"ما فيباليش" حملة لإنارة درب الأمهات في تونس
tunigate post cover
لايف ستايل

"ما فيباليش" حملة لإنارة درب الأمهات في تونس

جمعية دار الأمومة تسعى إلى توفير مساحات أكبر افتراضيا وواقعيا لدعم حقوق الأمهات والآباء في تونس
2022-11-23 13:33

سمية المرزوقي

“شعرت بانزعاج كبير منذ بداية الحمل، ولم أكن أتصوّر أن فترة الوحم ستكون من الصعوبة بمكان، ثم سرعان ما تفاقم الأمر عند إجراء الولادة القيصرية ثم تلتها الرضاعة”.

لم يكن حمل آمنة النيفر تجربة مريحة إذ غلب عليها القلق والانزعاج لغياب الإحاطة وشحّ المعلومات عن مراحل الحمل والولادة إلى ما بعد الرضاعة.

تقول آمنة، رئيسة جمعية “دار الأمومة” لبوابة تونس: “كنت أشعر بأنني وحيدة في عالم الأمومة، وكان الجميع من حولي يكرّرون على مسامعي أنني سأنسى، وأن كل شيء سيمر على ما يرام… لكنني لم أنس. لو كنت أعلم وأملك المعلومة لكان الوضع أفضل بكثير ممّا مضى، ولكنت أكثر ارتياحا خلال فترة الحمل والإنجاب”.

أمهات كثيرات مثل آمنة يشتكين من قلة المعلومات وتضاربها ما يزيد الأمر تعقيدا وضبابية أمامهنّ.

في ظل الافتقاد لمراكز اتصال أو استشارات طبية، تجد الحاملات أنفسهنّ أمام شبكة الانترنت وروايات الصديقات والأهل، التي لا توفّر في مجملها المعلومة العلمية الدقيقة وقد لا تنطبق بالضرورة على جميع الحالات.

واجهت آمنة  الموروث نفسه والتخبط في البحث عن المعلومات، وبانفتاحها على الحديث مع أمهات أخريات تفاجأت بأنهنّ قد مررن بالمعاناة نفسها.

ومن هنا نشأت فكرة جمعية “دار الأمومة” بتونس وحملة “لم أكن أعلم” (ما فيباليش)، التي ترتكز أساسا على ضمان الحق في ما يكفي من المعلومات.

جمعية “دار الأمومة”

تأسّست جمعية “دار الأمومة” في صائفة 2022، وهي تهدف إلى تأسيس بيئة إيجابية تدعم الأمومة والأبوة الصحيتين قبل الولادة وبعدها.

وتعمل الجمعية -وفق بيانها التعريفي- على محاربة العنف الجسدي والنفسي الذي تتعرّض له الأمهات، وتساهم في دعمهنّ والإحاطة بالآباء، كما تعمل جنبا إلى جنب مع المنظمات الوطنية والدولية على تعزيز الحقوق المتعلقة بالأمومة والأبوة.

تقول آمنة: “نحن مجموعة مكونة من أربع أمهات كانت لنا تجارب مختلفة، لكن يجمعنا عنصر مشترك خلال فترة حملنا، وهو نقص المعلومة”.

لذلك تحاول الجمعية أيضا محاربة هذا الشحّ في المعلومات، وكان أول نشاطاتها إطلاق حملة تحسيسية عبر وسم #ma_fibelich “لم أكن أعلم” على صفحتها الرسمية على فيسبوك.

وتجمع الحملة شهادات النساء بشأن تجربة الحمل والولادة وفترة النفاس، وتهدف إلى خلق مساحة للنقاش تساعد النساء على التحرّر من الصور النمطية المتعلقة بالأمومة.

لاقت الحملة استحسانا وعبّرت رئيسة الجمعية عن تفاجئها الكبير من “تفاعل النساء مع الوسم عبر سرد قصصهنّ وتجاربهنّ”.

ومن بين الشهادات التي تلقتها الجمعية قصة سهى التي عانت من آلام حادة في الظهر، وعدم القدرة على الوقوف جراء إرضاع طفلتها في وضعية جلوس غير مريحة طوال ساعات.

