقافة لايف ستايل

ما هو مقياس ريشتر وكيف يعمل؟

في كل مرة تقع هزة أرضية أو يضرب زلزال منطقة من العالم تعلن مراكز الرصد وإدارات الطوارئ والكوارث قوة الزلزال، وغالبا ما يكون المقياس المستعمل هو ريشتر. فماهو هذا المقياس ولماذا اعتمد؟

ريشتر، هو نظام رقمي يسجل شدّة الهزات الأرضية، ويحسب العلماء هذا الرقم باستخدام المعلومات التي يعطيها جهاز يسمى مرسمة الزلازل، وهو جهاز يسجل حركة الأرض الناتجة عن هزة أرضية. ويعدّ مقياس ريشتر أحد أدقّ مقاييس الزلازل في العالم وأكثرها كفاءة وانتشارا.

من هو تشارليز فرانسيس ريشتر؟

ينسب مقياس ريشتر إلى العالم الأمريكي تشارليز فرانسيس ريشتر (1900-1985). تخرج من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، اخترع المقياس عام 1935 وطوّره من خلال الأنماط التي اكتشفها من دراسته أكثر من 200 زلزال سنويا.

وأجرى عليه تطويرات وتحديثات عدة في ما بعد، وهو يعتمد على الجانب الكمي ومقدار الطاقة المنبعثة من مركز الزلزال، لذلك فهو لا يهتمّ بقياس الآثار المترتبة عن الزلزال بقدر ما يتوقّف عند القوة المنطلقة من بؤرته.

وبدأ العالم الأمريكي بمتابعة تسجيلات الزلازل وتحديد مواقع الهزات الأرضية، ووضع جدولا يضمّ مراكز الزلازل وأوقات حدوثها، بإشراف هاري وود (مؤسّس معمل علوم الزلازل، معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا) الذي كان مسؤولا عن برنامج رصد الزلازل ودراستها في كاليفورنيا مع ماكسويل ألين (عالم زلزال أمريكي).

وكانت عملية التسجيل تتمّ اعتمادا على سبع محطات متباعدة باستخدام راسمة الزلازل التي تعمل وفق مبدإ الفتل الأفقي، صنعها وود وألين.

واقترح ريشتر مقارنة قوة الزلازل اعتمادا على المطالات المقاسة المسجلة في تلك المحطات مع إدخال تصحيح ملائم للمسافة التي تفصل بين المحطة وقوة الزلزال، غير أن النتائج لم تكن مرضية.

وفي الوقت نفسه كان العالم الياباني كي ‌يو واداجي (عالم زلازل في مرصد الأرصاد الجوية المركزي في اليابان)، يعمل على مقارنة قوة الزلازل برسم الحركة الأرضية العظمى بدلالة المسافة عن مركز الزلزال السطحي، وحين حاول ريشتر إجراء مقارنة مشابهة بدا المدى بين المطالات الأصغر والأكبر كبيرا للغاية.

ومن ثمة، وبناء على اقتراح بينو غوتنبرغ (عالم زلازل أمريكي-ألماني) رسم ريشتر المطالات لوغاريتميا، فتوصّل إلى تصنيف قوة الزلازل بمطابقتها الواحد فوق الآخر، وتحريك منحنياتها المتوازية على الرسم أفقيا، وغدا بالإمكان تشكيل منحنى وسطي نموذجي، وتمييز الأحداث المستقلة باستخدام الفروقات اللوغاريتمية الإفرادية على المنحنى النموذجي، وغدت مجموعة هذه الفروقات مسجّلة عدديا على سلم المقياس الآلي الجديد، الذي اشتهر في ما بعد باسم مقياس ريشتر.

ويختلف مقياس ريشتر عن مقياس ميركالي الذي اخترعه العالم الإيطالي جوسيب ميركالي (1850-1914)، الذي يعتمد في قياس الزلازل على قوة تأثير الاهتزاز ومستوى الأضرار التي يخلفها وفق سلم تتراوح درجاته بين 1 و12 درجة.

كيف يعمل مقياس ريشتر؟

يقوم مقياس ريشتر على نظام رقمي لوغاريتمي، ويعتمد في تحديد قوة الزلازل على الجانب الكمي وعلى مقدار الطاقة المنبعثة من مركز الزلزال، وقد أخذ عليه عدم تفريقه بدقة بين الزلازل المتقاربة.

ويتدرّج المقياس من درجة واحدة إلى عشر درجات من الناحية النظرية، لكنه من الناحية العملية يمكن أن يصل إلى أكثر من ذلك، فهو عبارة عن سلم مفتوح، رغم أنه لم تسجل عشر درجات على هذا المقياس في تاريخ الزلازل.

ويتفاوت إحساس البشر بدرجات الزلازل طبقا لمستواها على مقياس ريشتر، فبينما لا يشعر الإنسان عادة بالدرجتين الأولى والثانية، فإنه يحسّ بالزلازل وتأثيرها إذا وصلت إلى درجة 3 فما فوق، أما الزلازل التي تفوق الدرجة السابعة فهي غالبا زلازل مدمّرة.

وتسجّل قوة الزلزال عبر أجهزة الرصد التي تقوم الدول بتثبيتها في أجزاء مختلفة من أراضيها، وتكون مرتبطة بشبكات الاتصال والأقمار الاصطناعية، كما توجد في الوقت ذاته مراكز دولية لقياس الزلازل اعتمادا على مقياس ريشتر.

ويتمّ حساب درجة الزلزال عادة بمؤشر يقدّر مقياسه من 1 إلى 10، فعندما تبلغ درجة الزلزال من 1 إلى 4 لا يحدث أيّ شيء فقط سوى الشعور به.

لكن في حال تراوح مقياس الزلزال بين 4 و6 فيعدّ متوسطا يسبّب أضرارا في المنازل والإقامات، في حين يكون الزلزال قويا ويسبّب ضررا كبيرا، إذ ينتج عنه تدمير مدينة بأكملها عندما يبلغ مقياسه من 7 إلى 10.

ويقيس العلماء قوة الزلازل وفق مقياس ريشتر المقسّم إلى تسع درجات. والإنسان في العادة لا يشعر بالدرجتين الأولى والثانية، لكن يبدأ شعوره بالهزة الأرضية إذا بلغ مؤشر مقياس ريشتر ثلاث درجات.

ولتقريب معنى ثلاث درجات يسوق العلماء المثال التالي: يمكن للإنسان العادي أن يشعر بهزة أرضية إذا تعرّضت المنطقة التي يوجد فيها لتفجير كمية من مادة “تي إن تي” تبلغ 180 كغ، وربما يخيّل لبعض الناس أن الهزة التي تبلغ ثلاث درجات على مقياس ريشتر بسيطة، لكن الأمر يختلف إذا علم أن هذه الدرجات الثلاث تعادل في قوتها ما تحدثه كمية من متفجرات الـ”تي إن تي” تبلغ 20 مليون طنا.