كتبت سهى في شهادتها: “كنت صغيرة السن حينها: ولم أكن على علم بوجود وضعيات سليمة تمكّنني من الحفاظ على سلامة ظهري”.

وحتى لا تتكرّر تجربتها مع أخريات تنصح سهى بضرورة “الاطلاع على كل المعلومات التي تساعد الحامل على الاستعداد نفسيا وبدنيا وماديا، قبل الانغماس في دوّامة الألم والإرهاق”.

ثم في خطوة أخرى، قرّرت المشرفات على الجمعية الخروج من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع عبر تنظيم لقاءات ميدانية أسبوعية في عدد من الجهات. وكان اللقاء الأول في مدينة جبنيانة من ولاية صفاقس (جنوب تونس)، بالتعاون مع مكتب اتحاد المرأة في المدينة، وبمشاركة عشرات الأمهات العاملات في قطاع الفلاحة، اللّاتي قدّمن تجاربهنّ مع الحمل والولادة والرضاعة، وما رافق ذلك من متاعب جسدية ونفسية.

لأجل أمومة متوازنة

أشارت دراسة نشرها مركز “بيوميد سنترال للحمل والولادة” إلى أن توفير المعلومات اللازمة يساعد النساء على فهم ما يحدث لهنّ.

ووفق الدراسة، تسعى النساء الحوامل إلى الحصول على معلومات ليشعرن بمزيد من الثقة والراحة في تواصلهنّ مع مقدمي الرعاية الصحية، ولاتخاذ القرارات أثناء فترة ما بعد الولادة ولإعداد أنفسهنّ لتحمّل مسؤوليات الأمومة.

وبالتالي فإن الحصول على المعلومات الكافية يُساعد على تقليل التوتّر والقلق وتوفير الدعم وتعزيز احترام الذات. في حين أن المعلومات غير الكافية -سواء كانت محدودة أو متناقضة أو خاطئة- ترتبط بفقدان السيطرة والمشاركة المحدودة في صنع القرار.

ويؤكّد الباحثون أن عدم تلبية احتياجات النساء من المعلومات أثناء الحمل يمكن أن يزيد من مخاوفهنّ وقلقهنّ، مما يخلق عزلة.

وحرصا على أمومة متوازنة وسليمة للأم ورضيعها قبل الولادة وبعدها، أصدرت منظمة الصحة العالمية في مارس/آذار 2022 أول مبادئ توجيهية عالمية لها على الإطلاق بشأن دعم النساء والمواليد في فترة ما بعد الولادة؛ أي الأسابيع الستة الأولى بعد الولادة، وهي فترة حرجة لضمان بقاء المولود والأم على قيد الحياة ودعم النماء الصحي للطفل، فضلا عن سلامة الأم وتعافيها إجمالا من الناحيتين البدنية والنفسية.

وقد كشفت المنظمة أن أكثر من 3 من كل 10 نساء وأطفال، في العالم، لا يحصلون حاليا على رعاية ما بعد الولادة.

ولفتت إلى أن عواقب الولادة على الصحة البدنية والعاطفية  -التي تتراوح بين الإصابات والألم والصدمات المتكرّرة- قد تصبح موهنة إذا تُركت دون تدبير علاجي.

وقال الدكتور أنشو بانيرجي، مدير شؤون صحة الأم والوليد والطفل والمراهق ومرحلة الشيخوخة في المنظمة: “إنّ الحاجة إلى توفير رعاية عالية الجودة للأم والوليد لا تزول بمجرد ولادة الطفل، بل إن ولادة الطفل لحظة تُغيّر وجه الحياة، وهي لحظة مرتبطة بالحب والأمل والإثارة، لكنها قد تسبّب أيضا توترا وقلقا غير مسبوقين”.

ويسترسل: “يحتاج الوالدان في هذه الحالة إلى نُظم متينة للرعاية الصحية والدعم، لاسيما النساء اللّواتي غالبا ما تُهمل احتياجاتهنّ بعد ولادة الطفل”.

تونس#
صحة#

عناوين أخرى